العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ

بحريني... والنِّعم

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

عندما أكتب عن العلاقة البحرينية - الكويتية تحديدا، فذلك ليس من باب «طراطيش كلام» أو نقلا عن فلان وفلان، وإنما من واقع تجربة شخصية، وظروف جعلت من العلاقة بيني وبين الكويت عموما وثيقة، بحيث يمكنني أن أجزم أن الذي تبع تلك المباراة «المشئومة» من تقاذف وسبّ بعيد كل البعد عن أصل العلاقة بين شعبي البلدين... علاقة ألخصها في عبارة ألفت سماعها حينما أجيب سائل كويتي عن موطني (من البحرين)، ليبادرني بـ «البحرين، والنِّعم بها وبأهلها»، لتتبع العبارة عبارات مدح في البحرين وجمالها وطيبة أهلها الذين بدورهم يقولون عن الكويت «والنعم بها وبأهلها».

وإزاء هذه الحقيقة المترسخّة منذ الأزل ليس في ذهني بل ذهن جلّ الشعبين إن لم يكن كلهم، نتساءل ما الذي جد بين البحريني والكويتي قبل المباراة وبعدها؟ وما الذي قلب نفسيتهما على بعضهما بعضا لنشهد الحرب الدائرة رحاها بينهما منذ تلك المباراة وإلى هذه الأيام، وخصوصا عبر المنتديات الإلكترونية؟!

هذه الحرب لم تقف عند حد ثورة الغضب إزاء موقف بعينه، بل تعدت ذلك إلى «معايرة» غير مقبولة أبدا، ما وصلني منها أستغرب حقا أن يكون صادرا عن كويتي لطالما كان سندا للبحريني وأخا له في وجه القريب قبل البعيد... يقول أخونا: «أنصح شعب البحرين يروح حق مجلس النواب مالهم حق يزيدون رواتبهم لأن الهنود إللي في الكويت رواتبهم أكثر منكم يا شعب البحرين. وتعال بسألكم يا شعب البحرين ليش الباكستانية والهنود عطيتونهم جوازات؟ وأنا أعرف الجواب لأن ماكو فرق بين الهندي والبحريني».

بلا عليكم نسميكم خليجيين وأنتم تعملون في الأسواق حمالية وتنظيف السمك.

صج ما تستحون بدل ما تتكلمون عن ديرتنا الكويت بلد الخير كلموا حكومتكم خلها تحسن من مستوى معيشتكم لأن بالأمس الحكومة الكويتية أعطت زيادة 120 دينارا لكل مواطن وخبري هذي الزيادة تساوي رواتب الشعب البحريني»!

ليس مقارنتنا بالهنود ولا استصغار المهن التي اتخذها عدد من عاطلي البحرين مهنة لهم كي يعيشوا بسلام هو ما يحز في النفس، فالهنود بشر مثلنا، وكسب الرزق بعرق الجبين ولو من مهنة بسيطة خير من التوسل إلى الناس، ولكن ما يحزّ في النفس أننا نعلم دلالة المقارنة بالهنود تحديدا في الخليج، وكيف ينظر إلى مهن بسيطة كالتحميل في السوق أو تنظيف السمك في بلدان نفطية أهلها «شافوا حالهم فوق من غناهم»!

بيت القصيد مما ذكر أن البحرين التي لطالما حاولت أن تستر عوراتها تحت غطاء الانفتاح والتنمية والتقدم والاقتصاد لتواكب شقيقاتها وتظهر بمستواها بل وأكثر منها بهاء وازدهارا... البحرين فضحت، وفضيحتها أتت على سمعتها وسمعة أهلها، ومسّت بكرامتها وكرامتهم، لأنها باختصار تغافلت عن أن إنسان البلد هو وجهها الحضاري وصورتها التي يراد لها أن ترتسم في نظر الآخرين بشكل طيب! فهل بعد هذه الفضيحة ستعود آذاننا لتطرب بعبارة «بحريني... والنِّعم»؟!

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً