العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ

أسوار

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

أعلنت وزارة الداخلية يوم أمس أن عدد جرائم السرقات في البحرين انخفض بشكل كبير في العام 2006، إذ بلغ 535 جريمة، مقارنة بالعام 2001 البالغ عدد الجرائم فيه 5535 جريمة سرقة... وعلى رغم أن الوزارة لم تحدد نوعية المسروقات ولا الطريقة التي سرقت بها، ولا حتى الفئات التي قامت بها، فإن الخبر بحد ذاته يبشر بالخير، ويعطي المواطنين نوعا من الاطمئنان والشعور بالأمان بعد أن عاشوا لفترة قريبة في رعب، جراء ما كان يتداول بشكل يومي وعبر مختلف الوسائل من حوادث سطو وغيرها.

لكن، عند البحث بشيء من الفضول فيما ممكن أن يسرق في البلاد، لن نجد (بعيدا عن سرقات المصارف) ما يساوي شيئا ثمينا - عدا عند صاحبه- يستدعي أن نلتفت إليه ونقيم الدنيا ونقعدها، إذ غالبية الشعب لا تحتكم على «أموال قارون» ولا حتى على «حبيبات» منها، وإن احتكم بعضهم على اليسير، فمع ظروف الحياة الصعبة والديون والمتطلبات المعيشية وما يقابلها من ارتفاع أسعار وتدني أجور، «الثروة البسيطة» لا يمكن أن تبقى «ذخرا» للأبد. إذا، سرقات المواطنين البسطاء، وإن كانت تصيبنا وتصيبهم بمقتل، فإننا من الممكن أن نتجاوزها بالاصطبار والتحسب عند الله العلي العظيم... لكن هناك سرقات كبرى، من النادر أن يلتفت إليها أحد، أو يتجرأ على ذكرها... إنها سرقات الأراضي والمزارع... وحتى البحر، يسرق يوميا أمام أعيننا، ولا نجد من يحتسب تلك ضمن «جرائم السرقات» التي جندت «الداخلية» رجالها لإحصائها، بل والقضاء عليها!

بتنا نفتقد إلى الزرع، في حين هناك مزارع بمساحات هائلة محاطة بسور ولا «سور الصين العظيم» وممنوع حتى الاقتراب منها، تنظر إليها وتتحسر على مليون نخلة اشتهرت بها البحرين ولم يتبق منها إلا «هيكل» يجمل به الشوارع، وما إن يخضر ويطول حتى يعاد قلعه من جديد!

«الإسكان» تتذرع بعدم توافر الأراضي سواء للقسائم التي تتكفل هي ببنائها، أو التي تمنحها للمواطنين ليعمروها، في حين هناك مساحات من الأراضي تعادل ملاعب كرة قدم مجتمعة وهي غير مستغلة بتاتا، ولكنها أيضا مسورة وممنوع الاقتراب منها!

وإن آمنا وسلمنا بأن تلك الأراضي والمزارع بيعت فعلا وقبض ثمنها وأصبحت بذلك «أملاك خاصة» لا يجوز التعدي عليها، فهل البحر أيضا قابل للبيع والإيجار والاستملاك؟ ومثله «المهملات» الطبيعية، إذ بعد الكوارث التي تتعرض لها كل يوم لا يجوز لنا أبدا أن نظل نردد أنها «محميات» من قبل الدولة قبل المواطنين أنفسهم!

إن كانت «سرقة خيرات البلاد» خارج نطاق «جرائم السرقات»، فلا يمكننا استبعاد أن نصحو يوما، وإذا بالأسوار تطوق بيوتنا والشوارع والممرات التي نسير عليها، بل وحتى الشجرة التي نزين بها خارج منازلنا!

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً