العدد 1796 - الإثنين 06 أغسطس 2007م الموافق 22 رجب 1428هـ

عاصمة اللاءات

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

في قمة الخرطوم العام 1967 رفع العرب شعار: لا صلح مع «إسرائيل»، لا اعتراف بوجودها، ولا مفاوضات معها، حتى أن الخرطوم نفسها سميت بعاصمة «اللاءات الثلاث» التي توافق عليها العرب آنذاك، ثم ما لبثوا أن عادوا إلى «مفاوضات السلام»، ضاربين بلاءاتهم عرض الحائط.

هي سمة من سمات العرب المحدثين، العرب الذين ما اتفقوا يوما على كلمة واحدة، وإن اتفقوا سرعان ما يختلفون، لو مس الأمر مصالحهم الشخصية، وليت المقصود «كل» العرب لكانت فئة كبيرة على الأقل غلبت فئة قليلة، وإنما هي متعلقة بأولي الأمر من الحكام والسلطة التي تتحكم بمصائر الشعوب.

لو طبقنا مبدأ اللاءات تلك على البحرين، أظننا سنخرج بأكثر من ثلاث بكثير، بعضها قيلت جهارا ولايزال الشعب يرددها كونها مطالب عامة، وإن كان جزء منها يستهدف فئة دون أخرى، لاءات من نوع «لا للبطالة، لا للطائفية، لا للقضاء على المحميات الطبيعية، لا للمتنفذين، لا للفساد، لا للفقر، لا للذل، لا للسكن على أرصفة الشوارع... إلخ» من اللاءات التي لن يكون آخرها «لا للتجنيس العشوائي» و»لا لتدمير خليج توبلي».

في الأخير، سبق وأن صدرت القيادة السياسية توجيهاتها بحمايته، وتبعها ما صدر بالأمس عن سمو رئيس الوزراء بتطوير خليج توبلي ليكون مركز جذب سياحي، إضافة إلى توجيهات سموه سابقا ولاحقا بالاهتمام بالعاطلين، وخصوصا الجامعيين منهم.

توجيهات القيادة السياسية للمعنيين بالأمر في مختلف القضايا التي تمس الوطن والمواطنين، تثلج صدر الشعب وتعطيه الأمل بأن «اليوم الأجمل هو الذي لم نعشه بعد» وأنه قادم في القريب العاجل، لكن، يبدو أن كثيرا من تلك التوجيهات تقف عند المعنيين بمختلف مستوياتهم وتوجهاتهم من دون حراك ولا تفعيل على مستوى الواقع.

كثير من القضايا قبل الشعب بالتفاوض فيها متنازلا عن لاءاته. ففي قضية العاطلين مثلا، قبل بالمشروع الوطني للتوظيف ليفوق على كارثة رمي أوراق العاطلين في حاوية القمامة. وفي قضية السكن، أصدرت القيادة السياسية توجيهاتها بتوفير أرض لكل مواطن وحل مشكلة الإسكان وتعويض من تجاوزت فترة انتظاره 5 سنوات بما يسمى بـ «بدل السكن»، عوضا عن ترميم البيوت الآيلة إلى السقوط، ومع ذلك مازال المواطن يبث شكواه عبر مختلف الجهات، هذا مهدد بالطرد، وذاك بيته ضيق، وآخر هدموا بيته وظل كومة دمار، ومواطن لم يصرف له البدل لأن في الشروط ثغرات تسللت إليها الوزارة لتحرمه منه.

أما بالنسبة إلى خليج توبلي فقاربت قضيته إتمام الشهرين وهي في تعقيد مستمر، والجهات المعنية عاجزة حتى عن التعليق «المسكن للألم» فما بالك بالعلاج الفعال!

وفيما المواطن منشغل بلاءاته الأساسية، أتته اللاء التي قصمت ظهره، متمثلة في التجنيس، وهي القضية التي لم يصدر بشأنها أي قرار من أية جهة، حتى لو باب «تسكين الألم»، على رغم أن المشكلة لا تقف عند «المسمى» فقط، بقدر ما تتعداها إلى إضافة عدد من الأفراد إلى المواطنين ليشاركوهم في حاجات أساسية هم في الأساس محرومون منها والدولة عاجزة عن توفيرها لهم، وهي متطلبات للعيش بآدمية تكفلها كل الدساتير الدولية وليس دستور المملكة فقط!

المواطنون تنازلوا عن لاءات كثيرة وقبلوا التفاوض كما ذكرنا، ولكن إخلال المعنيين بشروط التفاوض جعل المواطنين يعاودون رفع لاءاتهم، فيما بقيت «لا للتجنيس» إلى الآن لم يلغها تفاوض، ولا قبل بشأنها حتى النقاش، وإن طرق بابها بعض النواب ولم يلقوا الترحيب اللازم. فهل تخلف المنامة الخرطوم لتصبح «عاصمة اللاءات»، كون لاءاتها مازالت تستصرخ الضمائر؟!

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1796 - الإثنين 06 أغسطس 2007م الموافق 22 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً