العدد 2293 - الإثنين 15 ديسمبر 2008م الموافق 16 ذي الحجة 1429هـ

الوحدة والعنف... رؤية بحرينية!!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أربعة من خطباء الجمعة في البحرين، أثنان منهم ينتميان لمذهب أهل السنة، والآخران ينتميان لمذهب الشيعة، الأربعة تحدثوا في خطبهم ليوم الجمعة الأخيرة قبل العيد عن موضوع يكاد يكون واحدا، وأستطيع أن أجزم أنهم لم يتفقوا على هذا الموضوع، والأرجح أن أهميته القصوى هي التي دفعتهم للحديث عن هذا الموضوع، وهو - كما أرى - موضوع يستحق الحديث عنه مرارا وفي كل بلد نظرا لأهميته الكبيرة في إرساء دعائم الوحدة بين أبناء الشعب الواحد من جهة ثم بين أبناء الأمة الإسلامية كلها من جهة أخرى...

الشيخ «صلاح الجودر» خطيب جامع الخير أبرز في خطبته انتشار الحديث عن الإرهاب والعنف، وعن بروز ظاهرة الكراهية والتطرف في المجتمعات الإسلامية. وأكد أن ثقافة التسامح والسلام والتعايش بين جميع طوائف المسلمين هي الثقافة التي يجب أن تسود، وأن يكون لها المكانة اللائقة بها في أوساطنا باعتبار أن الدين الإسلامي دين عالمي، وأن رسالته لجميع الناس.

وقال الشيخ في خطبته: إن الإسلام وحّد بين المسلمين على اختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم، وأنه لم يفرق بين سني وشيعي، ولا بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود، ولا غني وفقير، ولا رجل وامرأة.

أما الشيخ «فريد المفتاح» خطيب مسجد الفاتح فقد جاء في خطبته: «يا أمة الإسلام هذه قبلتكم قبلة واحدة، وأمتكم أمة واحدة، ودينكم واحد، فبأي مقتضى علمي تتفرقون، وبأي موجب منطقي تتنازعون وتتعادون... إن ذلك كان سبب ضياع مجدكم وتسليط العدو سيفه عليكم».

الشيخ عيسى قاسم خطيب جامع الإمام الصادق أكد في خطبته على أن من يشهد بوحدانية الله ورسالة محمد (ع) فهو مسلم، وأن ماله وعرضه ونفسه مصونة ومحترمة مثلها مثل أتباع المذهب الجعفري، وأن من واجب الشيعة معاشرة أتباع المذاهب الأخرى بالمعروف مهما قالوا عن أتباع المذهب الشيعي... وأكد على أن المجتمع الواحد يجب أن يتعامل أهله جميعا - مهما اختلفوا في مذاهبهم - بالمعروف لأنه من المستحيل أن يستغني بعضهم عن البعض الآخر...

أما السيد حيدر الستري خطيب مسجد فاطمة الزهراء فقد تحدث عن فلسطين، وأهل غزة المحاصرين، وواجب المسلمين تجاههم، وقال إنه لا يمكن السكوت عن السياسات الصهيونية الغاشمة بحق الشعب الفلسطيني... وربط بين أهمية وحدة المسلمين وبين قدرتهم على مواجهة أعدائهم...

القراءة السريعة لهذه الخطب التي قيلت في يوم واحد توحي بأن هناك مشكلة حقيقية يشعر بها هؤلاء العلماء، كما أنهم يشعرون في الوقت نفسه على أهمية المسارعة في علاجها والقضاء عليها قبل أن تستفحل وتصبح عَصِيَّة على الإصلاح...

في تاريخنا الإسلامي وفي بعض فترات ضعفه كنا نرى الافتراق الهائل بين قبائل الشمال وقبائل الجنوب والذي كان بسبب الاقتتال الهائل بينهما، والذي كان بسبب ضعف المسلمين، وتسلط الأعداء عليهم...

وكنا نقرأ في تاريخنا عن الأحداث المؤلمة بين السنة والشيعة، وبين الخوارج ومخالفيهم، وهكذا كان الاقتتال يلازم معظم مظاهر الفرقة في المجتمع الإسلامي.

إن مصلحة الأمة الواحدة، والشعب الواحد أن يتعاون عقلاؤه وحكامه على القضاء على جميع مظاهر الفرقة والاختلاف، والقضاء عليها في مهدها قبل أن تستفحل وتؤدي إلى نتائج سلبية قاتمة.

الإصلاح يجب أن ينطلق من كل القنوات المؤثرة، مثل الإعلام، والتعليم، والمراكز الثقافية، ومراكز العبادة وسواها، لكن قبل هذا كله يجب أن تمتلئ نفوس الجميع بالقناعة بأهمية القضاء على كل مظاهر الفرقة، وتحويلها إلى عناصر قوة وتلاحم ينعم بها كل أفراد المجتمع

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2293 - الإثنين 15 ديسمبر 2008م الموافق 16 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً