العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ

أزمة الكهرباء والأهداف التنموية للألفية في الفترة ما بين 2005 و 2007

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

في الوقت الذي تشهد فيه المناطق السكنية في البحرين بلا استثناء أزمة كهرباء بكل المقاييس وفي كل الظروف والأحوال والأماكن، لم تعرف وزارة الكهرباء مدى شدة الحرارة والرطوبة على كبار السن والذين عانوا معاناة كبيرة وصلت بهم إلى المستشفيات الصحية ولا صغار السن ولا الرضع الذين لم يذوقوا طعم النوم ولا الراحة، كما لم تراع الكهرباء هذا العام الشهر الكريم وخصوصيته المهمة وحاجة الصائمين إلى النوم والراحة بعد عودتهم من أعمالهم، ولا طلاب المدارس الخاصة منها أو الحكومية فكلهم سواء أمام أزمة الكهرباء الكبيرة والفضيعة، بتنا كما سورية تماما، أعتذر بات وضع سورية أفضل حالا منا.

وأمام كل تلك المآسي يقابله صمت طويل من المسئولين ولو في بلد آخر غير البحرين لقدم وزير الكهرباء استقالته لعدم قدرته على مواجهة المشكلة أو خروجها عن سيطرته والبحث لها عن حلول ناجعة، إلا أننا نجده يتمسك أكثر بالمنصب ويتجاهل كل ما يقوله المواطنون الذين يعانون من شدة الحر، والذين خسروا ما خسروه جراء الانقطاعات الكهربائية الكبيرة والتي تمتد لساعات طوال من اليوم، ونجد هناك تجاهل أكبر من الحكومة بحيث غاب معها الدور الرقابي المهم، وكأن المواطنون هم المتسببون في الانقطاعات الكهربائية.

كل ذلك على رغم مرارته وألمه من الممكن السكوت عليه، ولكن أن يخرج علينا مسئول رسمي يحمل أحد الحقائب الوزارية ويزايد علينا مزايدة كبيرة وليس كأننا في البحرين التي لا تزال السيطرة على مشاكل كهربتها أحد أبرز المشكلات التنموية التي تعاني منها كما جاء في تعليق فنيي الصيانة الكهربائية التابعين لهيئة الكهرباء والماء ممن التقت بهم جريدة «الوسط» واستطلعت منهم الأسباب، حيث أدلوا بدلوهم في ذلك ما يشير إلى الفقر الشديد التي تعاني منه الحكومة لكونها عاجزة عن توفير الأسباب والعوامل وبالتالي السيطرة على مشكلة الانقطاعات الكهربائية «شبكات التوزيع الداخلية في المناطق القروية تحديدا ضعيفة ولا تتحمل أي أحمال إضافية عليها حتى ولو توافرت الطاقة بصورة كبيرة لأن الحراك العمراني وزيادة عدد السكان في غالبية المناطق لا يتواءم مع حجم المولدات والشبكة المتوافرة فالبحرين بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة للكابلات الأرضية الكهربائية والمولدات الفرعية التي تحتاج إلى تقوية» فضلا عن قلة أعداد الفنيين إذ لا يزيد عددهم عن 30 مقاولا. قرأت أحد المانشيتات الاستهلاكية الجامدة، وتعثرت في القراءة فأعدت القراءة مجددا والسبب في التعثر لكوني حبست نفسي بأن الخبر لا يمت للبحرين بصلة، ووجدت نفسي مضطرة إلى قراءة العنوان من جديد لأجد أن ما قرأته كان واقعا مصطنعا لأهداف إعلامية، خصوصا أن الصحيفة ذاتها و في اليوم نفسه تحديدا تحمل أخبارا تتناقض واقع المانشيت، شعرت يومها بدوار في الرأس ولعل الكثيرين ممن تابعوا شعروا بما شعرت به، هل تعرفون العنوان الذي قرأته ماذا كان مضمونه؟، «البحرين قضت على الفقر وأنجزت غالبية أهداف الألفية».

كيف لنا أن نصدق أن البحرين قضت على الفقر ولم ننس إلى الآن قصة ألف ليلة وليلة علاوة الغلاء وذاكرتنا لن تنسى منظر المواطنين الذين توافدوا على مراكز التظلم ليتظلموا على عدم صرف علاوة الغلاء لهم والتي لم تتجاوز الـ 50 دينارا، وهم يفقدون في مراجعاتهم وتظلمهم كرامتهم غير الفقر قاتله الله والحاجة التي يضطر حينها الإنسان أن يقبل بالذل والمهانة. بعدها تأتي علينا الحكومة لتتفاخر أمام الملأ وتقول: «إن المملكة أنجزت غالبية أهداف التنمية للألفية وعلى رأسها القضاء على الفقر بحسب المعايير الدولية والقضاء على البطالة وتطوير التعليم والخدمات الصحية وحماية البيئة وتمكين المرأة وتنمية الشراكة الدولية».

أي أهداف تنموية هداكم الله؟ وأي ألفية؟ الناس قاعدة تموت من الجوع وتعاني من الفقر، وتعاني من ضعف الخدمات الصحية، وتعاني من تدهور أوضاع التعليم، وتواجه كل ذلك بدنانير زهيدة كل شهر لتنتهي وتبدأ رحلة الشقاء من جديد، فهو يصرف لكي يضمن الحصول على خدمات صحية أفضل مما هو متوافر في المستشفيات الحكومية خصوصا مع مسلسل الإهمال الذي لا تنتهي حلقاته، ومع قصة التشخيص غير الدقيق الذي يدفع حينها المريض من ماله وصبره وصحته الضريبة، كما يصرف من ماله الخاص على المدارس الخاصة أو دروس التقوية رغم توفر المدارس الحكومية المجانية رغبة منهم في الحصول على الأفضل والأحسن، وأما البطالة التي يقال عنها بأنه تم القضاء عليها فقد استفحلت ففي السابق كان الأمي أو حامل شهادة الإعداية أو الثانوية لا يحصلون على وظيفة اليوم حتى أصحاب الشهادات الجامعية في طوابير التعطل والبطالة، أصبحت لدينا بطالة من الدرجة الأولى لكوننا نسعى لتحقيق أهداف الألفية، يا سلام أصبح كل شيء اليوم لدينا مقنن، الفقر، البطالة، الصحة، التعليم، لم يتبق أمامنا شيء لم ننجزه، وأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة، ومن حقنا أن نحمل الراية لنصرح للإعلام بأننا اليوم نحقق الأهداف التنموية للألفية في الفترة ما بين 2005 ـ 2007. النكتة وأزمة الكهرباء إلى الآن لم نعطها حقها من الاهتمام والرعاية وكأننا نعيش في القارة القطبية، ولسنا نعيش في واحدة من أشد الدول العربية حرارة ورطوبة.

أقول: كفانا الرقص على هموم المواطن وأوجاعه بلا ألفية بلا هم، ولا هم يحزنون.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً