العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ

الملكية الفكرية: حماية نفسك ومالك

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

تنزيل أغانٍ غير مرخصة من شبكة الإنترنت شيء رائع. الموت من دواء مزيّف ليس كذلك.

ولكن، القرصنة وتطبيق القانون بشكل غير فعّال يعطيانك شيئا، وأيضا يعطيانك شيئا آخرَ. هناك حكومات كثيرة ومجموعات إنسانية ستقول لك: إن هذا شيء جيد.

البرازيل وكينيا وتايلندا ومنظمتا «إكسفام» و «أطباء بلا حدود» ومنظمة الصحة العالمية ستقول إن براءات الاختراع تحرم الفقير من الأدوية المهمة، وإنه يجب إلغاؤها باسم الصحة العامة.

في الحقيقة، هذه الامتيازات هي التي جلبت هذه الأدوية إلى الوجود، بالإضافة إلى الملايين من المنتجات الأخرى، منها الرائعة ومنها العادية: شعار «المرضى قبل الامتيازات» سيؤذي الفقراء أكثر من غيرهم بحرمانهم من الاختراعات الجديدة.

لنقل إنك في فرقة موسيقية غير معروفة تعزف في الحانات. وألّفت بعض القطع الموسيقية التي أعجبت جمهورك. فجأة تم تسجيل أغانيك وترخيصها باسم شخص آخر من دون ذكر اسمك ومن دون أن يدفعوا لك مقابل التأليف. كيف ستشعر؟

لو كنت باحثا أو أكاديميا وقدّمت بحثا في مؤتمر. وبعد بضعة أشهر، رأيت دراسة منشورة في إحدى المنشورات تشمل غالبية ما قلته - منهجك العلمي والمعلومات والنتائج والاستنتاجات - فكيف ستشعر؟

لو اخترعت آلة يمكنها أن توفر في استهلاك الوقود ما نسبته 35 في المئة، وأنت تقوم ببيعها مقابل دولارات قليلة؛ لعدم وجود شبكة تسويق واسعة لديك؛ أو لأن ليس لديك القدرة على الإنتاج بكميات كبيرة، ثم بعد بضعة أشهر تجد آلتك مع بعض التغيير في التصميم والشكل الخارجي قد تم تسجيلها باسم شخص آخر، وبيعها بسعر عالٍ من دون ذكر اسمك فكيف ستشعر؟

كيف سيشعر المستهلكون عندما يحصلون على منتجات مزيّفة ومقلّدة؟ إذا اشتريت كتابا أو قرصا مدمجا غير مرخّص، واتضح أنه من نوعية سيئة، تكون فقط قد خسرت مالك. ولكن، إذا اشتريت دواء غير مرخّص، فقد تخسر صحتك حتى حياتك.

اكتشفت كينيا هذا العام 20 ألف جرعة من دواء مزيّف للملاريا (ديو كوتكسين)، وهو واحد من أدوية كثيرة مزيّفة في سوق خارجة عن السيطرة، حيث يموت 35 ألف شخص بسبب الملاريا سنويا. الدواء المزيّف - وهو غالبا من الصين - لا يفشل في علاج المرض فحسب، بل يزيد مقاومة الجسم للدواء، فيزيد حال المرضى سوءا.

تقول منظمة الصحة العالمية إن الدواء المزيّف الذي يباع في إفريقيا يصل إلى ما نسبته 30 في المئة، وإن تزوير الدواء هو تجارة عالمية يبلغ قيمتها 32 مليار دولار وفي نمو سريع.

كما أن الدول الفقيرة ليست الوحيدة التي تعاني. بعد عيد الميلاد (الكريسماس) من هذا العام، أصبحت مارشيا بيرغييرون الضحية الأولى في كندا لأدوية مزيفة تم شراؤها عبر الانترنت. بحسب قول المحقق من مقاطعة بريتيش كولومبيا في سبب الوفيات المشتبه فيها فإن «الأدوية القادمة من أوروبا الشرقية تحتوي على الألمنيوم والزرنيخ». وفي الولايات المتحدة، تسببت الأدوية المزيّفة لأمراض فقر الدم والسكري والكولسترول المطروحة في الأسواق بسحب كميات ضخمة من السوق في السنوات القليلة الماضية.

ولكن الأطراف المذنبة ليست مجرد أشخاص يسعون للثراء السريع. الحكومات أيضا لها صلة بالأمر. بعضها لا تحمي الملكية الفكرية وبعضها الآخر تعاني من الفساد الكبير ولا تفرض قوانينها بالقوة، والبعض تقرر أنها ستخالف التراخيص وتصنع نسخه الخاصة.

تعتبر تايلندا منذ وقت طويل مأوى للتقليد التجاري وتنتج حقائبَ من ماركة «غوتشي» وساعات «رولكس» مزيّفة. ولكن الحكومة أيضا أصدرت رخصا إلزامية لتقليد الأدوية الغربية المرخصة، مدّعية أن الفقراء بحاجة إلى أدوية رخيصة. واحدة من بين محاولاتهم تقليد دواء للإيدز أدّت إلى زيادة مقاومة جسم المريض للدواء؛ ما أذى المرضى وساعد على انتشار المرض.

والآن تقترح منظمة الصحة العالمية اتفاقية لإزالة الامتيازات من الشركات بحيث تسيطر الجهات الرسمية على الأبحاث والتطوير، وكل ذلك بحجة خفض الأسعار.

تحب الحكومات في أنحاء العالم أن تلعب دور البطل وذلك بالوعد بخفض الأسعار بتحديد الأسعار أو بخرق الامتيازات، ولكن نادرا بخفض الضرائب!

تفرض جنوب إفريقيا ضريبة مبيعات مقدارها 14 في المئة على الأدوية، وفي إندونيسيا تصل الضرائب إلى أعلى من 20 في المئة، والموزع الحكومي في إثيوبيا يفرض «عادة بين 20 في المئة و40 في المئة مبلغا إضافيا على سعر الجملة للأدوية المستوردة» كما تبيّن تقارير منظمة الصحة العالمية.

إذا أرادت حكومة ما خفض أسعار الأدوية، أو الأرُز، أو الملابس، أو السماد، أو آلات الزراعة أو أي شيء ضروري للحياة والنمو الاقتصادي، فأول ما يجب فعله هو إزالة الرسوم عن الواردات والضرائب عن المبيعات التي تضر الفقراء أكثر من غيرهم، وليس إزالة الامتيازات. فالعقود المدنية للملكية الفكرية - مثل سندات الملكية - تعزز التجديد والابتكار والنمو، بالإضافة إلى الحريات السياسية والشخصية.

يدّعي النشطاء أن إلغاء تراخيص الدواء سيضر بشركات الأدوية الكبيرة خصوصا. هذا صحيح، ولكنّ الفقراء هم من سيتضررون أكثر من المنتجات السيئة والركود الاقتصادي.

*مزارع ومنتج تلفزيوني وناشط وكاتب من الفلبين،

والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

www.misbahalhurriyya.org

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً