العدد 232 - الجمعة 25 أبريل 2003م الموافق 22 صفر 1424هـ

أين دولنا من حقوق الإنسان؟

علي الغسرة comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن ما يثير الدهشة والاستغراب الثقة المهزوزة بين الإنسان العربي وحقوق الإنسان ومواثيقها الدولية - الشرعة الدولية لحقوق الإنسان - فعندما نعرف أن حقوق الإنسان تتصف بأوصاف مثل: مضمونة دوليا، ترتكز على كرامة الإنسان، تحمي الأفراد والجماعات، إنها ملزمة للدول والجهات الفاعلة، والكثير من الميزات التي تخدم البشرية وتدافع عنها، وتعمل على الرقي بالشخصية الإنسانية وحمايتها من شتى أنواع الممارسات اللإنسانية والحاطة بالكرامة؛ عندما نعرف ذلك لابد أن نسأل ما السبب في تدهور الثقة بين الإنسان العربي وحقوق الإنسان حتى وصل الأمر إلى درجة الكفر بمبادئ حقوق الإنسان وبالأفراد المحسوبين على الجمعيات الحقوقية وبنشطاء حقوق الإنسان؟

في اعتقادنا يرجع ذلك إلى الممارسات التي ترتكب باسم حقوق الإنسان من قبل الدول التي تعتبر نفسها حامية لحقوق الإنسان، وتدفع الأموال الكثيرة لكسب الثقة، ثقة الجمعيات ونشطاء حقوق الإنسان، ان مثل تلك الأساليب والممارسات لها الدور الكبير في النفور والخوف والتوجس من كل من يرفع شعارات حقوق الإنسان، فالممارسات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية لا تعطي مجالا للشك في النوايا غير الأخلاقية عندما ترفع شعار حقوق الإنسان وبالذات عندما يكون ذلك خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية.

ولكن يجب علينا نحن المواطنين أن نتعرف أولا على حقوقنا كمواطنين ونعمل على نشر وتعليم الآخرين ثقافة حقوق الإنسان، فالتعليم والسكن والعمل والترفيه والمشاركة في الشأن العام؛ كل تلك الأمور المطلوبة للعيش بسلام، حقوق تنادي بها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، تلك حقوق لكل فرد من أفراد المجتمع ويجب الحصول عليها، وعلى الدولة العمل على توفيرها لكل مواطن من المواطنين.

وكذلك عندما نعرف حقوقنا والواجبات الملقاة علينا نحو مجتمعنا؛ نستطيع التعرف على الانتهاكات والتجاوزات في شتى أمور الحياة ان حدثت، و هذا يتطلب مراقبة مستمرة من قبل المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان التي ترتكز في نشاطها على الضمانة الدولية «حقوق الإنسان مضمونة دوليا» وتدعمها آلية تحمي هذا التوجه وتساعد الجمعيات في عملها، و من هذه الآليات: «يجب على الدول الموقعة على الاتفاقات أن تقدم تقارير دورية للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان في الدولة المعنية» وموازاة لتلك التقارير الحكومية تقوم المنظمات غير الحكومية (جمعيات حقوق الإنسان في تلك الدول) بتقديم تقاريرها شارحة فيها حال البلد والشوط الذي قطع في هذا الجانب والانتقادات ان وجدت، ويعتبر التقرير الأول لجمعية حقوق الإنسان الذي أعلنته حديثا تقريرا يقدم إلى الأمم المتحدة ولجانها المختصة وهذا يعتبر ضمانة دولية لممارسات الدول الموقعة على المواثيق.

ولابد أن أشير هنا إلى أنه يستطيع أي شخص يشعر بأنه منع من ممارسة أي من حقوق الإنسان أو الحريات الأساسية التقدم بشكوى لدى الأمم المتحدة، ولها آليات محددة تساعد الأفراد وتحميهم من حكوماتهم ان هم استنفدوا كل الطرق والسبل المتاحة في بلدانهم. أين كل الدول العربية التي دائما في موقع المتفرج؟

اليوم أميركا تكسر قوانين الأمم المتحدة، وشنت حربا ضروسا على العراق، وكل يوم العدو الصهيوني يكسر قرارات الأمم المتحدة (كسر ما لا يقل عن 65 قرارا من الأمم المتحدة) ماذا حصل لتلك الدولة الخارجة عن القانون الدولي؟

يكفي أن يركز الإعلام العربي على هدم البيوت، فإن هذا العمل يعتبر دمارا شاملا، و فيه نص واضح وصريح في المواثيق الدولية، لماذا لا ينحو العرب هذا المنحى، لماذا لا يلاحقون العدو الإسرائيلي في هذا الجانب؟

الضعف العربي واضح، وسبب هذا الضعف، علاقة الحاكم بالشعب، شرعية النظم العربية عليها أكثر من علامة استفهام !

ان العرب هم المسئولون عما حدث ويحدث في العراق اليوم، وتتحمل جميع الدول العربية مهانة الشعب العراقي والفلسطيني وكل الشعوب العربية.

اننا كشعوب هدفنا الأول يجب أن يكون الإنسان وكرامته، وتشريعاتنا قاصرة عن حمايتنا كبشر، وتوجد عدة اتفاقات ومعاهدات دولية صريحة في هذا الجانب، تشرح وتبين لنا حقوقنا، في المأكل والملبس والتعبير والتعليم والعمل والمشاركة السياسية وحرية الاعتقاد وممارستنا الدينية وغيرها وكلها حقوق لنا وليست هبات.

إذا كانت تلك الحقوق مصونة، هل يستطيع أي كان أن «يتبلا» على أحد؟

العدد 232 - الجمعة 25 أبريل 2003م الموافق 22 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً