العدد 2013 - الإثنين 10 مارس 2008م الموافق 02 ربيع الاول 1429هـ

من فضائل فضل الله

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

حاجة أمتنا الإسلامية والعربية إلى علماء عاملين كحاجتنا إلى الأكسجين النقي. هؤلاء العلماء الأفذاذ - الذين أفنوا ذاتهم، ولم تأخذهم في دين الله وقول الحق لومة لائم - يقف العالم العلامة المرجع آية الله محمد حسين فضل الله على رأس قائمة العلماء العاملين.

لعل الحالة الاجتماعية والواقع السياسي في لبنان (واقع التباينات السياسية والاختلافات الدينية والمذهبية) يمثلان بيئة خصبة للقبول بالآخر، وتأصيل هذا القبول في بادئ الأمر باستبعاد ما يدخل ضمن الاعتداء على المذاهب والعقائد للطوائف المختلفة.

وعلى ذلك، جاءت فتوى سماحة العلامة المجاهد فضل الله - حفظه الله - بتحريم سبّ الصحابة وأمهات المؤمنين - التي نشرتها صحيفة “عكاظ” السعودية - كثمرة من ثمار الفقيه المدرك لخطوب الزمن، والمخططات والسيناريوهات التي تصوغها الامبراطوريات الكبرى لإخضاع المنطقة الإسلامية والعربية وثرواتها ومقدراتها للمحتل في فلسطين والعراق وبقية المناطق، التي تعاني احتلالا غير مباشر أو غير معلن، مغلفا بشعارات علاقات الصداقة والتعاون!

أكبر معوق لردم الهوة بين السنة والشيعة - على صعيد رجل الشارع العادي - هي مسألة السب واللعن والطعن. وباقي المسائل دونها الحوار والنقاش والأخذ والرد. والفتوى المحرِّمة لسبّ الصحابة وأمهات المؤمنين التي أصدرها المرجع فضل الله بحاجة إلى تأصيل فقهي وتدبر ونشر، إذ هي فتوى جديرة بذلك. فالسب أو اللعن ليسا من أخلاقيات النبي (ص) أو آل بيته وأصحابه أو التابعين. كان خلاف الصحابة فيما بعد البيعة للخليفة الأول (رض) خلاف اجتهاد في تفسير أمر مآل الحكم. ولم يعدُ هذا الخلاف قدر الحوار والمناقشة البينية الراقية والواعية. ولو كان غير ذلك لما كان بعضهم لبعض ظهيرا في جميع الاحتقانات الداخلية والفتوحات الخارجية.

هناك سؤال أساسي في هذا المحور هو: هل من مصلحة الأمة (المقصود بالمصلحة هنا النهوض والتقدم والتطور وبقية سبل القوة والمنعة) أن يستمر المسلمون في تأصيل الخلافات بصورة خارجة على أخلاق الإسلام؟ إن كان الجواب بـ “لا” - وهو كذلك - فلماذا الاستمرار في حشد أكبر قدر ممكن لتوسيع هوة الاختلافات بمزيد من التأصيل الطائفي للسبّ واللعن والطعن؟ ألا يشي ذلك بمصلحية مستشرية لدى فئات محددة تسعى جاهدة لديمومة سلطتها وسطوتها على المجتمع المسلم؟ وإلا بماذا تفسر هذه الفئات التحرك ناحية السب واللعن والطعن بطريقة موسمية بل دونما أي إحساس تجاه جرح مشاعر الآخرين، ودونما أي شعور بالمسئولية وهي تمارس هذا الدور الخطير في تشطير المسلمين؟ ألا يكفي أن يسب أحدهم صديقا لك حتى يأخذ الحقد والتباغض مأخذه في قلبك؟ فما بالك لو كان من يسب ويلعن ويطعن فيه هو من أغلى وأعز وأشرف من جميع أهلك وأمك وأبيك وبقيتك الباقية؟ سؤال منطقي يفرض نفسه على السبابين واللعانين كلما تحدثوا عن الوحدة الإسلامية.

المرجع الديني الكبير فضل الله مرجع له منا خالص الاحترام وعظيم التقدير على هذه الجهود التي تساهم في ردم الهوة بين الطوائف الإسلامية، السنة والشيعة خصوصا. ويسرني أن ألقى الله يوم القيامة وأنا القائل: اللهم احفظ من حفظ هذه الأمة واهتك ستر من فرّق بين أبنائها. اللهم آمين

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 2013 - الإثنين 10 مارس 2008م الموافق 02 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً