العدد 2021 - الثلثاء 18 مارس 2008م الموافق 10 ربيع الاول 1429هـ

بعد رسالة الملك... فلتتوقفوا!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

الرسالة التي حرص جلالة الملك على إيصالها خلال استقباله وفدا من أهالي قريتي المرخ والقلعة الأسبوع الماضي كانت عميقة وذات دلالات واسعة، وكم نحتاج من صناع القرار ومن بيدهم زمام الأمور أن يجعلوها واقعا حيا يعيشه الناس في كل مكان من ربوع هذا الوطن.

فعندما يخاطب العاهل أهالي القريتين بأن «الأراضي المسجلة باسمي هي لكم ويسعدني أن أقدمها لكم. فأنا لست صاحب تجارة وتجارتي الرابحة هي أنتم...» فقد أراد جلالته أن يوصل رسالة لكل «أصحاب النفوذ وذوي الحظوة وأصحاب الأيادي الطويلة».

ما أكبر أن تصدر هذه الدعوة من قمة الهرم السياسي للفصل بين ممارسة العمل العام ومزاحمة الناس في التجارة، وكذلك لكل أولئك الذين يلهثون وراء تسوير الأراضي ودفن البحار والذين حجبوا بحماقاتهم مياه البحرين عن كل شواطئها، وحجبوا الشواطئ عن عيون المواطنين من الحد إلى سترة.

في الأعوام الثلاثين الماضية التي غابت فيها السلطة التشريعية وأقصيت عين الشعب عن المراقبة والمحاسبة تحولت 90 في المئة من مساحة البحرين إلى أراضٍ خاصة وأصبحت هذه السرقة المباشرة أو غير المباشرة محمية ومنزهة عن النقد!

لا يبدو منطقيا أو على مستوى معادلة الواقع أن يطالب أحد بعودة تلك الأراضي؛ لأن الدولة تتحمّل نصيبا كبيرا من هذه المسئولية، إما لأنها من قامت بذلك فعلا وإما لأنها هيأت الأرضية لتقويض العدالة الاجتماعية، وبالتالي فمن الصعوبة بمكان أن يطالب أحد الآن بإرجاع هذه الأراضي من الحيازة الخاصة الى الملكية العامة، ولكن يجب أن نعمل على حماية القدر المتبقي من أراضي البحرين.

لا أعلم هل من قصدهم العاهل بكلامه وصلت إليهم الرسالة أم لا؟ وهل يشعرون أنهم معنيون بها أم لا؟ فذلك يدخل في نطاق الحكم بالنوايا، ولا أريد ضرب أحد رجما بالغيب، ولكن المطلوب منهم أن نرى فعلا مغايرا ويوقفوا هذه العملية الخطيرة.

من البدهي أن يتساءل أحد عن دور البرلمان في كل ما يجري، فبينما يجنح أحد رؤساء الجمعيات السياسية منحى متشائما، وخصوصا بعد أن أجرى دراسة علمية كشفت أن عملية سرقة الاراضي تضاعفت منذ افتتاح البرلمان في العام 2002، وبغض النظر عن هذه الدراسة، ومن باب «لا تبخسوا الناس أشياءهم»، كان لابد من التنويه بأن البرلمان الحالي وبجميع كتله تصدى لمسألة الأراضي، وتجرأ على قول ما لم يقله الآخرون.

الكتل البرلمانية توحدت إزاء مطلبين مهمين يتعلقان بالأراضي، وهما تشكيل لجنة التحقيق في أملاك الدولة، والأخرى لجنة التحقيق في الدفان العشوائي، وهاتان اللجنتان مهمتان جدا، ونأمل - على رغم المعوقات الدستورية وقيود اللائحة الداخلية ووسط الانقسام الحالي الذي يشهده المجلس - أن توضع النقاط على الحروف وتسمى الأشياء بمسمياتها، فالناس ليست غافلة، والكل يعلم من يقوم بالتسوير أو ردم المساحات البحرية على مدار الساعة!

البعض ربما كان من حقه - قبل حديث العاهل - أن يخشى فتح هذا الملف الحساس، لكونه يتصل بجهات لها سلطتها وأنيابها في المجتمع، فالحديث عن فساد الأراضي من جهة ومزاحمة الناس في أرزاقهم من جهة أخرى يمسان خطوط التماس الحمراء، وهي جهات لا يستطيع القانون أن يحاسبها، وهي تنفذ بجلدها من كل مقصلة للمحاسبة.

نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أن نفعّل خطاب العاهل بشأن الأراضي إلى صيغة تشريع وطني متقدم يؤسس لركيزة العدالة الاجتماعية التي تناولها جلالة الملك في خطابه، ونحتاج إلى أن نقول لمن لم تصل إليهم رسالة العاهل، ونعرّف إشارة «الفيتو»: حان الوقت لتتوقفوا!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2021 - الثلثاء 18 مارس 2008م الموافق 10 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً