العدد 1753 - الأحد 24 يونيو 2007م الموافق 08 جمادى الآخرة 1428هـ

يا وطني المذبوح عذرا!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

في عموده يوم الأربعاء الماضي، وفي الجملة الأخيرة منه تحديدا، أشار رئيس التحرير الأخ منصور الجمري إلى شجن شعبي عربي محتدم داخل النفوس حينما قال: «فلقد خسرنا فلسطين، ونكاد نخسر العراق، هذا بالإضافة إلى ما يجري في أجزاء أخرى من وطننا العربي، في لبنان وفي السودان وفي اليمن والصومال، وفي غيرها من المناطق التي تستحق حياة أفضل من الأوضاع القاسية التي تمر بها أمتنا الآن».

نعم خسرنا فلسطين، وما القتال الدائر الذي يحصد دماء أهلنا في فلسطين إلاّ مؤشر على الخسران المبين. إذ تمادت الزمرة المدعومة من أميركا والكيان الصهيوني، والمنقلبين على السلطة الشرعية لحركة «حماس»، في الولوغ في دماء أبناء فلسطين، وتعريض الوطن للذبح مرة أخرى على أيدي الخونة والعملاء ومن ورائهم العقل الصهيوني/ الأميركي، بل والتآمر الدولي الذي يمارس في الأمم المتحدة.

عقيدة الشر والزمرة الشريرة التي تقود الولايات المتحدة الأميركية والعالم الغربي، والتي تحمي الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، هي ذاتها التي تقود سياسة الذبح للقطر العراقي الشقيق، بعد احتلاله ثم تمزيقه أشلاء متناثرة وكنتونات طائفية متطاحنة، وتبرير كل قطرة دم تسال على أرضه بـ «ملاحقة القاعدة والإرهابيين الصداميين وفلول البعث»! فأي عبث هذا؟!

ولبنان أيضا، الذي لا يُراد له أن يكون إلاّ مسرحا للسيطرة وبسط النفوذ، وورقة ابتزاز على المسرح الإقليمي والدولي. تارة باسم الحقيقة، وأخرى باسم ملاحقة حركة أو منظمة؟ أليس أهل لبنان هم أدرى بالمعاناة والضيم الذي يئنون تحت وطأته، فلماذا التدخلات الأجنبية؟!

وفي السودان قامت قيامة أميركا والغرب لدواع لن تزيد كذبا على دعاوى «سلوم» الذي لم يزد في الإسلام خردلة ولا النصارى (وبعض المسلمين) «دروا بإسلام سلوم»، على هذا المنوال وعلى منوال كذبات كولن باول بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي شهد العالم الغربي شهادة زور وبهتان في الأمم المتحدة عليها، قاموا بالدندنة حول دارفور والمسألة العرقية، وكأن الأعراق والطوائف والأقليات لن تنقذها إلا صواريخ توم هوك والقنابل الانشطارية والحارقة التي صبّوها من قبل على العراق صبا يوم سبي العراق!

ويلوح في الأفق ما يعانيه أهلنا وساس أصلنا في اليمن السعيد (سابقا)، من تفرد وانفراد بالسلطة والإدارة والثروة، من قبل زمرة مكّنت لها إدارة الشر في أميركا أشد التمكين من خلال المساعدات غير المنقطعة على تلك الإدارة الفاسدة، ناهيك عن تناوش جنوبه من قبل دول الإقليم!

أما الصومال، وبعد أن جرّت أميركا خلفها خزي الجريمة وولّت هاربة في عملية «إعادة الأمل»، وبعد تلطيخ سمعتها وتمريغ أنفها في الرمال الصومالية، ها هي تعود مطلة بذات الوجه القبيح ولكن بدعاوى أخرى. وبعد أن تركوه أكثر ما يزيد على عقد من الزمن ها هم يعودون إليه؛ عودة المنتقم ولكن بأيدٍ عربية، ويا للأسف!

ما أورده الأخ منصور أثار بداخلي اللحن العراقي الحزين، والذي تتقاطع سكاكين التجزيء والتقسيم والتطييف على جسده... فلكل قطر جماعة ولكل جماعة قطعة، ولكل قطعة طائفة، ولكل طائفة بقعة ولكل بقعة قبيلة ولكل قبيلة عصبة، ولكل عصبة مجموعة، ولكل مجموعة أسرة، ولكل أسرة أفراد، ولكل فرد لقمة؛ لا تجرح بلعومه حتى يتم تقطيعها على بقية الأفراد في الأسرة... ويصبح لكل فرد وطنه الخاص؛ الذي يعنيه هو وحده ولا أحد سواه!

وجاءت (أميركا) لتسحق ما تبقى لدينا من قيم ومبادئ عربية وإسلامية، وتستبدل تلك الأمبراطورية الشريرة ثقافتها السائلة المادية، ثقافة الكولا ومكدونالد وبطولات رامبو وغيرها من رموز البيئة الثقافية الأميركية، بما لدينا قيم ومبادئ الشرف والعزة والكرامة. وصدق الفاروق عمر بن الخطاب (ر) حينما قال عن العرب: لا عز لنا إلا بالإسلام، وإن أردنا العزة بغيره أذلنا الله... وهكذا حال العرب حينما طلبوا العزة في غير الإسلام!

يا وطني المذبوح على مقصلة الحضارة عذرا، فمنّا الأنبياء والرسل ومنّا الدجّالون... وعذرا فمنّا الأبطال والشرفاء ومنّا الخوَنة والعملاء وبائعو الأوطان. عذرا يا وطن يا عربي، فما عاد هناك الوطن العربي، وما عادت لنا عروبة، أو قيم ومبادئ عربية... فيا وطني المذبوح عذرا!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1753 - الأحد 24 يونيو 2007م الموافق 08 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً