العدد 1979 - الثلثاء 05 فبراير 2008م الموافق 27 محرم 1429هـ

دجاج الهريس!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

الدجاج «المريض» الذي كان يباع في شارع صعصعة بن صوحان في منطقة المنامة، استحوذ على اهتمام الناس بشكل كبير، وهذا شيء طبيعي، فحين يشعر الإنسان بالخطر في أحد العناصر الغذائية فإنه يحاول تتبع كل جديد عن الموضوع.

اهتمام الناس والأحاديث التي تبعت ذلك عن مصدر المرض وحقيقة كونه دجاجا مريضا، لم يكن الأمر الذي لفت انتباهنا في تصريحات المسئولين، ولعل مقولة أحد المسئولين حين أورد بأن الدجاج من نوع «أبو عرعور» مصدر رئيس ومفضل لدى البحرينيين في صناعة الهريس المنزلي تحديدا، مقولة جديرة بأن نقف عندها قليلا... صحيح أن البحرينيين وخصوصا الكبار في السن يعرفون هذه الحقيقة التي لم يعد لها صدى كبيرا في قدور الهريس في مطابخ هذه الأيام، فلحم البقر هو المفضل بالدرجة الأولى في الهريس، ولم يعد للدجاج وخصوصا «أبو عرعور» تلك الأهمية، ولك أن تسأل أصحاب المطاعم عن الزبائن الذين يرغبون في أكل هريس على دجاج، فسيجيبونك بصفر، وسيقل العدد عن المعدل حين نقول لهم إن المصدر «دجاج أبو عرعور»...

المشكلة أن هذا الدجاج قد انقضى عمره الافتراضي باعتراف وزارة شئون البلديات والزراعة، ومعنى ذلك أنه دجاج منهك من وضع البيض ولم يعد بمقدوره الإنتاج، والأسوأ من ذلك أنه يربى في ظروف صحية سيئة للغاية وهذا الأمر أوردته وزارة البلديات في تصريحها أخيرا على لسان وزير شئون البلديات والزراعة، بمعنى أن الوزارة تدرك خطورة هذا الدجاج، إن لم يكن في انتهاء عمره الافتراضي فعلى الأقل أن خطورته تكمن في طريقة تربيته وتغذيته وفي طريقة عرضه للبيع.

لنفترض جدلا أن هذا الدجاج صحيح 100 في المئة ولا توجد به علة، ولكن وجوده بأعداد هائلة في الكراجات والحظائر غير المهيأة يثير علامات استفهام كثيرة عن الدور الذي كان من المفترض أن تقوم به الجهات ذات العلاقة، سواء تلك الجهات المسئولة عن النواحي الصحية، أو تلك الجهات التي تراقب العمالة السائبة! وتزداد علامات السؤال إلحاحا حين نعرف أن هذا الدجاج يباع وفي وضح النهار منذ أكثر من ستة شهور! لِمَ لَمْ يكلف أحد الموظفين من الجهات المعنية نفسه العناء لمعرفة ما يجري؟ ولا أتوقع أن هذه الجهات لم تصلها رسائل من المواطنين أو أخبار عن بيع دجاج بخمسمئة فلس في الأسواق؟

ونحن لا يمكن أن نلوم العمال «الفري فيزا»على بيعهم الدجاج لأنهم يبحثون عن أي رزق، وخصوصا أننا نعلم أن هناك «أرباب» ينتظر من هؤلاء المساكين مئات الدنانير في نهاية كل شهر، ولكن اللائمة تقع على الجهات التي تجعل المخالفات تحدث على مرأى القريب والبعيد، وكأنها وضعت في هذه المراكز لتؤدي دور المتفرج لا أكثر ولا أقل!

أخيرا نقول: إن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها وزارة «البلديات» بسحب الدجاج ومنع بيعه، خطوة جريئة وتحسب للوزارة، وعليها الآن أن تضع الضوابط لبيع الدجاج السليم بالطريقة السليمة، وإذا كانت الوزارة ترى أن هذا الدجاج «الميت سريريا» صالح للأكل، فعليها أن تتفق مع الشركة المنتجة على ذبح الدجاج ووضعه في أكياس خاصة وبيعه بثمن رخيص ليستفيد منه ذوو الدخل المحدود، وعن نفسي أقول: «لو اقتصر صنع الهريس على هذا الدجاج فسأصوم العمر كله»!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1979 - الثلثاء 05 فبراير 2008م الموافق 27 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً