العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ

المثقف الخطر

«إننا لا نحتاج إلى المزيد من الصواريخ والقنابل الهيدروجينية، بالدرجة التي نحتاج فيها إلى المزيد من المعرفة الدقيقة عن أنفسنا كمشاركين في الثقافة.»

إدوارد تي. هول

لابد أن تي هول لاحظ استفحال توصيف مثقف في الأوساط المجتمعية، ووعى باكرا خطر تفشي هذا التوصيف بمناسبة وبغير مناسبة. لن نناقش معاني الثقافة والخصائص التي يجب أن تتوفر في من يريد أن يتبجح بكونه مثقفا، ولكننا هنا أردنا لفت الانتباه فقط إلى القضايا أو المسائل التي يجب أن نهتم بها ونعالجها، وربما نحلّها بوصفنا مثقفين أو «مشاركين في الثقافة».

الإشكالية إذا تكمن في المنتوج الثقافي الذي نقدّمه، ذلك أنه على رغم أن الكثير من النخبة المجتمعية المثقفة تجهر اليوم بإعلان موت الثقافة، ولا ترى في غيرها من المثقفين أو لنقل أصحاب الكفاءات مالكا لإكسير الحياة الذي سينعش هذا القطاع، فإن الثقافة ماتزال مجالا أخطر على المجتمعات من القنابل والصواريخ.

سؤال محوري، لو أن من يمارس مهنة الثقافة والتثقيف طرحه على نفسه قبل أن يتوجّه به إلى غيره لزالت الكثير من الحواجز التي تفصل المثقف عن العامة. يكفي أن تتساءل: أية إضافة أو فائدة أقدمها لمن يقرأ، يستمع، يشاهدني؟

الكثير من المثقفين يذهبون إلى الاعتقاد بأن المنتوج الثقافي لابد أن يكون دسما، ولكن يخفى عليهم أن الدسامة تقتل أحيانا، وللأسف فإن أول من تقتله هذه الدسامة هو هذا المثقف المنتج.

وعينا بخصوصيات مجتمعاتنا ومتطلباتها في هذه المرحلة يفرض على المشارك في الثقافة أن يتصف بمجموعة من الخصال التي لم يطالب بها المثقف في مراحل سابقة، ذلك أن المثقف المتعالي عن الواقع، المثقف الذي يتحدّث عن البوهيميات التي لم يعد صدر الناس يتسع لها، المثقف القابع في برجه العاجي يشاهد الآخرين من عليائه لم يعد له مكان اليوم، إذ سرعان ما سيلفظه هؤلاء.

خلاصة القول، المثقف اليوم مطالب بأكثر من أن ينشر أفكاره، المثقف اليوم مطالب بأن يبحث عن المفاتيح التي تجعل منه «مشاركا» فاعلا وخطرا في الحياة الثقافية

العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً