العدد 2040 - الأحد 06 أبريل 2008م الموافق 29 ربيع الاول 1429هـ

من يستجيب لنداء التغيير؟

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

حسنا... كم نحن محظوظون بأنَّ مجتمعنا حافلٌ بمنابر الكفاح الاجتماعي نحو التغيير. في أيِّ موقع من منابرنا الكثيرة يمكن للمرء أن يُوصل صوته ويضغط في تسيير بوصلة المجتمع نحو الهدف الذي يخدم المجموع لا مصلحة الفرد والحزب والتنظيم والطائفة.

لسنا أقلَّ شأنا من الآخرين، بل لدينا إضاءات اجتماعية كثيرة تؤهِّلنا أكثر من غيرنا لأنْ نتجاوز حقول الألغام المزروعة في وجه تقدُّمنا: لدينا حكومةٌ، موالاة ومعارضة، برلمان وشورى، صحافة وإعلام، جمعيات سياسية، قوى علمائيَّة، جمعيات إسلاميَّة وليبراليَّة، تكتُّلات تجاريَّة واقتصاديَّة، جامعات، نقابات عماليَّة نشطة، منظَّمات حقوقيَّة، تجمُّعات نسائيَّة، مؤسسات اجتماعيَّة، مساجد، مآتم ومجالس والكثير مما يصعُب عدَّه، وهو لا ريب عدد كبير على مساحتنا الجغرافيَّة، لكنه كبير أيضا في رمزيَّته ودلالاته.

كل هذه القوى والتيَّارات والمؤسَّسات مطالبة بأنْ يكون لها دورٌ مؤثرٌ وحقيقيٌّ في بناء الدولة الدستوريَّة الحديثة والمستقرَّة التي يرفل أبناؤها بالأمان في ظلِّ قانونٍ عصريٍّ عادلٍ يساوي بين الجميع، ليس مطلوبٌ أنْ تكون البحرين الدَّولة الفاضلة، ولكن أنْ تكون النموذج في الانسجام الاجتماعي والحريَّات والتنمية الاقتصاديَّة.

التغيير الاجتماعيُّ (Social change) كما يعرِّفه علماء الاجتماع، هو “الانتقال من نظامٍ اجتماعيٍّ إلى آخر، من مجتمعٍ تقليديٍّ إلى مجتمعٍ حديثٍ. فالنِّظام الاجتماعي الموجود الآن يختلف عن النِّظام الاجتماعي المشاعي أو الماقبل رأسمالي، أو الماقبل صناعي. فالمجتمعات البشريَّة عرفت العديد من الأنظمة الاجتماعية قبل أن تصل هذه المرحلة من التطوُّر. والدافع وراء تغيُّر الأنظمة الاجتماعيَّة هو أنَّ النظام الموجود لا يعبِّر عن إرادة الأفراد المكوِّنين للمجتمع، فطالما أنَّ هناك فجوة بين ما هو قائم وما ينبغي أن يكون يحدث التغيُّر للوصول إلى مجتمعٍ يعبِّر عن إرادة أفراده”.

ومن بين الكثير من أشكال التغيير الاجتماعي تهيئة المسرح للتغيير الاجتماعي والعمل المباشر، والاحتجاج والدعوة، وتنظيم المجتمع المحليِّ، ومجتمع الممارسة، والثورة، والنشاط السياسي (wikipedia).

التغيير الاجتماعيُّ إذا عمليَّة معقدَّة جدا، وليس من السهولة بمكان أنْ نتجاوزها في ذات صباح، ولكن استطعنا أن نعيش معا، نطوِّر من واقعنا الاجتماعيِّ، وأنْ نتوقف عن الخوف المسيطر علينا من فوبيا الماضي، نستطيع أن ننتصر لخيار البناء على خيار التشكيك.

علينا كمجتمع أنْ نستجيب لنداء التغيير، ولا نحتاج إلى صدامٍ مع من تتضرَّر مصالحهم من التغيير، ولكن التغيير يجب أنْ يكون بالنسبة إلينا مبدأ لا رجعة عنه. وفي غمرة هذه الدوامة المتقاذفة من عوارض التاريخ أو تعقيدات الحاضر يظلُّ الحديث عن التغيير مترافقا ومتلازما مع التخلُّص من الخيار الطائفيِّ.

ولست أدري إنْ كان الحديث عن الطائفيَّة هو حلٌّ لمواجهة الطائفيَّة أم سبر في أغوارها؟ ولا أعلم هل كان من حاجة إلى كلِّ هذا الصَّخب الكبير من القوى المؤثِّرة رسميَّة وسياسيَّة وبرلمانيَّة ودينيَّة وإعلاميَّة عن داءٍ طائفي يتهدد البحرين أم أنَّ في الأمر تهويلا ليس قليلا، وإذا كانت الطائفيَّة موجودة بهذا الحجم فعلا، فلماذا نخفيها طمعا في الهروب إلى الخلف؟

في كل الأحوال سيبقى الحديث عن الطائفيَّة ضربا من التَّرف الفكريِّ إذا لم يكن مصحوبا بآليات معالجة جريئة تضمن بأنَّنا سنعبر منها إلى التغيير، والعدوى الطائفيَّة انتقلت من النظام السياسيِّ وأصابت الجماعات والأفراد والكتل والتكتلات.

بصراحةٍ، كم منَّا تخلَّص من الطائفيَّة في ممارساته، وكم منَّا تخلَّص من الطائفيَّة في سلوكه الاجتماعي اليومي؟ ومن منا استطاع أن يتجاوز الشقَّ الطائفيَّ والنظر بعين ثالثة... عينٌ أكبر من التَّأطير المذهبيِّ والمناطقيِّ، ومن منَّا لم يصبْ بقصور النظر، بحيث لا ترى عيناه إلا بحرينيّا لا سنيّا ولا شيعيّاَ، وحينها سيكون نظرنا سليما 6/6!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2040 - الأحد 06 أبريل 2008م الموافق 29 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً