العدد 226 - السبت 19 أبريل 2003م الموافق 16 صفر 1424هـ

ابنك صاحب القرار

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

قد يميل ابنك لممارسة مهنة معينة كان قد اكتشف قدراته فيها من خلال مشاهداته ومراقباته للآخرين أو حتى من خلال عرضها في وسائل الاعلام المرئية أو من خلال الندوات والمحاضرات المدرسية. وبات يحلم بانه سيكون هذا أو ذاك... والآن وبعد ان اصبح شابا يافعا يستطيع التحكم في مرحلة جديدة من مراحل حياته ويمكنه اختيار مجال الاختصاص الذي يلتحق به لمتابعة دراسته الجامعية المتمشية وطبيعة العمل الذي يمتهنه في المستقبل، وبهذا يكون قد أخذ قراره المصيري بنفسه وعليه تحمل المسئولية كاملة.

ويعترض الأهل بشدة وتتعالى صيحات الرفض... ويكثر الجدل والنقاش وتتوتر الاعصاب من دون مبرر، فقط لأن الابناء يرغبون في اتجاهات لا تتفق وطموحات الآباء، وتبدأ محاولات الاقناع. كم بتّ احلم بك طبيبا يا بني؟ أباهي بك صديقاتي وأفتخر، فيرد الأب... اعدل عن هذا يا بني؟ ولا تخيب رجائي. فكم حلمت بك مهندسا معماريا يشار إليك بالبنان وهنا يحتذم الأمر بين فرض ورفض.. فالابن مصر على اختيار ما يراه مناسبا والوالدان يريان فيه طفلا لا يستطيع تقرير مصيره وتستمر محاولات الأهل في التأثير على أولادهم فيصرون على اختيار الاختصاص الذي يجدونه يتناسب وتطلعاتهم ونظرتهم الى ذلك البريق الاجتماعي الذي سيكتسبونه من خلاله.

فيكبر الصراع ويشتد الجدل حتى يرضخ الأبناء لتطلعات الآباء وتنتهي مشكلة لتبدأ مشكلة أكبر.

لذلك من واجبنا ان نتفهم حقيقة اختيار ابننا فهو يعلن عن رغبة اكيدة ومدروسة عما يريد ان يكون عليه... وعلينا أن نعي هذه الحقيقة وأن نقر بها من دون ممارسة اي ضغوط هي في الحقيقة ترضي ارادتنا. فقد تكون له نظرة بعيدة صائبة. فالمهنة المرشحة له من قبل والديه تحتاج الى توفير امكانات مادية كبيرة يعجزان عن توفيرها بوصفهم الحالي على رغم فرص العمل المتاحة وضمان المكاسب المادية والمعنوية. لذلك فان اختياره في هذه الحالة مصيبا، ولكن لا يعني هذا ان نتركه وشأنه فمازال بحاجة إلى من يفكر معه.. ويقترح عليه يخطط له ويرشده اي طريق يسلك ليحقق ما يصبو اليه.

اذن فدور الاهل يقتصر على التوعية الموضوعية، ومرافقة الابناء للأماكن التي تمارس فيها المهنة بغرض التوضيح والارشاد لايجابياتها وسلبياتها فإما ان يصر على اختياره او ينعطف باتجاه آخر.. فربما عشقها من خلال مظاهرها الخارجية دون ادراك كاف بواقع الامتهان والظروف المحيطة بها فاذا اصر عليها على رغم كل هذه الارشادات والتوضيحات فما عليهم الا الرضوخ لانها في النهاية طريقه الذي يرغب السير فيه ومنه يستمد استقراره وثباته في حياته.. فقط يحتاج الى السند المادي والمعنوي ليتمكن من شق طريقه بنجاح.

لنتركه يعيش تجربته الشخصية متحملا مسئوليته كاملة وليتبين من خلالها مواقفه في الحياة وبمجرد ان يبدأ الابناء معركة الحياة تنتهي سلطة الآباء ويبقى الحب والحنان والعطاء يتجدد دائما

العدد 226 - السبت 19 أبريل 2003م الموافق 16 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً