العدد 2230 - الإثنين 13 أكتوبر 2008م الموافق 12 شوال 1429هـ

السعودية والبحرين: هل من سبيل لإصلاح الجسر؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أعرف أن الكثيرين كتبوا عن معاناة المسافرين عبر جسر الملك فهد الواصل بين السعودية والبحرين، وأعرف أن الاستجابة عن هذه الكتابات كانت شبه معدومة، وإن تم شيء فهو لا يكاد يُصلِح جزءا من المعاناة التي يعيشها المسافرون في معظم الأوقات، وخاصة في المواسم حيث تزداد هذه المعاناة بصورة يصعب وصفها أحيانا.

ولعلي أرجع سبب تقاعس المسئولين عن إجراء عمل جاد لإصلاح ما أفسده النظام المتبع حاليّا هو أنهم لا يشعرون بمعاناة مواطنيهم لأن لهم أوضاعا خاصة تجعلهم يتجاوزون المصاعب و»المصائب» التي يعاني منها الآخرون، والنار - كما يقول المثل - «لا تحرق إلا رجل واطيها» وهم لا يشعرون بحرّ النار لأنهم لا يطئونها مثل غيرهم.

وآخر مآسي الجسر وفاة سعودي وإصابة آخرين جراء وقوع مروحة مرعبة على سيارتهم أثناء وقوفهم للتفتيش في الناحية البحرينية.

ولعل وصف «مرعبة» ينطبق على تلك المراوح التي لم أشاهدها في أي مكان في العالم إلا على الجسر، وأشهد بالله أنني عندما لمحتها لأول مرة لم أصدق أنها من فئة «المراوح» البشرية، وعجبت كيف أنها استطاعت الثبات في مكانها على رغم ضخامتها! وعلى ذمة إحدى الصحف المحلية البحرينية فإن مسئولي الجسر أمروا بإزالة هذه المراوح وشكّلوا لجنة فنية لدراسة أوضاعها! ومن المؤسف أن هذه الدراسة لم تأتِِ إلا بعد تلك الحادثة المؤلمة وكان الأجدى أن تكون هناك دراسات دقيقة قبل وضعها في أماكن تشكل خطورة على حياة الركاب.

على أية حال، فإن الشكوى المتكررة تدور دائما حول التأخير الشديد الذي يصل أحيانا إلى 10 ساعات وتحت ظروف قاسية من الحر الشديد، وأحيانا يكون البعض مرتبطا برحلات خارجية فلا يستطيع اللحاق بها، وأشياء وأشياء تحصل للمسافرين عبر هذا الجسر كل ذلك بسبب التأخير الذي يحصل لهم.

التأخير يحصل أحيانا بسبب تعطل أجهزة الكمبيوتر وخاصة في الجانب السعودي، وللأسف فإن هذه الأجهزة ليست متطورة بشكل جيد مع أهميتها وكثرة الضغط عليها، وأحيانا لقلة الموظفين في الجوازات من كلا الجانبين، وعدم تشغيل نقاط الجوازات كافة.

كلا الجانبين - السعودي والبحريني - عملوا على زيادة نقاط الجوازات - قدر الإمكان - لأن ضيق المكان لا يسمح بإجراء التوسع المطلوب الذي يحلّ المشكلة نهائيّا، ولهذا فإن هذا الحل - مع منفعته - فإنه لا يحل المشكلة، بل ولا يقلل منها وخاصة في المواسم مثل الأعياد والإجازات.

الشيء الذي أكاد لا أفهمه هو وجود نقاط جوازات بين الدولتين مع شدة قربهما - سياسيّا - بعضهما من البعض الآخر، وعدم وجود ما يحول دون ذلك، ولاسيما أن الكلام عن التقارب بين دول الخليج أصبح مملا من كثرة ترداده من دون تحقيق أي شيء منه.

إن السفر بواسطة الهوية الوطنية لا يعني شيئا ولم يحل من المشكلة أي شيء، لأن الجميع يتعاملون مع هذه البطاقات مثل تعاملهم مع الجواز وبالتالي فإنهم يقضون معها - أي الهوية - الوقت نفسه الذي يقضونه مع الجواز، وهذا يعني أنه ليس هناك أي شيء من التقدم في هذا المجال، وقد كان الأولى أن يكتفي الجانبان بالنظر - فقط - في الهوية والتأكد من صاحبها ثم السماح له بالمرور وخلال ثوانٍ فقط، وهذا الإجراء هو الذي يساعد - فعليّا - على حلّ المشكلة بشكل كبير.

وإذا كان الجانبان أكثر رغبة في حلها نهائيا فإن عليهما أن يلغيا أيضا موضوع الجمارك بين الدولتين، فلا أعتقد أن هناك ما يخشيان عليه.

أعرف أن كل دولة ستقول إن هناك أشياء وأشياء نخشى من تهريبها، ولكنهم لو أنصفوا لعرفوا أن ما يخشون منه موجود عندهم، ولهذا فإن مصلحة المواطنين أن تلغى الجمارك والجوازات بين الدولتين لأنه الطريقة الوحيدة للقضاء على الزَّحام الشديد، وأيضا هو الطريقة المناسبة ليشعر المواطنون أنهم يعيشون في دولة واحدة.

أليس من العيب أن تفعل هذا كل القارة الأوروبية على ما بينهم من اختلافات كبيرة وتعجز دول مجلس التعاون وخلال أكثر من ربع قرن من الحديث عن المجلس وأهميته لهذه الدول أن تفعله مع كل مقومات التقارب بينها؟

إننا نريد خطوات عملية لإنهاء معاناة الناس في هذا الجسر التي طالت كثيرا، والكلام وحده لا يكفي، فهل يتحرك المسئولون سريعا ليتخذوا خطوات عملية يشكرهم الناس عليها، أم يبقون يتحركون في دائرة التصريحات التي لا تفيد شيئا؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2230 - الإثنين 13 أكتوبر 2008م الموافق 12 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً