العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ

وداعا تلالنا الأثرية!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

نقولها وبكل حرقة، وداعا تلالنا الأثرية... ولا ندري ما الذي سيؤول إليه أمر هذه التلال التي تحوي رفات الأجداد الذين أسسوا حضارة هذا البلد وخلدوا تاريخا سيدون على مر العصور والأزمان.

المتنفذون الذين أحاطوا بكل حجر ومدر، وسيَّجوا البحار، واستملكوا البراري، لم يغفلوا حتى عن مقابر الأجداد، في دليل قاطع على أن هؤلاء المتنفذين لا يمتلكون أي ولاء لهذا التراب، ولا يعيرون تراثهم وتاريخهم أي أهمية، لأن مبدأهم الذي يؤمنون به يقول: امتلك وضع يدك على أي شيء قبل أن تمنع، والتاريخ لا يكتبه الأمس، بل التاريخ يولد من اليوم!

وداعا تلالنا الأثرية، نقولها لأن العملية لم تكن وليدة اليوم ولا الأمس، ولكننا نذكر كلام أحد النواب حين قدم مقترحا لإقامة مشروعات إسكانية على تلك المقبرة التاريخية وقال حينها: «الحي أبقى من الميت»! صحيح أن الحي أبقى من الميت، ولكن حين يكون هذا الخيار هو الأخير، وكلنا يعلم أن البحرين بها من الأراضي ما يسع أبناءها وأبناء أبنائها، ولكن المشكلة في أن هذه الأراضي دخلت في حساب بعض المتنفذين ليحرموا الجزء الأكبر من الشعب من حق أصيل شرعه القانون.

وما أثار الاستغراب بقوة حينها، ما أورده هذا النائب عندما أردف بأن بقاء هذه القبور التي يرقد فيها الكفرة لا طائل منها!... لا أدري هل أن هذا النائب دخل إلى سريرة الراقدين في قبور عالي واطلع على أفئدتهم وعرف ديانتهم؟! فعلى رغم الروايات التي تتناقلها كتب التاريخ من وجود آلهة في حضارة دلمون، فإن هناك دلائل كثيرة تشير إلى أن هؤلاء الأجداد كانوا مؤمنين وإن وجدت بعض الطقوس الغريبة في ديانتهم... على أية حال، نحن لسنا في موقف لإعطاء دروس في تاريخ الوطن والأرض لمن لا يرى أهمية لما تحويه هذه الأرض، ونحن لسنا في موقع الناصح لبعض الأشخاص الذين يرون أنهم موالون للأرض أكثر من غيرهم...

وداعا تلالنا الأثرية، نقولها كما ودعنا بالأمس بحرنا وقلنا وداعا سواحلنا، وسنقول غدا وداعا برنا، لتكتمل الحلقة ويكون كل ما في الأرض مملوكا، ولا نعلم إن كنا سنتمتع بشم بعض النسيم، أم أن هذا النسيم سيحتسب عليه أجر في المستقبل الغامض الذي لا ندري ما الذي يخفيه لنا!

وداعا تلالنا الأثرية، ووداعا يا رفات الأجداد، نحن جميعا نعلم حرمة الميت ونعلم ما الذي يعنيه نبش القبور وإبادتها من على الوجود، وكلنا أمل لأننا نحتسبكم عند رب العالمين... على الأقل هذا كل ما نستطيع أن نقوله لأننا لا نملك إلا ذلك!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً