العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ

شر البلية ما يضحك

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

الفضائح الإدارية الموجودة في أقسام وإدارات الوزارات الحكومية، يشيب منها رأس الطفل الصغير، أحيانا نضع يدنا على رأسنا وأحيانا نضعها على قلوبنا ولن نفلح في ردها أو الاعتبار منها، فهي أحيانا كالشمس لا يمكن حجب أشعتها وأن حاولنا فسنثير بعضها.

وبشأن هذه الفضائح لمست تفاعلا كبيرا من قبل القراء، بعد أن زودوني بقدر أكبر مما عندي.

من هنا قررت عرض هذه الفضائح لغرض معالجتها، علنا وعسى أن نجد لهذه الأمراض الإدارية دواء أو تشفى صدورنا منها.

احدى الوزارات الخدمية ينطبق عليها المثل الشعبي الدارج «شر البلية ما يضحك»، لست أرغب في تسميتها في الوقت الحالي على الأقل، ولعلها ليست الوزارة الوحيدة المصابة بهذا الداء، والأسباب كثيرة ربما أبرزها على الإطلاق أن أغلب القياديين والذين يشغلون المناصب الإدارية المتقدمة فيها من مدراء ووكلاء مساعدون لا يمتلكون مؤهلات علمية تتناسب مع طبيعة عملهم بل أن خبراتهم العملية بعيدة كل البعد عن الحقل المناط بهم، ومع ذلك ينظر إليهم الجميع نظرة إجلال وإكبار، ويثقون فيهم وبعملهم ثقة كبيرة، وبدورنا نؤكد بأنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص مؤهلا علميا بقدر ما يكون ذا كفاءة عالية وقادرا على القيام بمسئولياته على أتم وجه ولطالما وجدنا أمثلة بارزة لذلك.

رغم أن هناك إيمانا خالصا لدى أغلب الناس بالتخصص وأهميته ودوره البارز في إنجاح الشخص بشأن المهمة الملقاة عليه، فكلما كان يمتلك مؤهلا علميا قريبا من عمله كلما توفرت لديه فرص أكبر للنجاح والإبداع والعكس صحيح أيضا رغم أن هناك استثناءات ممكن تنجح وتؤدي أدوارا جدا متقدمة ولكننا لسنا في حاجة للتعويل على الاستثناءات لتوفير الأرضيات الخصبة والمناسبة لتحقيق النجاحات البارزة وشغل الأماكن الوظيفية تحت أي عنوان ولأي سبب من الأسباب.

لا نعيب عليهم لكونهم لا يمتلكون المؤهلات المطلوبة أو القريبة من عملهم ولكن الأدهى بأنهم مبتلون بذلك والمثل الشعبي يقول الذي بيته من الزجاج لا يرمي الناس بالطوب، ولكنهم هؤلاء أنفسهم فاتهم المثل الشعبي ولطبيعة عملهم يشرفون على الكثير من المؤسسات في القطاع الخاص، وبالتالي يضعون المعايير والاشتراطات التي لا يمكن تحقيقها على الأرض وتعتبر بحد ذاتها تعجيزية وغير واقعية، والتي من جملتها وضع اشتراطات دقيقة بشأن شاغلي المناصب الإدارية وضرورة توفر المؤهلات العلمية والخبرات العملية التخصصية، بل ويصرون عليها رغبة منهم وإيمانهم الخالص بأهمية التخصص وضرورة توفره لضمان نتائج أفضل.

من هنا نتوقف لنقول كان حريا بكم أن لا تعقدوا الأمور أمام من تشرفون عليهم ولكم في أنفسهم مثال حي وراق كونكم أمثلة واقعية لعدم توفر المؤهلات العلمية ولا الخبرات التخصصية ونفترض فيكم وبحسن النوايا بأنكم ناجحون ومبدعون في عملكم ألا يفترض منكم أن تحسنوا الظن أيضا في الآخرين ؟ أو على الأقل تتركون الأمر اختياري لا إجباري، أم أنكم تفترضون بأنكم استثناءات وغيركم من حولكم هم ليسوا كذلك؟

للأسف الشديد المنطلقات حينما تختلف عن الواقع الذي نعيش فيه نواجه حينها أزمات ومشاكل لا حصر لها، ونضطر حينها أن نقول ان شر البلية ما يضحك، لأن بالفعل أمر جدا مضحك أن نغلق منطقة بأكملها على البعض في الوقت الذي يكون دورنا الميسر والمسهل والمعين، وفي ذات الوقت المنطقة لدينا مفتوحة بالكامل وبحكم موقعنا نغلق المنطقة بالكامل على من سوانا.

فقط بغرض إشباع رغبات التحكم والتملك والاستئثار بالآخرين، أظن بأننا لا نحتاج في هذه المرحلة تحديدا إلى مسئولين وإداريين من هذا النوع ضيقي الأفق والأنانيين والذين لا يرون غير مصلحتهم، كما أننا لسنا بحاجة أيضا إلى إداريين بنفسيات مريضة، لأنها ستعقد الأمر أكثر مما هو معقد في حين أن الإداري أو القيادي الناجح هو من يمتلك القدرة على تذليل الصعاب الموجودة بهدف تحقيق النتائج المرجوة لا الوقوف أمامها كالسد المنيع، فمفهوم الإدارة والقيادة يختلف كثيرا عن المفاهيم الأخرى الراسخة والمتأصلة في ممارسات بعض القياديين والإداريين التي لدينا والتي أكل عليهم الزمن وشرب.

من هنا نقول من جديد بأن علينا أن ندقق في الاختيارات وبالذات في المواقع الحساسة وأن نعيد النظر في التعيينات وأن ننظر مرة وأثنين في الاختيارات الموجودة، لأننا لا نريد أن نكون نكتة والكل يضحك عليها، وللناس أعين وآذان يرون ويسمعون بها، وأيضا لديهم فم لا يستطيع أن يغلق بالكامل إذا ما رأى شيئا خطأ أو سمع ما لا يسر، أحيانا يضحك ويظل القلب يعيش حالة من الحزن، والجميع عليهم أن يفهموا بأنهم هنا لا بغرض استعراض العضلات أو الفنون وإنما بغرض خدمة الآخرين. والآخرون يحتاجون أن يقدم لهم شتى أصناف الخدمات بتواضع وباحترام، وبفن راق لا بفرض معايير واشتراطات ما أنزل الله بها من سلطان فقط بغرض الاستعراضات، وما أدراك ما الاستعراضات خصوصا إذا جاءت من أناس مبدعين في الإفلاس سيكون مصير من تحته الويل والثبور فالمرض إذا حكم لا يفيد معه لا طب ولا طبيب ووقانا الله وإياكم شر المرض ومحنته ووقانا الله وإياكم شر وأشرار البلية فقد صمنا عن الضحك وننتظر من الله الشفاء لصدور المبتلي بالمرض الإداري آمنين رب العالمين.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً