العدد 1808 - السبت 18 أغسطس 2007م الموافق 04 شعبان 1428هـ

الزيادة السنوية هذا العام أقل من 1 % ... ولا ندري إلى أين نسير؟!

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

بتاريخ 23-11-2006 نقلت وكالة أنباء البحرين تصريحا للرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، أشار فيه إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 8 في المئة. والنمو ما زال مستمرا منذ سنوات، ما يعني أن المستوى المعيشي للمواطنين قد تحسّن بنسبة كبيرة، بينما الواقع يصرخ بخلاف ذلك. الزيادة السنوية التي تقدمها الحكومة لموظفيها تبلغ سنويا 3 %، وكذلك تحذو حذوها بعض مؤسسات القطاع الخاص، وذلك من أجل إبقاء المستوى المعيشي كما هو من دون انخفاض حتى لا يتأثر بنسبة التضخم وارتفاع الأسعار المتواصل. ولكن في هذا العام، وبدلا من أن ينمو المستوى المعيشي للمواطن، فإن الأرقام تكشف بجلاء عن تراجعه، فضلا عن بقاء المستوى كما هو الحال في العام السابق. فالزيادة السنوية في الراتب التي تبلغ 3 % والتي يُفترض بها أن تغطي الزيادة في نسبة التضخم وارتفاع الأسعار، اقتطع منها 1 % للتأمين ضد التعطّل، و1 % زيادة في رسوم هيئة التأمينات الاجتماعية على العمال، فلم يبق له سوى 1 %. وبما أن نسبة الزيادة في التضخم ما لا يقل عن 3 % كما يرى بعض الاقتصاديين، وبالتالي فإن مستوى المعيشة يعتبر قد انخفض عن العام السابق.

وأما إذا افترضنا أن نسبة التضخم أكبر، وهو المتوقع كما يتضح من الارتفاع الجنوني وغير الطبيعي في الأسعار، فإن الطبقة الوسطى ستنتهي بعد عدّة أعوام إذا بقينا على المنوال نفسه. والمعروف أن استقرار الأوضاع السياسية، وخلو البلد من الاضطرابات، يتحقق إذا ما كانت الطبقة الوسطى تشكل الأكثرية بين قلة غنية في طرفها وقلة فقيرة في طرفها الثاني.المؤشرات كلها تدلل على أن الحكومة سائرة في اتجاه شد حجر المجاعة على بطون المواطنين، والتلويح المتكرر برفع الدعم عن السلع مؤشر على ذلك. بل هناك نية لرفع الدعم حتى عن الخدمات الأخرى كالكهرباء، والدليل تصريحات الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في المؤتمر السنوي الرابع للشباب في جامعة البحرين في الصخير من تاريخ 11 - 16 أغسطس/آب 2007، وذلك حين أشار إلى «أن 70 في المئة من الدعم الحكومي للكهرباء يذهب إلى أفراد لا يحتاجون إليه أصلا» (نقلا عن: جاسم حسين ، «الوسط»، 15أغسطس 2007،)، فهو إما يرى أن قلة من سكان البحرين من ذوي الدخل العالي يستهلكون 70 % من الكهرباء المنزلي، أو أنه يرى أن 70 % من الشعب قادرون على دفع فاتورة الكهرباء التي ستبلغ 80 دينارا شهريا تقريبا في حال رفع الدعم، هذا إذا افترضنا أن الفاتورة عادة تبلغ 20 دينارا في الشهر، وأقول ذلك بناء على تصريح وزير سابق لصحيفة محلية، بشأن نسبة ما تدفعه الحكومة من دعم، وما يدفعه المواطن من قيمة الفاتورة الحقيقية. وفي كلتا الحالتين هناك إشكال كبير، أي إذا كان الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، يقصد أن 70 % من سكان الوحدات السكنية من غير المستحقين لهذا الدعم، أو يقصد أن قلة من الشعب ممن لا يستحقون الدعم، يستهلكون 70 % من هذا الدعم. ففي الحالة الأولى، يعني أن 70 % من الشعب ذوي دخل عال، وهذا يكذّبه الواقع المدعوم بالأرقام بشأن اتساع رقعة الفقر، وفي الحالة الثانية، يعني أن هناك استحواذ على هذا الدعم من قبل الفئة القليلة ذات الدخول العالية، وهذا يعني وجود فساد أو خلل في عمل أجهزة الدولة المعنية أدت لهذا الوضع الخاطئ جدا منذ أمد بعيد. وحتى لا يختلط الأمر على أحد، فإن رسوم الكهرباء ليست موّحدة، فالتعرفة على الوحدة الكهربائية الخاصة بالمؤسسات التجارية والصناعية والشركات والفنادق... الخ يُفترض أنها غير مشمولة بالدعم، والمفهوم من تصريح الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية أن المقصود هي الوحدات السكنية التي يُفترض انحصار الدعم لها.

مثل تلك التصريحات تبعث على الخشية، والمطلوب من المجلس النيابي التحقق مما وراء هذه التصريحات، ومن السياسة الاقتصادية الجديدة، خصوصا وإن بعض المراسيم قد مررت ولم تعرض على المجلس كالمرسوم الذي صدر سنة 2002 الخاص بخصخصة القطاع العام، ولا نعلم جدوى تجربة عدّة سنوات، إذ لا يصح ترك الحبل على الغارب في مثل هذه القضايا التي تعتبر من جوهر العمل السياسي، وحتى لا تكون السياسة الجديدة طريق الهروب من المسئوليات الدستورية فيما يتعلق بضمان توفّر الخدمات للمواطنين، وذلك حين ترفع الحكومة في المستقبل الدعم عن الخدمات التي صارت في عهدة القطاع الخاص بحجة الموازنة مثلا، كما تحاول حاليا رفع الدعم عن السلع الثلاث (اللحم، الدجاج، الطحين).

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1808 - السبت 18 أغسطس 2007م الموافق 04 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً