العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ

صورٌ متعددة للاتجار بالبشر في البحرين...استعباد للعمالة وتجارة بالأجساد والقانون ينتظر التفعيل//البح

تبقى مسألة الاتجار بالبشر قضية عالمية. غير ان هذه القضية تزداد في دول وتقل في أخرى. وتعتبر البحرين إحدى أسوأ الدول في هذا المجال إذ لا يمر أسبوع أو يوم إلا وتكون هناك قضايا تنظرها المحاكم بشأن الاتجار الجسمي بالبشر، فضلا عن وجود عصابات مهمتها جلب الفتيات لإشباع الغرائز، وبعض تلك العصابات يتورط فيها متنفذون.

إلا أن التقرير الحكومي بشأن حقوق الإنسان المزمع تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل/ نيسان المقبل لم يشر إلى هذه الظاهرة التي تنتشر بصورة كبيرة.

وتتعدد صور الاتجار بالبشر في البحرين. فمن الاتجار بالجسم إلى المعاملة السيئة للعمالة الآسيوية التي تعتبر أحد أنواع الاستعباد. كما أخذت تلك الظاهرة تنتشر حتى إن المحاكم نظرت في أكثر من مرة في قضايا تورط مديري مطاعم في الترويج لتجارة الجنس وهي أحد أنواع الاتجار بالبشر.

وكانت الولايات المتحدة أدرجت سبع دول على لائحة أسوأ الدول في الاتجار بالبشر ضمن الفئة الثالثة وهي البحرين والكويت وعمان وقطر والجزائر وماليزيا وكينيا، وشملت هذه الفئة دولا أخرى مثل إيران وكوبا وكوريا الشمالية والسعودية والسودان وسورية وأوزبكستان وفنزويلا. وتتهم واشنطن هذه البلدان بالتقاعس عن الوفاء بالحد الأدنى من المعايير الأميركية لمكافحة الاتجار بالبشر. وهذه الدول معرضة لعقوبات أميركية كإلغاء المساعدات بقروض من البنك وصندوق النقد الدوليين.

صدور قانون

يجرّم الاتجار بالبشر

أقرت البحرين قانونا يجرّم الاتجار بالبشر ويعاقب بالسجن والغرامة كل من يدان في جريمة من هذا النوع. وينص القانون الجديد على معاقبة مرتكبي جريمة الاتجار بالأشخاص «بالسجن (...) والغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار، ولا تتجاوز 10 آلاف دينار».

وعرّف القانون جريمة الاتجار بالأفراد بأنها «تجنيد شخص ونقله أو تنقيله، أو إيواؤه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال» وذلك «عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص، أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة».

كما عرّف القانون إساءة الاستغلال بأنها «تشمل استغلال ذلك الشخص (المجني عليه) في الدعارة» أو «في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي أو العمل» أو «الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء» بحسب نص القانون.

ويقضي القانون في المادة الرابعة منه بتشديد العقوبة «إذا تم ارتكاب الجريمة بواسطة جماعية إجرامية» و «إذا كان المجني عليه دون الـ15 من العمر، أو أنثى من ذوات الاحتياجات الخاصة» و «إذا كانت الجريمة ذات طابع غير وطني».

واعتبر القانون من ظروف تشديد العقوبة «إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه» أو «إذا كان المجني عليه خادما عنده» أو «إذا أصيب المجني عليه بمرض لا يرجى الشفاء منه نتيجة ارتكاب الجريمة».

كما نص على تشكيل لجنة بقرار من وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة تسمى «اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص», موضحا أن اللجنة «تشكل من ممثلين عن الجهات الرسمية التي يحددها القرار» و «تختص بوضع برامج بشأن منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية ضحايا الاتجار» إضافة «إلى التنسيق مع أجهزة الدولة فيما يتعلق بالمعلومات المتعقلة بالاتجار بالأشخاص».

ولا يحدد القانون فترة عقوبة السجن تاركا ذلك لتقدير القاضي, إلا أنه يشير إلى تشديد العقوبة في حال كان الجاني غير بحريني وإذا كانت الجريمة جماعية, أي على شكل شبكات.

وكان الوكيل المساعد للتنسيق والمتابعة بوزارة الخارجية الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة أكد خلال كلمة ألقاها خلال فبراير/ شباط الجاري أن «البحرين نظرت إلى مشكلة الاتجار بالأفراد بكل واقعية ومسئولية وأدركت خطورة هذه الظاهرة وخصوصا أن ضحاياها من الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، إذ إنهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم ويتخوفون من التبليغ عن هذه الجريمة»، مشيرا إلى أن «البحرين توجت جهودها في هذا المجال بإصدار عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال يناير/ كانون الثاني الماضي قانونا خاصا لمكافحة الاتجار بالأشخاص».

وبيّن أن «البحرين عملت على اتخاذ تدابير من شأنها كشف وردع الاتجار بالأشخاص ومكافحتها وملاحقة مرتكبيها وتقديم المساعدة لضحاياها حيث انضمت عام 2004 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة غير الوطنية والبروتوكول التابع لها الخاص بمكافحة الاتجار بالأفراد».

تجارة الجنس تنتشر في البحرين كانتشار النار في الهشيم

تجارة الجنس في البحرين ليست وليدة اليوم بل هي قديمة، غير أنها بدأت تأخذ أبعادا اجتماعية خطيرة، فطلبة المدارس التي توجد بين عمارات العاصمة (المنامة) تأثروا بتلك الأجواء تأثرا كبيرا ولا يستغرب أحدنا إن رأى أحد الطلبة مرافقا لإحدى الفتيات التي تطلب المال مقابل أن تبيع جسدها لمن يدفع، كما أن تلك التجارة لم تعد حبيسة منطقة معينة أو مكان معين بل أصبحت طليقة في كل مكان فإذا مررت في المنامة فإن هذه الظاهرة كبيرة جدا أصبحت تزعج الأهالي وتقض مضجعهم، وكذلك في الجفير التي أصبحت منطقة حديثة لتجارة الجنس. وبعد الفنادق والشقق وعلى رغم الإعلانات الحكومية المتكررة لمكافحة هذه الظاهرة أصبحت المقاهي والمطاعم وكرا من أوكار الاتجار بالجنس ما يعني أن عصابات الاتجار بالبشر تعمل بكل حرية في البحرين بل وتزداد قوة وانتشارا في كل مكان، فليس مستغربا أن يعرض عليك وأنت تجلس في أحد المقاهي معاشرة فتاة مقابل مبلغ من المال، أو حتى إن كنت تأكل في أحد المطاعم فقدمت لك مقدمة الأطعمة طلبا بمرافقتها مقابل مبلغ من المال، فالمحاكم كانت مسرحا لعدة قضايا كانت المقاهي والمطاعم مسرح الجريمة فيها. كما أن هذه الظاهرة التي كانت تنتشر بقوة في العاصمة (المنامة) امتدت إلى شارع البديع الذي انتشرت فيها الآسيويات والإفريقيات، كما أن مدينة حمد تعاني بكثرة من هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق الأهالي فيها كما هو حال أهالي المنامة والجفير. وفضلا عن أماكن انتشار المتاجرة بالجنس وتعددها تعددت جنسيات الفتيات اللاتي يجلبن في أحيان كثيرة قسرا من أجل ممارسة الجنس مقابل المال من قبل عصابات منتشرة في العالم، فهناك العربيات وخصوصا من دول المغرب العربي من المغرب وتونس، وهناك العراقيات واللبنانيات فضلا عن المواطنات وجنسيات عربية أخرى، كما أن هناك الروسيات وفتيات أخرى يجلبن من دول شرق أوروبا يشكلن سلعة رائجة في عالم الجنس، يضاف إليهن الشرق آسيويات من تايلنديات وفلبينيات وأخيرا الصينيات، وهناك الإفريقيات من إثيوبيا وإريتريا.

«حقوق الإنسان»: تفعيل القانون وليس إصداره هو المقياس

اعتبر الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي أن «تفعيل قانون تجريم الاتجار بالبشر هو ما سيحدد مدى التزام البحرين بمكافحة الاتجار بالبشر، إذ إن القانون جميل ولكن تطبيقه هو المعيار في مدى الالتزام بالمعاهدات الدولية»، مشيرا إلى أن «مسألة الاتجار بالبشر في البحرين تتعدد صوره، فمن استعباد العمالة والخدم حتى الاتجار بالأجساد، لذلك كانت البحرين على قائمة أسوأ الدول في تقرير الخارجية الأميركية بشأن الاتجار بالبشر»، مؤكدا أن «هناك قصورا كبيرا في مكافحة الاتجار بالبشر في البحرين». وأضاف الدرازي أن «هذه الظاهرة تزداد في مناسبات عدة ومنها الفورمولا - 1 إذ تستقطب هذه الرياضة عشاق السرعة وبالتالي تكون البحرين محط أنظار تجار الجنس وتكون عملياتهم نشطة في هذه الفترة»، مبينا أن «الإحصاءات غير موجودة على رغم أن الظاهرة موجودة بكثرة، ونحن في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ضد هذا النوع من الاتجار والذي يعمل الكثير من الأشخاص على العمل فيه والاقتيات منه».

العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً