العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في قصة الوزير مع أهل البحرين بالرمانة

الباب العاشر

قال المجلسي ـ نوّر اللّه مضجعه ـ في البحار، قال: أخبرني بعض الأفاضل الكرام والثقات الأعلام، قال: اخبرني بعض من أثق به، يرويه عمّن يوثق به، أنه قال: لما كانت بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون أدعي إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب، وله وزير أشدّ نصبا منه، يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت عليهم السلام، ويحتال في هلاكهم وإضرارهم بكلّ حيلة، فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي؛ فإذا مكتوب عليها لا اله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه، ابو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، فتأمل الوالي فرأي الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر فتعجب من ذلك!؟ وقال للوزير: هذه آية بينة، وحجة قوية على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين، فقال له: أحلمك اللّه إن هؤلاء جماعة متعصبون ينكبون عن البراهين، وينبغي لك أن تُحضرهم وتريهم هذه الرمانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، فإن أبوا فخيرهم بين ثلاث: أما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبي نسائهم وأولادهم، وتأخذ الغنيمة من أموالهم، فاستحسن الوالي رأيه وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار والنجباء والسادة الأبرار من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة وأخبرهم بما رأي فيهم إن لم يأتوا بجوابٍ شافٍ من القتل والأسر وأخذ الأموال، أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار.

فتحيروا في أمرها ولم يقدروا على الجواب، وتغيرت وجوههم وأرتعدت فرائصهم، فقال كبرائهم: أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه، وإلاّ فاحكم فينا بما شئت، فأمهلهم فخرجوا من عندهم خائفين مرعوبين متحيرين، فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة، ففعلوا ذلك ثم اختاروا من العشرة ثلاثة، فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى الصحراء واعبد اللّه فيها واستغث بامام زماننا وحجة اللّه علينا لعلّه يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.

فخرج وبات طول ليلته متعبدا خاشعا باكيا يدعو اللّه ويستغيث بالإمام، حتى أصبح ولم يرَ شيئا، فأتاهم وأخبرهم.

فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم، فاحضروا الثالث، وكان تقيا فاضلا اسمه محمد بن عيسي، فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسرا إلى الصحراء، وكانت ليلة مظلمة فدعي وبكي وتوسل إلى اللّه سبحانه وتعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم، واستغاث بصاحب الزمان.

فلما كان في آخر الليل فإذا هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسي مالي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت في هذه البرية، فقال: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لا أذكره إلاّ الى إمامي ولا أشكوه إلاّ لمن يقدر على كشفه عني، فقال: يا محمد بن عيسي أنا صاحب الأمر عليه السلام فاذكر لي حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم حاجتي وقصتي، ولا تحتاج إلى أن أشرحها إليك، فقال له: نعم خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة، وما كُتب عليها وما أوعدكم الأمير به.

قال فلما سمعت ذلك منه توجهت إليه، وقلت له: نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنّا، فقال (عليه السلام) : يا محمد بن عيسي إن الوزير في داره شجرة رمان، فلمّا حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة، ثم وضعهاعلى الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة، فأثرفيها وصارت هكذا.

فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له: جئتك بالجواب، ولكني لا أبديه إلاّ في دار الوزير، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك تري فيها غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك إلاّ في تلك الغرفة وسيأبي الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك، ولا ترضَ إلاّ بصعودها، فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدّم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوّة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فتري فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال.

وايضا يا محمد بن عيسي قل للوالي: إن لي معجزة اخري، وهي إن هذه الرمانة ليس فيها إلاّ الرماد والدخان، وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها، فاذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته، فلما سمع محمد بن عيسي ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا، وقبّل ما بين يدي الإمام وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.

فلما أصبحوا مضوا إلى الوالي، وفعل محمد بن عيسي كلّ ما أمره به الإمام، وظهر كلّ ما أخبره فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسي وقال له: من أخبرك بهذا، فقال: إمام زماننا (عليه السلام) وحجة اللّه علينا، فقال: ومن إمامكم فأخبره بالأئمة (عليه السلام) واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان عليهم السلام، فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأن محمدا رسول اللّه وأن الخليفة من بعده أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثم أقرّ بالائمة إلى آخرهم، وحَسُن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم، قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمد بن عيسي معروفا تزوره الناس، انتهي ما أردنا نقله من بحار الأنوار.

حادثة غريبة:

وفي السنة الثانية بعد الألف انقض حجر سماوي، وسُمع لإنقضاضه صوت هائل، وأهتزت الدور والأماكن، فطار في الهواء حتى قرب من البحرين، فاستغاث الناس وظنوا ذلك من إمارات القيامة، وتوقف في الهواء مدة، فأحسوا حرارة النار من تلك الجمرة العظيمة، ثم طار واغرق نفسه في البحر، فظهر صوت في البحر كصوت الف مدفع، وبعد ذلك فشت بعض الأمراض في البحرين، فامرهم حكيم هناك بشرب التتن كالمتعارف بينهم، وهذه الحادثة مشهورة بين أهل تلك الجزيرة واللّه العالم.

بلية عظيمة وهي المعروفة بوقعة العبد:

وبها أشار علي (عليه السلام) في خطبته المتقدم ذكرها، نُقل أن سلطان مسقط أرسل عبدا من عبيده إلى البحرين لأمر القضاء، وأمر العلماء والأكابر بالإئتمام به والإنقياد له، فجاء العبد إلى البحرين وأفتي الناس بفتاوي لم يسمع مثلها في الأعصار، ولم تُذكر في الأمصار مثل حكمه بين المتخاصمين بأن المدّعي يحلف والمدّعي عليه يحلف والمال لي قوموا روحوا، وغير ذلك من المحاكمات الغريبة.

ومن جملة مواعظه اياكم والقبب يعني ضرائح الأئمة عليهم السلام، فبقي في البحرين مدة حتى ضاقت الأرض على العلماء والأكابر، فشكوا إلى سلطان مسقط فلم يجبهم، ثم إن العبد الملعون أمر غلمانه بالتعدي على الشيعة، فأخذوا أموال الناس بالباطل، وصدوا عن سبيل اللّه، وأخمدوا مصابيح السنة، واظهروا البدعة، فاشتدت التقية على الشيعة، ففر بعضهم إلى بلاد العجم، والبعض الآخر إلى الهند، فبعض الأكابر والعلماء أجمعوا على طرد ذلك الملعون، حتى دارت الحرب بين العبد وعساكر إبن سعود وأهل البحرين، فصارت بينهم ملحمة عظيمة، والي هذا أشار شيخنا الأمين الشيخ ياسين البحراني في ديباجة رسالته المسماة بالقول السديد في شرح كلمة التوحيد، قال بعد كلام طويل: حتى دهمتنا تلكم الداهية الهامة، وصدمتنا هاتيك المصيبة السامة اللاّمة، مصيبة ما وقع من قديم لها نظير، ولم يسمع بمثلها خبير بصير، ولم تخطر بخاطر ذي خطر، هي تلك الطامة العامة للزلزال، والمشتملة على جميع البلايا وشدائد الأهوال، الواقعة بأوقع الوقائع في جزيرتنا أوال، فإنه قد جرد الزمان عليها صارم العدوان، وأفني من كان فيها من السكان، وأضرم نارغاراته عليها، حتى أباد كلّ من كان فيها، وهي الديار التي انيطت بها على التمائم، وغنّت لدي فيها مطربات الحمائم، وأوال أرض مس جلدي ترابها، وأقدم ساحة عذب في مذاقي شرابها، وقد جمت عن الزمان عليها حروفه، وعمّت لديها خطوبه وحتوفه، وعاشت كتائب نوائبه، وجمت عجائب مصائبه، فاضرمت نيران الفتن، في مرابع أهل الايمان، وشُنّت الغارات والمحن في معالم ذوي العلم والإحسان، حتى لم يبقَ في ساحاتها إلاّقوم ببلدخ عجفي، ولا من عرصاتها إلاّ زمنة من أم أوفي، شعر:

خلت من أهاليها الكرام واقفرت

فساحاتها تبكي عليهم تلهفا

وأوحش ربع الإنس بالإنس بعدهم

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

فإنه قد أصلت عليها صارما بالفناء لا ينبوا

واجري في عرصاتها جواد بالجور لا يكبوا

ومد إليها سحائب المصائب وعليها أجري

فها هي الآن من أهاليها خالية قفرا

ومرابعها الاربعة من ربيعها عديمة صفرا

شعر:

أضحت معالمها تبكي عوالمها

قد بدلت بعد ذاك الداري بالداري

عرصاتها آيسةٌ من الأنيس

ومدارسها دارسة من أهل التدريس

شعر:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فيا لها من مصائب ما أصيب أحد بها غيرنا وبلايا ما بلي بمثلها مخلوق في هذه الأزمنة دوننا ولقد كنّا أول في الأوال آمنين، وتحت ظلها الثخين، وفي كنفها المستقيم ساكنين، ومن طيب شرابها سكاري نائمين، ومن نغمات غوانيها حياري حائمين، أيامها ما كانت من أيام الدنيا، بطيب وانشراح وغنا، كلّ فن من فنونها قد فاق، فعالمها قد بلغت به الآفاق ومباحثها في بحثه لا يجاري ولا يطاق، قد حاز من دون الملأ قصب السباق، ومؤمنها الا كمؤمن الطاق، للّه ما كان أحلي ذلكم المذاق، واسهي ذلك الشوق والإشتياق، حتى لقد أصابتها سهام العين، ونعق في اكنافها غراب البين، فشتت ما بقي من أهلها في جميع البلدان، بل كمنتور الهبا، كأنه قد فشي بينهم الطربان، بعدما أن ملئت أزقتها من القتلي والجيف من اولئك الاعلام والسادات واولي الشرف، فقبورهم بطون الكلاب الضارية بعدما ان رووا من السيوف الماضية، فكانت الحياة بعد تلك الأوقات غير لذيذة ـ إلى أن قال ـ: وكان ممن تغصص من ذلك العلقم، وتجرع من مرارة كوؤس ذلك السم الذي هو انفث سما من الأرقم، وتشربه حتى امتلأ، وجري في جوفه حتى انتحل وابتلا، وترك من حساب الأحياء، وعُدّ من جملة اولئك القتلي، كاتب هذا التدوين، ومحرر هذا التبيين، فكم من سيف قد حطمه، وكم من رمح لطمه وهشمه، وإني قد كنت على يقين أني من جملة اولئك الهالكين، وفي هاتيك المصر ممن قتل عيانا وجهرا، ولكن من فضل ربي ذي الجود والجلال أحياني.

جزيرة خارك:

أيضا من جزائر فارس، فطولها من الشرق إلى الغرب ستة اميال، ومنتهي عرضها ميلا، وفيها النخيل والأعناب والتين وسائر الأشجار، وفيها جبل فيه الغزال، وعلى الجبل مشهد عظيم يرونه من مكان بعيد، ويزعمون أنه قبر محمد بن الحنفية ـ رضي اللّه عنه ـ، والحق أنه مشهد الشاه محمد خدا بنده ـ رضي اللّه عنه ـ وفيها مغاص اللؤلؤ، وما فيها من الآبار العذبة القريبة من البحر، وفي الحقيقة فإنها أعذب المياه سبحان القادر، وعدد سكانها ألف وخمسمائة، وفي الزمان السابق كان أهلها أكثر، وتدل عليه البيوتات الخالية والمساكن المنظمة.

قشم:

جزيرة كبيرة وفيها قري كثيرة، وكان سنة واحد بعد الالف والمائة على ما صرح به صاحب السلافة عدد سكانها ثمانين ألف رجل والان ما بقي من بيوتها إلاّ قليلا، والقري المعمورة الان أزيد من ثلثمائة وستين، فطولها عشرون فرسخا.

خارك:

عرض 29 درجة جهة الشمال 30دقيقة، طول 50 درجة، 30 دقيقة جهة الشرق.

فيلس:

عرض 26 درجة 31 دقيقة جهة شمال، طول 54 درجة جهة شرق.

قشم:

عرض 26 درجة 50 دقيقة شمال، طول 56 درجة جهة شرق في عرض البحرين وطوله بالنسبة إلى خط الاستواء.

قال ابو الريحان في ضبط الجزائر: بحرين جزيرة من بحر العجم عرضه 26 درجة جهة شمال، طوله 50 درجة 40 دقيقة جهة شرق

جزيرة بو شعيب:

من بحر فارس عرض26 دقيقة50 دقيقة جهة الشمال، طول 53 درجة 20 دقيقة من بحر فارس جهة شرق.

هرموز:

من بحر فارس عرض 47 درجة جهة الشمال، طول 56 درجة 40 جهة الجنوب عدد سكانها 5556.

جزيرة قيس:

جزيرة في فارس دورها اربع فراسخ، قال في المعجم: انها مدينة حسنة مليحة المنظر، ذات سور وأبواب وبساتين وعمارات، وهي مرفأ مراكب الهند والفرس، ومنقلب البحارة ومتجر العرب والعجم، شربها من الآبار، وحولها جزائر كلّها لصاحب قيس لكنها في الصيف أشبه شيءببيت الحمام حار شديد السخونة.

وأما الأحساء بالبادية كثيرة منها: إحساء بني سعد بحذاء هجر، وإحساء خرشاف بلدة بسِيف البحرين، وإحساءالقطيف، واما مدينة الإحساء التي عمرت واشتهرت في عصرنا فهي بالبحرين على مرحلتين من القطيف إلى الجنوب الغربي، وكان أول من عمّرها وحصّنها وجعلها قصبة بلاد هجر أبو طاهر القرمطي المار ذكره؛ لان تلك البلاد كانت بيده وهي الآن قصبة البلاد المذكورة، وربما اطلق عليها اسم الإحساء، وفي الإحساء مياه جارية وينابيع شديدة الحرارة، ونخيلها كثير يحمل منها التمر إلى نواحي اليمامة فيستبدل بالحنطة، وعدد سكانها على ما قيل عشرة آلاف.

دورقستان:

أيضا جزيرة ببلاد فارس ترقي إليها مراكب البحر التي تقدم من ناحية الهند، لا طريق لها إلاّ إليها، وبها نخل كثير وفي وسطها قلعة كانت في أيام الخلفاء يجلس فيها من كانت جريمته عظيمة، يحمل منها التمر والحنطة والشعير إلى سائر الجزائر والبنادر، وعدد نفوسها خمسة عشر ألفا وقيل اكثر واللّه العالم.

قطيف:

بُليدة بناحية الإحساء وهي على ساحل بحر فارس، وبها مغاص اللؤلؤ وهي ذات نخيل ولها سور وخندق، ولها أربعة أبواب والآن هي من ممتلكات العثمانية.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً