العدد 1681 - الجمعة 13 أبريل 2007م الموافق 25 ربيع الاول 1428هـ

امتحان القدرات... الحل والمشكلة في آنٍ واحد

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عانت جامعة البحرين في الآونة الأخيرة من مشكلة مع الطلاب لم تعط حقها الكافي من المعالجة والاهتمام على رغم أهميتها، وبدأت واقعا مع بداية كلية التعليم التطبيقي وأعتقد بأنها ستستمر باستمرارها، وتكمن حقيقة المشكلة في انخفاض معدلات عدد كبير من الطلبة وبطبيعة الحال يعكس تدني مستواهم التحصيلي إلى عدم مقدرتهم الحقيقية على مواصلة الحياة الجامعية أو أن التخصص الذي يدرسون فيه لا يتناسب وحجم إمكاناتهم، ما اضطرها إلى فصل مجموعة منهم لاسيما الطلاب الذين تقل معدلاتهم عن 2 من أصل 4 في مختلف التخصصات.

فكرت الجامعة مليا في إيجاد حلول للطلاب متدني التحصيل بدلا من فصلهم، بعد أن حمل الطالب وقتها ما حمل من أخطاء ومسئوليات تجاه المستوى المتدني الذي وصل إليه، وتوصلت في الأخير إلى أن التخصصات التي يحول فيها الطلاب وفق رغباتهم لا تعكس بالضرورة مدى قدرتهم على النجاح فيها لعدم توفر الإمكانات والمقومات الحقيقية للنجاح ومواصلة الدراسة الجامعية إذا كانت سياسية القبول آنذاك تعتمد بالدرجة الأساس على رغبات الطلاب لا وفق آليات تعتمد على الاختبارات أو غيرها من أدوات، إلى أن توصلت إلى حل للمشكلة يكمن في مرحلتين اثنتين الأولى بالنسبة إلى الطلاب المسجلين أصلا في الجامعة والتي من المقرر فصلهم نتيجة ضعف أدائهم ويتضح بجلاء من خلال معدلهم التراكمي (أقل من 2 تقرر) حينها تحويلهم إلى كلية العلوم التطبيقية رأفة من الجامعة بهم؛ حتى لا يتعرضون للفصل وبالتالي إضاعة الفرصة أمامهم لإتمام دراستهم الجامعية ويعد بذلك خطوة إيجابية من الجامعة وحرصها الأكيد على رسم مستقبل أفضل لطلابها، الحل الآخر يكمن في امتحان القدرات الذي تم استيراده حديثا من الشقيقة السعودية والذي يعد بمثابة البوصلة المستخدمة التي تشير إلى مدى توفر الإمكانات لدى الطالب والتي توفر له فرص نجاح وبالتالي تحدد مساره.

طبعا لسنا ضد أن يكون للجامعة معايير والآليات تستند عليها وفي ضوئها يتم قبول الطالب ووضعه في التخصص المحدد، فكل الجامعات لها الحق في ذلك وليس ببدعة، ولكننا لعلنا لا نتفق معها في أن تستخدم الطلاب كحقول تجارب لمعاييرها وبالتالي المراهنة على مستقبلهم التعليمي والمهني في خط متوازٍ، وما يؤخذ على الجامعة أنها تعتقد بأن امتحان القدرات سيكون مفتاح الحل والعصا السحرية للمشكلة المطروحة والتي تعاني منها ويعاني منها الطلاب أنفسهم، فأول الإرهاصات التي عاشتها الجامعة وعاشها المجتمع بأسره هذا العام عندما اتضحت النتيجة أن 68 في المئة من طلاب الثانوية العامة سيحولون إلى كلية التعليم التطبيقي بحسب نتائج امتحان القدرات التي استعانت به الجامعة، فالأمر لا يبدو أنه سيتوقف عند ذلك الحد بل إن هناك رهانا كبيرا مطروحا يحمل هذه الفرضية، فإذا كان الأمر كذلك وكما تراه الجامعة ستنتهي حينها مشكلة تدني المعدلات التراكمية وستقل أو ستختفي حينها أعداد الطلاب ضعاف التحصيل والمعرضون إلى الفصل، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك فقد وقعنا في فخ أكبر لا يمكن لملمته للاعتبارات الآتية: حرمنا الطالب أولا من اختيار التخصص الذي يرغب في دراسته وفق رغباته وميوله واهتمامه في بداية مشواره الدراسي، وعرضناه إلى امتحان غريب عليه هكذا ومن دون سابق إنذار ولم يهيأ له أو يدرب عليه، وعلى رغم أنه والاحتمال مفتوح طبعا أن الاختبار قد لا ينجح بالضرورة في عكس قدراته التي يمتاز بها وبالتالي قد نخطأ مجددا في وضع الطالب في تخصص لا يتناسب مع إمكاناته، وبناء عليه رسمنا له مستقبلا مختلفا عما كان يحلم به أولا، ولا يتوافق مع رؤاه الخاصة ثانيا وأخذناه إلى المجهول حيث الضباب المتراكم ثالثا، لا بل قد نكون قد دفعنا بالطالب إلى فشل آخر ما بعده فشل بتدني معدله التراكمي وعدم نجاحه، وقد نعرضه من جديد إلى تحدي الطرد من الجامعة في أية لحظة وقتها لا يمكن الاعتراف بأننا نحن من تسببنا بذلك وكانت الأدوات التي استخدمت مدانة هي الأخرى وكعادتنا نلقي باللوم والعتاب على الطلاب باعتبارهم المتسببين بلا أعذار وعليهم تحمل التبعات.

ولكن بنظرة موضوعية نجد أنه لا امتحان القدرات عمل مفعوله السحري في وضع الطالب في مكانه المناسب والتي سعت الجامعة من خلاله إلى تحقيق ذلك الهدف، ولا رغبات الطالب شفعت له في ضمان نجاحه الأكاديمي، وهذا ما كان معمولا به في السابق، وأصبح الطالب يدور في كل الاتجاهات في آنٍ واحد. ومن خلال متابعتنا للملف يتضح أن الدفعة الأولى من خريجي البرنامج سيتخرجون في شهر يونيو/ حزيران المقبل بعدها ستنتقل الجامعة إلى مرحلة أخرى هي مرحلة تقييم البرنامج ومستويات الطلاب في الوقت التي زادت فيه أعداد الطلبة المقبولين في التخصص ذاته بشكل رهيب والأرقام تؤكد أن ثلثي الطلاب المقبولين لهذا العام تم قبولهم في كلية التعليم التطبيقي، من دون تقييم مسبق للبرنامج وكان الأولى أن تخرج الجامعة دفعة أولى، وتقيم البرنامج بعدها وفي ضوء النتائج والتوصيات تتم زيادة أعداد المقبولين أو حتى تقليلها لا العكس.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1681 - الجمعة 13 أبريل 2007م الموافق 25 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً