العدد 1860 - الثلثاء 09 أكتوبر 2007م الموافق 27 رمضان 1428هـ

«المويلغة» و«الصداغة» و«بني»!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

«الصداغة»، «المويلغة»، «بني»، كلها أسماء فرجان في منطقة البلاد القديم كانت متداولة حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي تقريبا، وكان الأهالي لا يعرفون تلك المناطق إلا بهذه الأسماء، ومنذ ذلك الحين بدأت تنحسر تسمية تلك المناطق بأسمائها، وصار لها «اسم غير هذا» وأصبح الناس يسمون منطقة «المويلغة» بـ «شمال» و«الصداغة» بـ«جنوب» و «بني» بـ «شرق».

عشرون عاما مضت تقريبا على تبني أسماء غير الأسماء الأصلية للمناطق البلادية وحتى الآن لم أجد مبررا مقنعا إلى الانقلاب الأسود على تلك الأسماء وهل كان السبب في ذلك عدم استساغتها أم عدم فهمها ربما فالناس أعداء ما جهلوا؟! لذلك استعاضوا عنها بأسماء أخرى.

فيما أتذكر عندما كنا ندرس في مدرسة الخميس الابتدائية التي كان يدرس فيها كل طلبة البلاد القديم بمختلف فرجانهم، وكنا عندما نجتمع نتفاخر بأسماء فرجاننا تلك، ونحاول أن نجد لها تفسيرات مختلفة ربما غير واقعية ولكن كان ذلك بهدف التمسك بأسماء تلك المناطق فكان أهل «المويلغة» يقولون أن سبب تسمية فريجهم بهذا الاسم هو أن أهلها كانوا من علماء اللغة وكانت حينها تسمى بـ «أم اللغة» وحرف الاسم ليصبح «مويلغة»! وكان أهل «الصداغة» يقولون أن سبب تسمية «الصداغة» هو أن فيها رجل عظيم يدعى «سيد آغا» وكان ذلك الفريق يسمى باسمه فحرف إلى أن سمي «الصداغة» وهكذا كنا نتفاخر مازحين إلا أن سبب ذلك راجع إلى انتماء غير محسوس بتلك المناطق.

أعتقد جازما أن تلك الأسماء هي جزء من الموروث الثقافي لمنطقة البلاد القديم، ولا مبرر للتخلص من هذا الموروث الذي يدل على عراقة وقدم هذه الفرجان خصوصا وأن تاريخ البلاد القديم قديم قدم البحرين، فهي كانت العاصمة واستمرت كذلك حتى مجيء البرتغاليين في العام 1522م إذ نقلوا العاصمة من البلاد القديم إلى المنامة.

هذه المنطقة التي لم يعرف التاريخ لها اسم آخر غير البلاد القديم، لا يجوز التفريط في أي من موروثها الثقافي وإن لم يكن هذا الموروث مفهوما اليوم فسيكون مفهوما غدا، فالماضي حتى وإن جهل تفسير معانيه أبناء الحاضر فهو أيضا جزء أصيل من تاريخ أي مجتمع له تاريخ، والمجتمعات الإنسانية لا تفرط في جزء منه، لذلك تجد الكثير من الشعوب تبذل المليارات من أجل توثيق تاريخها وتراثها الماضي، ومن أجل الحفاظ عليه، لأنه لابد وأن يعني شيئا ما، وكل جزئية منه تدل على أمر ما.

للأسف أنه وعلى ما يبدو أن هذا الانقلاب على الأسماء القديمة لم يحصل في البلاد القديم فقط بل حصل في مناطق عدة، فالجهات الأربع أصبحت تطلق على كثير من فرجان القرى، وذابت الأسماء الأصلية لتلك الفرجان التي كان يفوح منها عبق الماضي، وأصبحت نسيا منسيا وكأنها وصمة عار على أهل تلك المناطق حتى هب الغيورون منهم للنجدة وفجروا ينابيع إبداعهم ليتمخض هذا الإبداع الفذ عن أسماء جديدة لا تخرج عن مربع الجهات الأربع!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1860 - الثلثاء 09 أكتوبر 2007م الموافق 27 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً