العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ

بين ديمقراطية إسلام آباد... وبحرين آباد!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

حين نتابع ما يجري في باكستان من حراك سياسي يصل لقمة الهرم نغبط إسلام آباد بل نحسدها على الديمقراطية الحقيقية التي تبشر بمستقبل سياسي مشرق رغم التوتر الأمني الحالي.

باكستان تسير على قطار الديمقراطية فعلا، ببرلمان حقيقي يعكس الإرادة الشعبية لا غيرها، وإسلام آباد تنعم ببرلمان يمتلك الأظافر التي يستطيع من خلالها أن «يشمخ» أية شخصية عامة مهما علا شأنها، وهو يعطي مثالا رائعا في كسر الخطوط الحمراء الوهمية.

الأخبار الآتية من باكستان مثيرة للإعجاب حقا، ليس فقط لأن المعارضة هي التي تقود الحكومة المنتخبة، وهي التي تتجه نحو فرض كلمة الشعب في صنع مستقبله السياسي، بل إن الموالاة هي الأخرى بدأت تضيق الخناق على حليفها الاستراتيجي.

ثمة فرق شاسع بين معارضة باكستان ومعارضتنا، وبين موالاة باكستان وموالاتنا. في باكستان أصدقاء مشرف صدوقون، وحتى المقربون منه أبلغوه أن ساعة الحقيقة التي لا مناص منها قد اقتربت فعلا.

لا يمكن أن نتقدم سياسيا بديمقراطية تنتقص من الإرادة الشعبية، ولا يمكن أن نفكر في تغيير حقيقي مع معارضة هزيلة وموالاة «منبطحة»، ولا يمكن أن ندعي الملكية الدستورية في ظل دوائر انتخابية لا تفرق بين الحجر والبشر، ومنطق التقسيم الانتخابي للدوائر يقوم على فلسفة أن الصخرة الصماء مقدمة على آلاف الذين يختلفون مع السلطة في تعاطيها مع الأمور.

في البحرين لا يمكن لمجلس صمم بطريقة خاطئة، سقفه منخفض أن يطيح بأي رأس مهما كان صغيرا، إنه مجلس خلق مع الأسف لكي يكون معاقا، فيده لا تستطيع الاقتراب من بؤر الفساد التي نعرفها جميعا، ربما يصح أن نطلق عليه مأتما، لأن المعارضة تنوح فيه، وربما نطلق عليه قاعة مغلقة للصراخ، لكنها كاتمة الصوت.

اليوم يحز في نفسي كثيرا، حين أمر على بعض الكتابات التي كانت تمثل شعار مرحلة التسعينيات، شعار لطالما تردد وكتب بكل الألوان وعلى كل جدران: «البرلمان هو الحل»... اليوم واليوم فقط أدركت أن الشعوب من السهل أن ينطلي عليها بسرعة، ولو قدّر لهؤلاء الذين كانوا يحلمون في البرلمان المخلص سيكتبون «البرلمان هو الأزمة وليس الحل».

ثمة وصوليون وانتهازيون وطائفيون وحفنة من المرضى النفسيين سيطروا - أو أريد لهم أن يسيطروا - على هذا المجلس، بعضهم أصبح الآن يسيء بسلوكياته إلى البحرين... وجودهم أضحى بصمة عار لكل بحريني يحلم في وطنٍ بمقياس آخر، لأنني أزعم أن هؤلاء لا يمثلون سوى أنفسهم وأطماعهم وكراسيهم وصفقاتهم وكرشانهم ولكن بالتأكيد لا يمثلوننا!

هنيئا لإسلام آباد ببرلمانها وتعسا لسكان بحرين آباد ببرلمانهم... فلتعذرونا، ليس هذا ما طالب به من دفع الثمن... شكرا... لا نريد برلمانا أعرج... حان الوقت لنطالب ببرلمان حقيقي... دعونا نحلم، فهل سنُمنع من الحلم أيضا؟!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً