العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ

الصهاينة وقناة الجزيرة

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

من المسلّم به أن قناة «الجزيرة» ومنذ بداية بثها أحدثت نقلة نوعية هائلة في الإعلام العربي الذي كان متعوّدا على نمط معيّن في التعاطي مع الأحداث والأشخاص والدول وعندما خرجت «الجزيرة» عن هذا النمط وكسرت كثيرا من الحواجز التي ما كان أحدٌ يجرؤ على كسرها ووجهت بحرب شعواء وصلتْ إلى حد قيام بعض الدول العربية بقطع علاقتها مع قطر بسبب ما كانت تبثه عنها!

ونعرف كذلك أنّ القوّات الأميركية في أثناء احتلالها لأفغانستان ومن بعدها العراق كانت تتعمّد قصف مواقع قناة الجزيرة وقتل بعض مراسليها، صحيح أنّها تتعمّد مضايقة الآخرين وقصفهم أحيانا لكن «الجزيرة» كان لها النصيب الأكبر في كل ذلك.

ولم تقف أميركا في عدائها للجزيرة عند ذلك الحد بل أنها تآمرت مع بريطانيا لقصف مقر القناة الرئيسي في قطر، وشاء الله أنْ يفضح هذا المخطط لتتعرى أميركا ومن معها، ويظهر بوضوح زيْف إدعاءاتهم للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولأنّ أميركا لا تختلف عن الصهاينة في هذا الجانب، فقد قامت «إسرائيل» حديثا بالإعلان عن عزمها على مقاطعة قناة الجزيرة بسبب أنّ هذه القناة كانت منحازة إلى جانب الفلسطينيين في نزاعها معهم خصوصا في الأحداث الأخيرة عندما ضيّقت «إسرائيل» الخناق على غزّة ثم بدأت تقصفهم من السماء والأرض وتقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم.

نائب وزير الخارجية الصهيوني قال: «إنّ قناة الجزيرة لا تعكس سوى نصف الأحداث وتساعد الإرهابيين».

أما المتحدّث باسم وزارة الخارجية فقد قال لوكالة «فرانس برس» نحن قلقون من برامج الجزيرة وخصوصا المنطلقة من غزّة.

ومسؤل آخر في خارجية «إسرائيل» قال للوكالة نفسها: «إنّ حكومته تأخذ على الجزيرة موقفها المنافي لأيّ أصول أخلاقية في العمل الإعلامي».

الذي يعرف الصهاينة لا يستغرب منهم مثل هذه الأقوال، فهم رددوها كثيرا ومازالوا يفعلون الشيء نفسه حتى الآنَ وسيبقون كذلك إلى أنْ ينفخ الله الروح في العرب والمسلمين فيستطيعون إسكاتهم وإعادتهم لحجمهم الطبيعي!

الفلسطينيون في عرفهم «إرهابيون» لأنهم يُدافعون عن بلادهم وعن أنفسهم، وكلّ حركات المقاومة في عرفهم إرهابية، بل إنّ كل دولة تتحدّث عنهم بشيء من الصدق - وأقول شيئا - هي دولة إرهابية وتساعد الإرهابيين!

هم لا يُريدون أحدا يقف ضد أطماعهم في فلسطين ولا سواها، ومن تجرأ على فعل شيء من هذا فهو إرهابي يستحق العقوبة، منهم من سادتهم الأميركان.

ماذا فعلت قناة الجزيرة حتى يغضبوا منها كما غضب سادتهم من قبل؟! لا شيء إلا أنها أظهرت جرائمهم كما هي، وهم لايحبون ذلك؛ لأنهم يقتاتون على دعاواهم الكاذبة بأنهم مظلومون، قديما وحديثا!

قناة الجزيرة كانت تنقل أيضا تأثير الصواريخ التي كانت تنطلق من غزّة باتجاه الأراضي المحتلّة، لكن تأثير هذه الصواريخ لم يكن بحجم صواريخهم وطائراتهم... بل يستحيل المقارنة بينهما... فهل يريدون من «الجزيرة» أنْ تفتعل أحداثا غير موجودة على الواقع؟!

الجزيرة لها حسنات لا يمكن إغفالُها قياسا ببعض القنوات الفضائية العربية الأخرى.

يكفي أنها تصف قتلى الفلسطينين بأنهم «شهداء» وهذا هو الوصف الصحيح، ولا تفعل غيرها من القنوات «العربية» التي تمجّد الأميركان والصهاينة بصورة أو بأخرى!

ومع هذا كلّه هل نستطيع القول إنّ هذه القناة تخلو من السيئات؟! لا بكلّ تأكيد.. فهذه القناة هي أوّل مَنْ سهّل للصهاينة المشاركة في القنوات العربية.

أعرف العلل التي قالها القائمون على هذه القناة تفسيرا لما فعلوه ولكنني أختلف معهم فيه.

وأعرف أنّ القناة تستضيف في بعض برامجها أشخاصا تافهينَ لا يستحقون الظهور على أي قناة فضلا عن «الجزيرة» وأختلف معهم أيضا في الاستمرار على إبراز هذه الوجوه.

ولعلّ أسوأ أخطائهم استضافتهم لـ «وفاء حطان» التي اتهمت الإسلام بانه دين دموي وإرهابي، مع أنّ هذه «التافهة» كانت معروفة الأفكار وكانت تظهر مخازيها تجاه الإسلام صراحة، وما كان من حق القناة استضافتها في فترة حرجة كان نبي الإسلام يُقذف بكلّ أنواع الحماقات!

صحيح أنّ السيد «فيصل القاسم» الذي استضافها في برنامجه الشهير «الاتجاه المعاكس» قد اعتذر عما قالته لكن هذا الاعتذار لم يكن بحجم الإساءة التي سمعها كلّ الناس على قناة الجزيرة.

وعلى أية حال تبقى قناة الجزيرة رغم كلّ ما يُقال عنها أفضل قناة عربية، ويكفي أنْ يكون الأميركان والصهاينة غاضبين منها لكي نرضى عليها لا لأننا نسعى للمخالفة فقط ولكن لأنها نقول عنهم الحقيقة التي نكاد نفتقدها في معظم القنوات الأخرى.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً