العدد 199 - الأحد 23 مارس 2003م الموافق 19 محرم 1424هـ

طرح مقولة السلام فخ آخر ومساومة قذرة

المحامي والباحث يوسف أبوبكر:

خليل تقي comments [at] alwasatnews.com

تناول المحامي والباحث الاستراتيجي يوسف أبوبكر ارتباط القضية الفلسطينية بالحرب الجارية ضد العراق في لقائه الخاص مع «الوسط». وهنا نص اللقاء:

«لم يصدق أحد ان معاودة طرح الإدارة الأميركية لموضوع السلام في هذه الآونة وتأكيد الالتزام بتحقيقه، والحديث مجددا عن خريطة الطريق، المبادرة السيئة الصيت المعدة أميركيا، والمرفوضة بالمطلق من جانب حكومة « شارون»، تلك التي داستها الدبابات الصهيونية تحت جنازيرها، على رغم ضحالتها وخلوها من أية مضامين ذات قيمة بالنسبة إلى الحق الفلسطيني، وأحرقتها صواريخ (الاباتشي) في استهدافها اليومي للمدن والقرى والمخيمات في الأرض المحتلة وارتكاب مجازر القرن الأكثر دموية ووحشية في التاريخ، لم يصدق ان صحوة الضمير وحسن النية تجاه المنطقة، هما المحرض والدافع لهذه (الفزعة) الأميركية، فالوقت والظروف الضاغطة عربيا واقليميا ودوليا، والفشل الذريع الذي منيت به الولايات المتحدة والسير في ركابها، على قلتهم، وتحديدا التابعين البريطاني و«الإسرائيلي»، بعدما يزيد على الأربعة أشهر ونصف الشهر في استقطاب الدعم والتأييد للحرب المدمرة ضد العراق، وفي توسيقها، والعجز عن تحييد العالم، أو التقليل من تأثيره وفاعلية معسكر السلام وجبهة الرفض الدولية المناهضة بحزم للعمل العسكري وللسياسة الأميركية، وترك حكام تل أبيب وآلة الحرب الإسرائيلية تمارس لعبة الموت والتصعيد الدموي وعمليات الإبادة والتنكيل والقتل بالجملة والاحراق والتدمير بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، جميعها معطيات تؤكد ان الإعلان الأميركي ليس أكثر من مجرد خدعة وفخ آخر مطلوب للعرب ان يقعوا في حبائله.

وتابع الباحث والمحلل الاستراتيجي يوسف أبوبكر قائلا لـ «الوسط»: وبالعودة إلى التصريحات الواردة على لسان رئيس البيت الأبيض وكبار المسئولين في إدارته، بشأن الصراع في المنطقة والتعهد بحله دونما أطر محددة أو تحديد للأسس والمرجعية والجدول الزمني، وبالشروط المقيدة التي تربط بخبث استئناف عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، بضرب العراق، وبعد حسم هذا الملف، يمكن الجزم بأنها مقايضة أميركية مكشوفة ومساومة رخيصة يفتقر أصحابها إلى أدنى معايير القيم والأخلاق، تضع تدمير هذا البلد العربي واحتلاله وقتل أبنائه الثمن لتطبيق (خريطة الطريق)، وهي لعبة مفضوحة ومدانة تستحضر وتكرر الخدعة الكبرى التي بدأتها في مدريد العام 1991، ولم يكحل أحد عينيه نتيجتها بمرأى السلام الموعود، بواقع التواطؤ الأميركي والامتناع عن ممارسة أي نوع من الضغوط على «إسرائيل» للقبول بخياره والتسليم باستحقاقاته طبقا لقرارات الشرعية الدولية.

وأضاف يوسف أبوبكر قائلا: تجربة العرب مع الولايات المتحدة تجربة مرة وقاسية علمتنا، بل فرضت علينا عدم الثقة والاطمئنان لأي وعود، وخصوصا ان الاثنتي عشرة سنة الماضية كانت محكا كبيرا كافيا للحكم بعدم أهلية طاقم البيت الأبيض وسدنته، وافتقارهم إلى أية صدقية، واعتبارهم صهاينة أكثر من أولئك الموجودين في الكيان الصهيوني، وهي تجربة مليئة بالمكر والخداع والنفاق، وحافلة بالتحلل من العهود والالتزامات المقطوعة للعرب والعالم لجهة العمل على إحلال السلام العادل والشامل، على قاعدة مؤتمر السلام في مدريد وقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة منها القرارات 243 و338 و425 بكاملها.

واختتم المحامي يوسف أبوبكر تصريحه لـ «الوسط» قائلا: الجميع يعرف ان الولايات المتحدة ليست معنية بالسلام وليست في وارده، وينبغي ألا يكون أحد من أبناء هذه الأمة معنيا بطروحاتها ومشروعاتها، وبأن يصدق ثانية ويبتلع اللغم والفخ الجديد وان يكون عونا لها وللثنائي المتحالف معها، بريطانيا و«إسرائيل» في الحرب والسماح لهم باستفراد العراق والإجهاز عليه توطئة لمؤامرة التصفية الكبرى للقضية الفلسطينية وللوجود القومي. وكم يخطئ من يعتقد انه خارج دائرة الخطر والاستهداف، أو يتوهم ان صداقة الولايات المتحدة واستجداءها وكسب ودها على حساب المبادئ والكرامة والثوابت الوطنية والقومية، يمكن أن تكون أكثر جدوى وأفضل من معاداتها، والتصدي لسياسة الغطرسة والقهر والاستعباد والإلغاء التي ينتهجها صقور إدارتها وحمائمهم بالتحالف مع اليمين المتصهين الأشد خطرا وفتكا

العدد 199 - الأحد 23 مارس 2003م الموافق 19 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً