العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ

لماذا نهاجم الاتفاق بين الوفاق والأصالة؟

عزت عبدالنبي comments [at] alwasatnews.com

تعددت الآراء والاجتهادات بشأن تفسير ميثاق التعاون الموقع بين كتلتي الوفاق والأصالة بمجلس النواب بتاريخ 30أكتوبر/تشرين الأول 2007، وربما كان لمفاجأة أو صدمة نشر هذا الاتفاق تأثير كبير في محاولة البعض تضخيم نتائجه والتهويل من آثاره إلى حد القول بأنه قد يكون اتفاقا مصلحيا على حساب الوطن ومصالح الشعب وانتهاء البعض الآخر إلى القول بأن الاتفاق قد يمس قناعات شرعية أو سياسية يحتمل أن تترك آثارها المتعارضة مع الصدقية الإيمانية لأطراف الاتفاق.

مضمون الاتفاق

إن مضمون الاتفاق بين كتلتي الوفاق والأصالة بمجلس النواب انحصر في قضية إجرائية واحدة هي دعم كل منهما للأخرى في تفعيل الأدوات البرلمانية التي تم تحديدها في لجان التحقيق والاستجواب والجلسات الاستثنائية أي عدم تعطيل نظر إحدى هذه الأدوات لمجرد تقديمها من الكتلة الأخرى، ولم يتناول الاتفاق النتائج التي تسفر عنها مناقشات الأداة البرلمانية، بمعنى أن لأعضاء الكتلتين التعبير عن آرائهم في هذه النتائج بكل حرية ومن دون أي التزام تجاه الكتلة الأخرى، فقد تعارض كتلة الأصالة النتائج التي تتوصل إليها لجنة التحقيق المشكلة من المجلس في موضوع معين بينما تؤيد كتلة الوفاق هذه النتائج ومن خلال الحوار والنقاش الواعي والموضوعي يتوصل المجلس باتفاق غالبية أعضائه إلى قرار بشأن نتائج أعمال لجنة التحقيق.

التحليلات الخاطئة

هكذا يتبين أن الاتفاق بين كتلتي الوفاق والأصالة هو اتفاق إجرائي بشأن قضية محددة هي تفعيل الأدوات البرلمانية من دون إعاقة، ولا يشمل هذا الاتفاق مضمون ونتائج استخدام الأداة البرلمانية.

من هنا فإن القول بأن هذا الاتفاق لن يستمر لأنه لا يتضمن رؤية استراتيجية أو تكتيكية يحمل الاتفاق فوق ما يحتمل محتواه، ذلك أن الاتفاق بشأن القضايا الموضوعية هو الذي يتطلب مثل هذه الرؤية الاستراتيجية أو التكتيكية وهو أمر لم يتم الاتفاق عليه، وليس في الاتفاق خدعة أو سوء نية من جانب كتلة ضد أخرى ذلك أن تفعيل الأدوات البرلمانية يجب أن يكون محل اتفاق بين جميع أعضاء وكتل مجلس النواب سعيا منهم لتفعيل الأداء البرلماني، كما أن التحالف بين الكتل البرلمانية أمر معروف ومستقر على العمل به وهو ما أيده بعض الكتاب بالقول إن مبدأ التحالف بين الكتل البرلمانية وسيلة مشروعة باعتبار أن هناك الكثير من المصالح المشتركة بين الكتل السياسية بصرف النظر عن توجهاتها، وقال البعض الآخر إنه من المقبول سياسيا الاتفاق على التنسيق بين الكتل البرلمانية أو بين بعضها والحكومة.

التخوف الرئيسي

يبدو أن الأمر حتى الآن لم يكن يتطلب كل هذه المشاحنات الفكرية إلا أن رأيا آخر عبر عن نقطة التخوف الرئيسية من هذا الاتفاق بتساؤله عما ستفعله إحدى الكتلتين إذا وجدت أن استخدام الكتلة الأخرى للأداة الرقابية خلفه دوافع غير معلنة، ويحمل هذا التساؤل افتراضا بأن ما ستستخدمه إحدى الكتلتين من أدوات برلمانية لن يعبر عن مصلحة المجتمع وسيستهدف مصلحة الطائفة التي ينتمي إليها أعضاء كل كتلة حتى لو تعارض مع مصلحة الوطن العليا، وهكذا ينتهي بنا هذا الافتراض إلى ضرورة التفتيش عن الضمائر وشق الصدور للبحث عن الدوافع والنيات وهو أمر يجب على كتاب الرأي في الصحافة الابتعاد عنه عند تقييمهم لاستخدام الأدوات البرلمانية وفضلا عن ذلك فإنه لا يجوز القول بأن طلب تشكيل لجنة للتحقيق في موضوع معين قصد به تصفية حسابات قديمة أو أن طلب الاستجواب يقصد به إحراج وزير معين ذلك أن أعضاء مجلس النواب يستخدمون حقوقا مقررة لهم دستوريا وستحدد نتيجة أعمال التحقيق أو نتيجة بحث الاستجواب ما إذا كان مستخدمو الأداة البرلمانية على حق أم أن الصواب قد جانبهم، والحقيقة أن تعليقات بعض كتاب الرأي على استخدام الأدوات البرلمانية يشيع الانقسامات الطائفية بين القراء وتصور مجلس النواب وكأنه تحول إلى مجلس طائفي أو مجلس يجب أن يطيع حين يطلب منه التصرف على وجه معين، ومن المتفق عليه أن كرامة مجلس النواب من كرامة الوطن فلا يجوز إطلاقا المساس بأعماله أو إطلاق الأوصاف غير اللائقة على أعضائه، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز لأي كاتب أن يقول أن قامة هذا الوزير أعلى من أن تنالها أعمال لجنة التحقيق أو أن الماضي الناصع لهذا الوزير أكبر من أن يناله الاستجواب البرلماني فكل الوزراء مخلصون في أعمالهم وقاماتهم عالية وماضيهم مشرف لكنهم غير معصومين عن الخطأ أو الحساب وقد تنتهي الأداة البرلمانية إلى أن هذا الخطأ غير مقصود وتم بحسن نية فينتهي الأمر بتصحيح الخطأ وقد يتبين أن الخطأ بسوء نية فيقوم مجلس النواب بمحاسبة الوزير.

الأمل في القيادة

إن من حق أي كتلة داخل مجلس النواب التساؤل عن الأمور التي تشغلها وأن تجد من يستمع إلى هذه التساؤلات ومن يحاورها ومن يضمن لها عدم تكرار ما ترى أنه أضر بمصالحها، ولنكن أكثر صراحة ووضوحا فنقول إنه إذا كانت كتلة الوفاق تريد استخدام أداة الاستجواب في موضوع التقرير المشهور فإن لها كل الحق في اتخاذ هذا الموقف ولا يمكن مصادرة هذا الحق أو الدوران حوله من خلال قرار عدم النشر أو الاتفاق مع بعض الكتل البرلمانية على الوقوف ضده وتعطيله ذلك أن هذه الأساليب تفتقر إلى الحس والحنكة السياسية ولا تؤدي إلى حل المشكلة بل تزيدها اشتعالا، وإذا كان لدى البعض تخوف من أن طرح ما تريد كتلة الوفاق بحثه سيؤثر على الصالح العام فعلينا البحث عن وسيلة أخرى تحقق لكتلة الوفاق ما تراه لازما لطمأنة فئة كبيرة من أبناء شعب البحرين.

وفي تقديرنا أن جلالة الملك وحده هو القادر على وضع الحلول الملائمة لهذه المشكلة ذلك أن جلالته بما يتميز به من حكومة وبعد نظر كان وسيظل هو وحده القادر على تحقيق التماسك والتفاعل بين القيادة والمواطنين في جميع الظروف والأحوال الصعبة التي مرت بها البحرين.

ومن هنا فإننا نأمل أن يتفضل جلالة الملك بلقاء كتلة الوفاق لتعرض على جلالته ما يتفاعل في نفوس أعضائها في شأن التقرير المشهور وما يأملون في تحقيقه وإننا على ثقة من أن مثل هذا اللقاء سيسفر عن نتائج إيجابية تكون محل رضا وقناعة الجميع.

إننا نقدر أننا نثقل على جلالة الملك برجائنا أن يتفضل بالتدخل لحل هذه المشكلة لكنه وحدة هو القادر على تحديد الأعمال اللازمة لتحقيق استقرار المجتمع وتجميع أبنائه حول نقاط الالتقاء وتقليل الآثار السلبية لنقاط الاختلاف أو التعارض، وهو قائد سفينة البحرين التي تبحر في محيط يسوده الهدوء لكنه يزخر بالتيارات المائية وتؤثر فيه الرياح تأثيرا كبيرا، وهو وحده المتفهم لأحوال هذا المحيط القادر على التحكم في اتجاهات الرياح والتيارات المائية المواتية والمعاكسة على حد سواء.

أهداف الأدوات البرلمانية

إن الهدف الأساسي من استخدام الأدوات البرلمانية هو الوصول إلى الحقيقة بكل شفافية ونزاهة باعتبارها الوسيلة الأساسية لإقناع المواطنين بفاعلية وقدرة مجلس النواب على أداء سلطاته وتنفيذ أعماله الرئيسية في التشريع والرقابة، وحين يصل المجلس إلى هذه الحقيقة فإنه يضع أساسا متينا لحماية المجتمع من الانقسامات المبنية على العصبيات الطائفية ووقايته من الإفرازات المنبثقة عن القيم والأخلاقيات الطائفية الهابطة، وفي الوقت نفسه فإن وصول المجلس إلى هذه الحقيقة هو الكفيل بالقضاء على كل ما من شأنه شل فاعليه المجلس وإضعاف كيانه وتفتيت وحدته الوطنية، ويقوم مجلس النواب بدور فاعل ومهم في تحقيق التماسك والتلاحم بين المواطنين بإظهار الحقيقة من خلال استخدام الأدوات البرلمانية.

من هنا فإن جميع أعضاء مجلس النواب يتحملون مسئولية عدم إعاقة الأدوات البرلمانية والوقوف صفا واحدا أما كل من يريد زرع الفرقة بينهم على حساب الأداء البرلماني السليم، وعلى كتاب الرأي في الصحف تأييد استخدام هذه الأدوات بدلاَ من أن نقرأ لهم بعد انتهاء كل دور انعقاد للمجلس أنه لم يفعل شيئا ولم يؤد دوره على الوجه الأكمل.

النيابة العامة والنزاهة

ارتباطا بالحديث عن الحقيقة والنزاهة استبشر الجميع خيرا حين أعلن سمو ولي العهد في يونيو/ حزيران الماضي تشكيل لجنة من كبار القضاة والمسئولين في وزارة العدل لتحديد حقيقة الأوضاع السائدة في السلطة القضائية ووضع الأسس الكفيلة بتحقيق نزاهة القضاء ضمانا لوصول عدله لجميع المواطنين من دون تفرقة بين كبير وصغير أو بين مسنود ومن ليس له سند إلا الله سبحانه، وتزايد تفاؤل الجميع حين استمع مجلس التنمية الاقتصادية منذ نحو شهرين إلى نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل لعرض ما توصلت إليه هذه اللجنة.

من هنا فإننا نتساءل هل ستمتد القواعد والإجراءات المحققة لنزاهة القضاء إلى النيابة العامة باعتبارها هيئة قضائية مستقلة؟ وهل تقوم النيابة العامة بالتصرف في البلاغات المقدمة إليها بحياد كامل من دون التأثر بنفوذ القوى المساندة لمن قدمت ضدهم هذه البلاغات؟

تساؤلات نستأذن في أن نتوجه بها لسمو ولي العهد وصولا للحقيقة، فهل نطمع في أن يستمع إلينا أحد من المسئولين أم أن علينا أن نسلم بأن عجلة الإصلاح لا يمكن أن تدور داخل السلطة القضائية وأن الأحوال ستبقى كما كانت عليه؟

إقرأ أيضا لـ "عزت عبدالنبي"

العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً