العدد 1773 - السبت 14 يوليو 2007م الموافق 28 جمادى الآخرة 1428هـ

تعديل القوانين وإسقاط التأمين ضد التعطل

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في سنة 1986 صدر مرسوم بقانون رقم (20) تم على إثره تخفيض الاشتراكات في التأمينات الاجتماعية من 11 في المئة إلى 7 في المئة من أجر العامل بالنسبة لما يدفعه رب العمل فيما يتعلق بالتأمين على الشيخوخة والمرض والعجز، كذلك خُفّض ما يقتطع من راتب العامل إلى 5 في المئة من أجره بدلا من 7 في المئة، أما نسبة 3 في المئة التي تستقطع من رب العمل للتأمين على إصابات العمل فبقيت من دون تغيير، وبالتي أصبح مجموع الاشتراك 15 في المئة. أخيرا تم زيادة نسبة الاشتراكات فيما يخص الهيئة العامة للتأمينات إذ تم رفع نسبة ما يستقطع من راتب العامل من 5 في المئة إلى 6 في المئة ، وإذا كان التخفيض تطلب مرسوما بقانون، فإن هذه الزيادة لم تتطلب تعديلا على القانون سواء من خلال البرلمان أم بمرسوم بقانون لرفع نسبة ما يستقطع، بل صدر قرار من مجلس الوزراء في شهر أبريل/ نيسان لهذا العام تم العمل به ابتداء من شهر مايو/ أيار الماضي، وهذا يعني أن الحكومة مفوّضة بتعديل القانون أو بالأحرى تعديل المادة 33 منه والتي تنص على نسبة الاشتراكات المستقطعة من العامل ورب العمل من دون الرجوع للسلطة التشريعية، وهذا التفويض سببه المادة 16 من قانون التأمينات الاجتماعية الذي صدر بمرسوم سنة 1976، والتي تفوّض مجلس الوزراء رفع نسبة الاشتراكات.

وفي قرار مجلس الوزراء الآنف الذكر، سيتم رفع نسبة الاستقطاع على العمال في سنة 2009 إلى 7 في المئة، ومن غير المستبعد أن تقوم الحكومة في ظل هذا الصمت من المعارضة بتغيير هذا القرار وترفع نسبة الاشتراك وما يُقتطع من رواتب العمال، خصوصا مع تسريب أنباء تتحدث عن رفع الاستقطاع إلى 27 في المئة يدفعها العامل ورب العمل. وهذا غير مستبعد بالذات فيما يتعلق بصندوق التقاعد الذي سبق الهيئة العامة للتأمينات قبل ما يقارب السنتين في رفع نسبة ما يستقطع من العامل ورب العمل، خصوصا لاحتمال ازدياد أعداد من تم تحويلهم من عمال القطاع العام إلى التقاعد المبكر نظرا للسياسة الاقتصادية الجديدة. بعض هؤلاء تصل رواتبهم التقاعدية إلى أكثر من 70 في المئة من الراتب الأصلي بعد إضافة عشر سنوات إلى خدمتهم ورفع درجاتهم الوظيفية قبل التقاعد بفترة. وبذلك فإن الحكومة تحاول إنجاح خططها الاقتصادية المدعومة من بعض الكوادر الاقتصادية المحسوبة حاليا على المعارضة على حساب صندوق التقاعد الذي يتم استنزاف جزء منه بسبب التقاعد المبكر للموظفين الشباب، ومن ثم ولكي تتلافى مشكلات تتعلق بإفلاس صندوق التقاعد، قد ترفع الحكومة نسبة الاستقطاع مستقبلا، فيدفع العمال ضريبة سياسات لم يشاركوا في إقرارها.

النقطة المهمة فيما سبق، أن الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء مخوّلة تغيير مادة مهمة جدا في القانون من دون الرجوع للسلطة التشريعية، وحديثا تم تكرار هذا التفويض للحكومة بواسطة مجلس النواب الذي فوّضها تعديل قانون التأمين ضد التعطّل فيما يتعلق بتغيير نسبة الاشتراكات. وكما قام مجلس الوزراء برفع نسبة ما يستقطع من العمال وأرباب العمل بقرار وزاري فيما يتعلق بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، على النمط نفسه تماما، فإن نسبة الاشتراكات في قانون التأمين ضد التعطل والتي تنص بحسب المادة 6 أن يكون الاستقطاع على العامل 1 في المئة، يمكن للحكومة رفعها وذلك بالاستناد للمادة 8 بند (هـ ) التي تخوّل الحكومة رفع هذه النسبة من دون الرجوع للسلطة التشريعية. ولو قامت الحكومة مستقبلا برفع نسبة الاستقطاع لصندوق التأمين ضد التعطل إلى 2 في المئة استنادا للمادة 8 بند (هـ)، فهذا يعني أن المادة 6 والتي تنص في الأصل على أن الاستقطاع 1 في المئة قد تم تعديلها من دون الحاجة للسلطة التشريعية.

أما الإشكال الآخر، فإن نسبة الـ 1 في المئة المقتطعة من العمّال أيضا مرشحة وبقوة لترتفع خصوصا مع وجود مئات من المتقاعدين الشباب حاليا وأعدادهم مرشحة للتصاعد لتصبح آلاف، والذين يبحثون عن عمل لسد النقص في معاشهم التقاعدي حسب اعتراف مسئولين في وزارة العمل، إذ إنهم ممن يحق لهم الاستفادة من صندوق التأمين ضد التعطّل إلى أن يحصلوا على وظيفة تناسب مؤهلهم. ومادام احتمال ارتفاع نسبة الاستقطاع واردة بقوة، فإن الموقف من صندوق التأمين على التعطّل يتوقف على الموقف من الاستقطاع.

وينقسم الفرقاء بين مطالب بإلغاء ما يستقطع من العمّال خصوصا مع وجود ثغرات في الكثر من مواد القانون التي يرى البعض إمكان التلاعب في تطبيقه مستقبلا بتغيير الوجوه المسئولة عنه، ومن ينكر هذا الاحتمال عليه بما جرى لصندوق التقاعد وهيئة التأمينات. الخيار الآخر يكمن في البحث عن صيغة صارمة تمنع الحكومة من التصرّف في نسبة الاشتراكات إلاّ بالرجوع للسلطة التشريعية، بجانب إعفاء ذوي الدخل المحدود والمتوسط، فهؤلاء العمّال لا ذنب لهم في خلق مشكلة البطالة حتى يتحملوا وزر سياسة الحكومة الاقتصادية التي قادت لحصول هذه المشكلة، فهذه نتاج وضع الحكومة في يدها سلطة التشريع والتخطيط والتنفيذ لمدة أكثر من ثلاثة عقود تم فيها استبعاد الشعب وتهميش دوره. كذلك لا دور للعمال في السياسة الجديدة المدعومة من بعض المحسوبين على المعارضة والتي ستقود لمزيد من المتقاعدين الذين يستحقون المخصصات من صندوق التعطل. ولهذا على الحكومة وأرباب العمل الذين سمحت لهم القوانين بتقديم الأجنبي على المواطن تحمّل اشتراكات الضمان ضد التعطل ليدفعوا جزءا من الفوائد التي يجنونها بسبب توظيف الأجانب حتى مع وجود المواطن وبالكفاءة نفسها. وفي حال عدم القدرة على التعديل فإن تحرك المعارضة اتجاه الضغط لإلغاء المشروع لا يخلو من مبررات قوية.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1773 - السبت 14 يوليو 2007م الموافق 28 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً