العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ

«لو أن بيننا وبينهم جبلا من نار»

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

هناك مبادئ تحكم العلاقات البينية بين الأسرة الخليفية الحاكمة في البحرين ومختلف مكونات الشعب البحريني، أول تلك المبادئ التمسك بعروبة البحرين تحت حكم آل خليفة الكرام. وقد تكرر مشهد الاستفتاء، في غضون نصف قرن مرتين، الأولى قبل استقلال البحرين، حين الاستفتاء، والثانية في الميثاق. وفي كلتا الحالتين هناك قاطع مشترك، جامع بين السنة والشيعة والمكونات الأخرى، وكان واضحا وبلسان عربي فصيح، لا يفقهه المدعو «شريعتمداري»، وهو إن البحرين دولة عربية إسلامية تحت حكم آل خليفة.

الخبر المنقول عن المدعو «شريعتمداري» يشير إلى مزاج عام في الأوساط الثقافية الإيرانية، وما قاله «الرجل» يعلم تبعاته جيدا، خصوصا وهو يتمتع بمثل تلك المسئولية في الصحافة الإيرانية. وبما أنه فتح الجرح على آخره، فإن عليه (أي شريعتمداري) أن يفتح عينيه على وسعهما، أي فنجلتهما على الآخر، لكي يرى تلك المنظومة السياسية الذي يحيا في كنفها. وكيف أن هذا النظام يقود شعبه إلى الهاوية في منازلة ومعركة ليست لها أهداف غير تلك الأطماع التوسعية المتجددة، التي أظهرها «شريعتمداري» بشأن تبعية الجزر الثلاث والبحرين لإيران.

كان على المدعو «شريعتمداري» أن ينظر إلى تجاوزات النظام السياسي الذي يعيش تحت حرابه، تلك الحراب الشيفونية والعرقية والطائفية الفئوية الضيقة. وإن كان يتحدث عن الحريات فإن الأولى هما حرية الاعتقاد والتعبير، والتي كلفت المرجع الراحل آية الله السيد محمد الشيرازي وغيره من مراجع كرام، في حياتهم الإقصاء والإقامة الجبرية وحرق كتبهم وذر رمادها على دورهم. وفي مماته (أي السيد الشيرازي) تم دفن رفاته بعيدا عما كان يطلبه أتباعه، لكي لا يعرف محبوهم ومقلدوهم مكانهم؛ حتى بعد مماتهم!

وكان عليه أن يعالج وضع حقوق الإنسان في بلاده، وأن يستفتي الشعب العربي في البقعة المنسية (الأحواز)... والتي طالما طالب العرب هناك بالاستقلال الذاتي، والذين كانوا يعيشونه فترة طويلة إلى أن جثم المقبور «الشاه» بدباباته مدينة الحويزة، وغدر بحاكمها العربي الشيخ خزعل.

لم تكن تصريحات «شريعتمداري» إلا شذرات من المزاج العام السائد في إيران، والذي تفسح له الدولة المجال كاملا للاستشراء في أوساط المجتمع الإيراني، فإذا كان بوسع الدولة التضييق على مراجع كبار كالشيرازي وغيره؛ ألم يكن بإمكانها كبح جماح تلك الأقلام الملتوية؟! لم تكن غريبة تلك التصريحات أو تلك التي على شاكلتها من مثل «بحرين مال مو»، لكل من له علاقة أو معرفة بالتاريخ التوسعي لتلك الإمبراطورية... كما لم يكن غريبا أن من يعود من زيارة إيران أن يحمل معه ذكريات التعصب الشيفوني والتعالي على العرب!

في حين يعيش البحرينيون من أصول إيرانية، في البحرين، في طمأنينة وسلام، ويتبوؤن المناصب العليا في الدولة. ولعل الدليل الساطع على التسامح الديني والعرقي في البحرين هو تحدث البحرينيين من أصول إيرانية بلغتهم الأصلية وتمسكهم بها. هذا دليل على التسامح الموجود في البحرين والمعدوم في إيران لدى أهلنا العرب، سواء من أبناء عربستان (الأحوازيين) أم غيرهم! وبعد ذلك يتحدث هذا المدعو شريعتمداري عن «حقوق الإنسان»!

ترويج النظرة العنصرية، وإفساح المجال لتناميها من قبل الدولة في إيران، هي عصبية بغيضة لا علاقة لها بالإسلام. لذلك فإن قول عمر بن الخطاب (ر): «ليت الله لو جعل بيننا وبين فارس جبلا من نار»، هذا القول لم يأت من فراغ؛ بل جاء نظير علم ومعرفة بتاريخ الصراع السياسي والاجتماعي والأحلام التوسعية الكامنة لدى الساسة الإيرانيين، وهذا القول تنبؤ ثاقب بمآلات الأشياء ونتائجها.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً