العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ

السينما والحرب (2-2)

حسن حداد comments [at] alwasatnews.com

.

السينما مرشحة دوما لأن تكون من أهم العوامل التي تساهم في تشكيل وصوغ الوجدان الشعبي... إذ إن أهمية هذا الدور تنبع دوما من واقع المجتمع الثقافي والاجتماعي نفسه، بمعنى فقدان التأثير المهم للكلمة المكتوبة على الجماهير، التي تعاني على سبيل المثال من الأمية. لذلك تبقى الغلبة للإذاعة المسموعة (الراديو) والمرئية (السينما والتليفزيون).

فيما يخص السينما العربية، في تعاطيها مع الحرب، وبالذات بالنسبة إلى الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر. فعلى مدار ربع قرن، لم تنتج السينما المصرية سوى تسعة أفلام روائية عن حرب أكتوبر. هذا عدا الكثير من الأفلام التي ورد ذكر حرب أكتوبر فيها ورودا عابرا، ومن هذه الأفلام: أبناء الصمت، الرصاصة لاتزال في جيبي، العمر لحظة، الوفاء العظيم، حتى آخر العمر، بدور، وأخيرا حكايات الغريب. ولم تسلم معظم هذه الأفلام من السمات التقليدية في السينما المصرية؛ فعلى رغم كونها أفلاما ذات طابع عسكري على ما يبدو ظاهريا، فإنها تدخل بشكل قسري أحيانا حدوتة رومانسية تقوم دعامتها الأساسية على علاقة عاطفية بين البطل والبطلة.

في الواقع، إن السينما المصرية لم تشهد فيلما عسكريا بالمعنى السينمائي يعالج هذه الفترة، سوى فيلمين اثنين فقط هما: «أبناء الصمت»، و«أغنية على الممر» الذي تناول حرب 67.

فيلم «أبناء الصمت»، من إخراج الشاب (حينئذ) محمد راضي، يعتبر من أهم الأفلام التي تناولت حرب الاستنزاف، كما يؤكد بأن نصر أكتوبر لم يأت من فراغ. إضافة إلى أنه يتلمس أسباب هزيمة حزيران من خلال وعي كامل بالظروف النفسية والاجتماعية والسياسية. ويقدم الفيلم بطولات الجندي المصري ابان حرب 1973 وما قبلها من حرب الاستنزاف بدءا من معركة رأس العش وحتى لحظة العبور العظيم وتحطيم خط بارليف المنيع ورفع العلم المصري على ضفة القناة الشرقية.

أما «أغنية على الممر» فهو العمل الأول لجماعة السينما الجديدة التي تكونت بعد هزيمة حزيران. الفيلم من إخراج علي عبد الخالق، ويتابع في حوادثه أربعة جنود وشاويش، في السابع من يونيو/ حزيران، يدافعون عن ممر عسكري ويقاومون دبابات العدو الزاحفة. وهم بلا مؤن ولا ذخيرة كافية وبلا اتصال مع القيادة. الخط العام للفيلم يحاول تقديم واقعة من حرب حزيران، تحكي عن صمود أولئك الرجال في وجه العدوان الإسرائيلي. وتناول هذه الحادثة من قبل فنان سينمائي، يعتبر خطوة جريئة ومهمة تلعب دورا دعائيا يساعد على رفع معنويات الجنود العرب خلف خط النار.

السينما التسجيلية الوثائقية المصرية، كانت أصدق في تناولها للحرب، ليس لأنها سينما الحقيقة، وإنما جاء ذلك من حجم الصدق الفني الذي يحمله صانعوها. ففيلم مثل (جيوش الشمس) للمبدع شادي عبدالسلام، وفيلم مثل (صائد الدبابات) للمخرج خيري بشارة، وفيلم مثل (جريدة الصباح) للراحل عاطف الطيب، هي أفلام سجلت بواقعية تأثير هذه الحرب على النفس البشرية، نفسيا واجتماعيا

العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً