العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ

عذرا أيُّها الرجل

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

أنت سيد المنزل، لا أحد ينكر، أنت رب الأسرة، والكل يقدر هذا ويحترمه... أمرك مطاع وكلمتك نافذة، وقرارك لا يناقش والكل يسلم بهذا. بالمحبة والتفاهم والهدوء لا بحدة المزاج والصراخ والإهانات والتجريح لأنك في النهاية قد تقول كلمة «آسف»، وإن لم تقلها ستعبر عنها بفعل ما تقوم به للتعبير عن أسفك. ألا ترى معي أن تصرفا كهذا قد يسقط هيبتك مع الوقت حين تعتاد زوجتك كما يعتاد أولادك على طباعك ويعتبرها الجميع مجرد فقاعات؟

قبل دقائق كنت مع زملائك بشخصيتك المرحة وفمك الذي لا يتوقف عن الضحك والمزاح، حتى وأنت في طريق عودتك إلى البيت هاتفك لا يتوقف كما لا تتعب من الحديث والنكات. وبمجرد أن تصل إلى مدخل البيت حتى تلبس القناع الرسمي وجها متجهما عابسا. فم أطبق عليه الغضب وحدة المزاج، حتى التحية تبخل بها وإذا بادرتك بالتحية تجاهلت سماعها، تتهالك على أقرب كرسي في الدار، وكأنك عائد للتو من معركة أعمال شاقة حملت فيها الصخر والحديد. في داخلك حمم بركانية تنتظر سؤالا أو كلمة لتنطلق وتحرق الدار بمن فيها حتى تتلعثم الزوجة مرتبكة معتذرة من دون أن تدري سبب ثورتك وغضبك. أما الصغار فيفر كل واحد منهم إلى غرفته وقد حمَّل نفسه ذنبا لم يرتكبه تسبب في غضبك وثورتك.

كم يحلو لك هذا الجو من الخضوع والاحترام المبالغ فيهما والمفروضين بشخصيتك الغاضبة دائما؟ كم يطيب لك جلوس الجميع حولك من دون حديث ينظر كل منهم إلى الآخر ثم إلى أمه التي تشير بدورها إليهم طالبة منهم الصمت والهدوء، وهل يمكنها فعل غير ذلك؟

يا سيدي، لماذا هذه الشخصية الصارمة؟ فزوجتك تنتظر عودتك من عملك لتفرغ ما بها من متاعب يومية أو تشاورك في أمر ما يتعلق بأولادكما... أو ربما تريد إعلامك بما أنجزته لهم من أمور استعدادا للامتحانات... أمور كثيرة تحتاج إليك فيها، ولكن بهذه العصبية وهذا العبوس لن تستطيع وستفضل الصمت حتى لا يرتفع صوتك بالإهانة والكلام الجارح فيسمعك أولادها.

سؤالي الآن: ماذا لو ارتفع صوتها بالصراخ أو استقبلتك بالتذمر والشكوى؟ ماذا لو انهالت عليك بالاتهامات والطلبات؟ ولو تجاسر أبناؤك بوجودك بينهم بكلمة أو تصرف وكانت هي المشجعة لهم؟

أيها الرجل كن صادقا مع نفسك، فلو كانت زوجتك من النساء اللواتي يهملن واجبهن تجاهك وتجاه أولادها، وتمضي النهار تدور كعقارب الساعة من بيت إلى آخر وتعود قبل عودتك بدقائق من دون مراعاة لواجبها باعتبارها أما وزوجة وربة بيت عليها واجبات يجب أن تقضيها، ثم تصرخ في وجهك متهمة إياك بالإهمال وسوء التدبير والتربية وبأنها لم ترَ معك إلا التعاسة والهم والفقر... إلخ فهل ستصرخ في وجهها؟ وهل ستجلس معها صامتا حتى تبادرك بالحديث فتنفجر متهما إياها بالثرثرة والتفاهة؟ أم ستنقلب الصورة لتتحاشى صراخها وثورتها وتبادر أنت بخلق جو من المرح لها ولأولادك لتستجدي الرضى وكلما تعالى صوتها انخفض صوتك، وكلما اتهمتك اعتذرت لها، وإذا أنكرت عليك تعبك في عملك بادرت إلى مساعدتها في أعمال البيت، بل قد تدخل المطبخ لتقدم لها وجبة شهية وتطلب منها أن تخلد إلى الراحة ريثما تنتهي أنت من إعداد الطعام، حتى سلطتك على أولادك قد تتقلص فينقلب الوضع لتنفذ طلباتهم من دون نقاش لئلا يذهب إلى أمه في تثور في وجهك غاضبة؟!

أيها الرجل لك حقوق وعليك واجبات، فلا تفرط في حقك ولا تتخل عن واجبك، لا تكثر إهانتها حتى لا تدفعها إلى التجاسر عليك، روضها بالمحبة والحنان واللين، عودها حين عودتك أن تستقبلك بابتسامة وادعة جميلة، تماما كما تفعل أنت، وفي الوقت نفسه اجلس إليها قليلا، وخصوصا إذا كانت من اللواتي يمضين نهارهن في العمل المنزلي والترتيب... إلخ بانتظار عودتك لترتاح معك بعض الوقت في حديث عائلي مبهج تقوم بعده لتساعد أولادها في المذاكرة.

ما رأيك، ألا توافقني أن الحزم في التعامل أفضل بكثير من الغضب والثورة اللذين قد يقطعان حبل المحبة والتفاهم بينكما؟

العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً