العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ

أين «مؤسسة الشباب» عن دعم الثقافة؟

عبدالله الميرزا abdulla.almeerza [at] alwasatnews.com

تسجل مسابقة الحاج حسن العالي الثقافية في عامها الخامس توسعا ملحوظا على صعيد الطرح النوعي ورقعة المناطق المشاركة، والحضور الإعلامي، وهذه أبرز مميزات المسابقة التي تفتقر مملكة البحرين إلى مثيلاتها.

بشهادة الكثيرين حققت المسابقة ومازالت حراكا ثقافيا استطاع أن يلقي حجرا وسط المياه الراكدة على مستوى الأنشطة الثقافية البحرينية التي عانت كثيرا من غياب الاهتمام الرسمي بتنمية الجوانب الفكرية، وطبيعي بعد ذلك أن يتلاشى الاهتمام الشعبي إذا انعدم الدعم والتحفيز. ولكن يكون التراجع عصيّا على عقول عشقت الثقافة منذ القِدم، وهذا ما حصل في قرية بوري. فالقرية، التي كانت الأبرز بحرينيا في الاهتمام الثقافي منذ الثمانينات حين حققت المركز الأول على المستوى الخليجي بمشاركتها في سلطنة عمان، وإن توقفت لسنوات إثر حوادث التسعينات، فإنها عادت مجددا لتستأنف نشاطها بصورة أكثر حيوية.

السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذا النجاح المستمر للمسابقة، هو: ماذا قدمت الجهة المعنية الأولى بالأنشطة الثقافية (المؤسسة العامة للشباب والرياضة) من دعم لهذه التظاهرة الثقافية البارزة؟ الجواب ينقله أحد أعضاء اللجنة المنظمة على لسان مسئول كبير في المؤسسة عندما خاطبه قبل عامين طالبا منه دعم المسابقة، إذ قال بالحرف الواحد: «احنا رياضة وبس»!

شهادة على التجاهل

المرة الوحيدة التي وافقت المؤسسة على رعاية المسابقة رسميا اكتفت فيها بإنابة أحد موظفيها لحفل الافتتاح، لأن المسئولين الكبار مشغولون بالرياضة فقط، حتى الدعم المادي لم يرقَ إلى مستوى الدعم الجدي أصلا، وكل ما كان هو دعم اسمي لا أكثر، وهو على ما يبدو ما جعل المنظمين يلجأون إلى وزارة الإعلام التي وجدوا عندها تجاوبا أكثر من الجهة المعنية بالأمر الثقافي، ترجمه تفاعل وزير الإعلام جهاد بوكمال هذا العام برعايته المباشرة للمسابقة وبث حلقات المسابقة على التلفزيون بدءا من اليوم، بالإضافة إلى بث مباشر لمقتطفات من المسابقة على الإذاعة، وهو ما اعتبرته اللجنة المنظمة قفزة نوعية على مستوى العمل الثقافي المناطقي بحرينيا، بعد تجاهل دام طويلا.

ربما ستتذرع المؤسسة بأنشطة ثقافية ترعاها هنا وهناك لم تؤت أكلها طيلة السنوات الماضية في رفع الوعي الثقافي في المناطق المنسية ما ولّد نسبة كبيرة من الجهل والتسيب الدراسي وانخفاضا ملحوظا في مستويات النجاح، ولكن هذا التذرع تفنده المطالبات القديمة والمستمرة بفصل الشأن الثقافي عن المؤسسة العامة، فطبيعي ألا يستطيع المسئولون التوفيق بين الجانبين، فالهم الرياضي لوحده يحتاج إلى تفرّغ طاقم كبير يخرج البحرين من تذبذب المستوى الفني والمهاري لفرقها الرياضية، وإدماج جميع أبناء البحرين (من دون استثناء مغلّف) في التطوير الرياضي بدلا من الاتكال على إنجازات الكوادر «المبحرنة» التي لا تعطي للفوز (لو حصل) طعما حلوا.

أما الشأن الثقافي فهو الآخر محتاج إلى موازنات تضاهي تلك التي تصرف على الرياضة على الأقل، ويحتاج إلى دعم الأنشطة الأكثر مردودا على المستوى الفكري من دون تمييز مناطقي. وهذا لا يتأتى في ظل مهمات كثيرة ومتداخلة وموازنات ضئيلة جدا توزع بالتقطير على الأقرب فالأقرب.

التفريغ الفكري... خطر

لو تكرر نموذج مسابقة العالي على مدار العام في أكثر من منطقة، ولاقى الدعم الرسمي بصورة جيدة، فإنه سيخفف كثيرا من أسباب عنف الشباب الذي تقيم له المؤسسة المؤتمرات والندوات من أجل مناقشة أخطاره، وتصرف عليها ما لا تصرفه على التنمية الفكرية. ولو بقي الحال كما هو فإن النتيجة ستكون المزيد من الضياع والانحراف الشبابي، ليس لأن المؤسسة لا تعمل، ولكنها تعمل بصورة ناقصة.

تلك ليست مهاجمة أو استعداء للمؤسسة، ولكن لدق ناقوس الخطر، والحاجة الملحة لإعطاء الثقافة حقها في «وطن الثقافة» كما هو شعار مسابقة العالي لهذا العام

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"

العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً