العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ

التسامح البحريني

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

أكتب والقلب يعتصره الألم على بلادنا التي كانت واحة أمن وأمان ومحبة وسلام. أبكي شعبا كانت تكسو أخلاقه الطيبة والتسامح والكرم والجود. نبكي بكاء مريرا لا حدود له، نبكي بكاء الثكلى، ونندب ندب المحزونين على غم مقيم على دنيا العرب والمسلمين.

حينما يشار إلى البحرينيين بأنهم شعب الطيب والتسامح والكرم، المقصود هو الطيبة والتسامح مع الآخرين، ومن هم الآخرين؟ هم المختلفون معنا في الدين والمذهب واللون والعرق والطبائع. هذا معنى أن يكون الشعب البحريني شعبا متسامحا ويقبل بوجود العناصر المختلفة معه، ويتعايش معها.

إلا أنه في مجتمعنا الراهن لا وجود للتسامح إذ الواحد منا لا يقبل بوجود الآخر، بل ويضطهده، في العمل والرزق وحريته الدينية. قبل فترة من الزمن طالب بعض أهل السنة والجماعة بوجود مسجد لهم في سترة. ومن المعروف أن جزيرة سترة غالبية أهلها من الطائفة الشيعية، إلا أن الأمر مر وتم بناء مسجد للسنة على الشارع الرئيسي، يصلي فيه المصلون الذين ينتمون لأهل السنة والجماعة بلا مضايقة أو تعكير صفو من أحد.

الآن يطالب الشيعة بمسجد في البحير، وقد وافق على المقترح غالبية النواب واعترض ثلاثة فقط على بنائه. إلا أن البرلمان رفع المقترح برغبة، والله فشيلة مقترح برغبة من أجل بناء مسجد في بلد إسلامي، المقترح الآن لدى الحكومة.

إن الأمل يحدو أهالي البحير من أبناء الطائفة الشيعية في سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة - حفظه الله ورعاه - من أجل سرعة تنفيذ هذا المقترح. واعتقد أن التعجيل في تنفيذ هذا المقترح بالسرعة الممكنة سيكون له كبير الأثر في تخفيف حدة الاحتقان الموجود لدى الأهالي المطالبين ببناء المسجد. بل لماذا تتركهم الحكومة «معلقون» هكذا؟! وما هي خطورة مسجد يعبد فيه الله؟ ثم أن المساجد خاضعة لإدارة الأوقاف الجعفرية التي هي تابعة لوزارة العدل، أي للحكومة.

لا أعرف في الحقيقة كيف يفكر البعض، ويرى أن بناء مسجد للشيعة أو للسنة يشكل خطورة على الآخر، بل إنني أعتقد عكس ذلك تماما، بمعنى أن بناء مسجد لأبناء أية طائفة يخفف من حال التوتر ويضفي مزيدا من الألفة وروح المحبة بين الجميع. وإن منع أو حرمان طائفة معينة من ممارسة عبادتها وحريتها الدينية يجعل من أبناء هذه الطائفة أكثر تعصبا وانزلاقا ناحية الهاوية الطائفية، فكرا وممارسة. إذ كل ممنوع مرغوب وبالتالي يكافح هؤلاء أمام العالم أجمع من أجل إيصال رسالتهم والحصول على مطالبهم.

لا معنى للحديث عن التسامح البحريني إن كان الناس أنفسهم يقدمون الطائفيين على غيرهم من الوطنيين البحرينيين المخلصين، إذ التسامح البحريني يصبح شيئا من الماضي أمام موجة الطائفية التي تمارسها التنظيمات السياسية القائمة على أساس الانتماء الطائفي، كما يمارسها المتمصلحون منها بالدرجة الأساس. من خلال هذا المنبر أناشد الحكم أن يُعيد النظر في السماح لتلك التنظيمات العمل في الشأن العام، إذ هي أرهقت المجتمع البحريني بطائفيتها الفاقعة.

«عطني إذنك»...

كبحريني مسلم علمني والدي - رحمه الله - وهو إمام مسجد بالحي الذي نعيش فيه مذ ولادتنا في المحرق، أن الناس سواسية، وأن قول الحق مقدم على سواه، وأن عليك أن تحب البحرينيين جميعا،َ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (المائدة : 8). لم ولن أكتب شيئا إلا ويسرني يوم القيامة أن ألقى به الله سبحانه وتعالى.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً