العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ

«متاهة» الدبلوماسية

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

كثيرة هي المناطق في البحرين التي يصدق عليها المثل القائل « الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود»، خصوصا مع موجة إصلاحات الطرق والإنشاءات والتعمير، وتضخم عدد السيارات التي «تتمخطر» في الطرق والتي نافس تضخمها موجة التضخم الاقتصادي في المنطقة المسببة في رفع الأسعار «سيء الذكر».

ولو كتب عليك أن تكون أحد الذين يقودون سيارة في تلك المناطق الرائعة ، فيجب أن تكون مستعدا كامل الاستعداد لمواجهة موجات من الشد العصبي وارتفاع ضغط الدم، و»تقحيصات» السيارات القريبة منك التي تنتهز الفرصة لكي تدخل عليك من اليمين أو الشمال، أو الأمام أو الخلف. ولابدّ أن تكون قادرا تماماَ على السيطرة على سيارتك ومَنْ فيها، والتحلّي بالصبر وطول النفس، حتى تصل إلى وجهتك بسلام. وعليك أيضا أنْ تتقبل برحابة صدر العبارات ذات « الذوق الرفيع» على جانبي الطريق التي تجعلك «تستحي على دمك» لو تذمرت وهي تقول « نعمل لأجلكم»، حتى لو كنت تعرف أنّ هذا العمل لأجلك سيستمر للأبد.

ولأنك لن تعدم طريقا هنا أو هناك تصادفك فيه أعمال الحفريات والإنشاءات، أو الازدحام المروري، فستتعود مع الوقت، وسيخف غضبك وستكبته في داخلك، وستقول مع الأيام « احنا بعد أحسن من غيرنا». وستحاول أنْ تبرمج نفسك على الخروج قبل ساعة أو أكثر على موعدك لكي لا تصل متأخرا، وخصوصا إذا كان أحد الطرق التي ستمر فيها في وجهتك « ملغوما» بالحفريات.

ولكن حتى لو لم تكن الحفريات عدوك الرئيسي اللدود، فستجد نفسك في مواجهة بعض المناطق التي ستكون «مولودا» لو خرجت منها بحسب المثل العتيد. ولعل المنطقة الدبلوماسية تقع على رأس قائمة هذه المناطق، فقد استطاعت بلا منازع أنْ تحقق قصب السبق في رفع ضغط دم أي سائق تسوّل له نفسه المرور عبر طرقاتها المتعرجة الغامضة.

أعتقد أنّ مطلبا ملحا تحتاج إليه هذه المنطقة؛ ليساهم بشكل أو بآخر في حل أزمة كلّ مَنْ يدخل إليها وهو لا يعرف أسرارها ودهاليزها، فلماذا لا تعلّق خريطة واضحة المعالم لجميع المنشآت التي تحتوي عليها هذه المنطقة، والطرق السالكة وتلك المغلقة، والتعرجات والالتواءات و « اليو تيرنات» المسموحة وغير المسموحة في تلك المنطقة، وحبذا لو علقت خريطة واضحة عند كل مدخل ومخرج للمنطقة الدبلوماسية توضح بدقة المباني كافة التي تحتوي عليها المنطقة والشركات والمؤسسات والوزارات التي أكلت بعضها بعضا من شدة قربها، مع التوضيح بالعلامات تلك المناطق التي يمكن فيها أنْ تجد موقفا لسيارتك فيها، وتلك التي يستحيل أنْ تجد فيها موقفا حتى لا تتعب نفسك «على الفاضي» بالوصول إلى موقع كنت تأمل فيه « ببارك» وبعد أن خاب أملك ستضطر آسفا إلى الدوران من جديد للبحث عن «البارك» المنشود الذي ربما لا تجده، وتضطر أنْ توقف سيارتك في «دفنة» بعيدة جدا، لتلعن اليوم الذي جئت فيه هنا. لكن عليك ألا تتذمر طويلا، فلتخطيط المنطقة الدبلوماسية منافع غير تطفيش الزائرين من خارجها، فهي مثال واقعي « للمتاهة»، يمكن للمعلمين أو أولياء الأمور في أي وقت أخذ الأطفال إليها في زيارة ميدانية لشرح مصطلح « المتاهة» عمليا، أو عقد مسابقات لمن يصل إلى وجهته أسرع وسط مبانيها وطرقها التي تخرجك دوما خارج اللعبة.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً