العدد 1879 - الأحد 28 أكتوبر 2007م الموافق 16 شوال 1428هـ

سوء التوزيع... الفساد مجددا

علي الفردان ali.alfardan [at] alwasatnews.com

يبدو أن المشكلة التي تطرح دائما بمناسبة احتفال العالم باليوم العالمي لمكافحة الفقر، أو عند الحديث عن أية مشكلة اجتماعية او اقتصادية سواء في البحرين أو دول العالم الأخرى، هي قضية الفساد، فيجب ألا ننكر أن هناك مشكلة فساد توجد لدينا في المملكة تنخر في الجسد الاجتماعي والاقتصادي المتهالك.

ومشكلة الفساد لا ترتبط بالاختلاسات فقط أو نهب الأموال العامة وسوء الإدارة، ولكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فالمحسوبية والواسطة وغياب المساواة بين أفراد الشعب الواحد يؤدي طبعا إلى خلق فروقات جوهرية بين المواطنين ويوجد طبقات متباينة كثيرا.

وأكثر ما أخشاه أن يكون تركز الأموال لدى شريحة وأناس محدودين في البحرين، فيما تعيش شريحة أخرى تحت فقر مدقع، في صورة تتسم بالتناقض المؤلم جدا، في دولة يجب ألا يكون فيها أحد فقيرا... أن يكون ذلك ناتجا عن سوء توزيع الثروة.

وبحسب آراء اقتصاديين، فإن انتشار الفساد يحد من قدرة الحكومة في أي بلد على توزيع عادل للثروة، ومن أكثر الصور شيوعا ووضوحا لأي زائر للبحرين، تركز أملاك الأراضي لدى فئة بسيطة من الناس، فيما لا يستطيع مواطن دخله مرتفع نوعا ما شراء قطعة أرض صغيره جدا في منطقة عادية جدا، في الوقت الذي يصف فيه رئيس تنفيذي في شركة عقارات أسعار الأراضي في البحرين بأنها خيالية وغير حقيقية... إنها شكل ساطع الوضوح من صور تركز الثروة وعدم توزيعها على المواطنين بعدل.

ولعل ما يكرس سوء توزيع الثروة في البلاد، التمييز في التوظيف، وهي مشكلة لا أعتقد أن أي أحد في البحرين يستطيع إنكارها، فمن غير المعقول أن يكون حملة الشهادات الجامعية عاطلين عن العمل، فيما ترى بعض المواطنين وغير المواطنين على حد سواء من غير حملة المؤهلات يتنقلون من وظيفة إلى وظيفة بأفضل الأجور!... هذا لا يعني أننا لا نرغب في حصول الجميع على لقمة العيش، ولكننا لسنا في دولة اشتراكية تختل فيها الموازين، ولا تصبح فيها للفروقات الفردية في المقدرة العلمية والخبرة أي اعتبار.

ومن صور سوء توزيع الثروة، وأهم ثروة هي العلم طبعا، فالبعض يقول إن المنح الدراسية والبعثات للخارج تتركز على فئة الأغنياء، في الوقت الذي من المفترض أن تمنح الحكومة فرصة أكثر للفقراء، ولو لعدد مناسب منهم لتلقي العلم في الخارج، لكي لا تكون هناك فروقات ثقافية وعلمية بين فئة الأغنياء والفقراء، التي سينتج عنها لا محالة مشكلة سوء توزيع للثروة، على اعتبار أن المتعلمين سيحصلون على فرص أفضل للتوظيف (في النظام العادل) مقارنة بالأقل تعليما.

الفقر آفة العصر، وإذا ما شعر الناس بأنهم لا ينالون الفرص ذاتها التي ينالها غيرهم، سيشعرون حتما بالظلم في أي مكان وزمان، وستترتب على ذلك آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة، ناتجة عن عيش فئة كبيرة في الفقر، وتمتع فئة أخرى بالخيرات.

إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"

العدد 1879 - الأحد 28 أكتوبر 2007م الموافق 16 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً