العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ

مداخلة متأخرة عن العدوان على غزة وأسبابه

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

في منتدى وعد مساء يوم الأربعاء الماضي الموافق 21 يناير/ كانون الثاني 2009، وفي مداخلة للسفير الفلسطيني حول ما ذكره الأخ فؤاد سيادي طلب أن لا يأخذ العرب وبالذات المشغولون والمهمومون بالقضية الفلسطينية موقفا مع أي من أطراف الصراع الفلسطيني/ الفلسطيني، وأوضح بأن ما قاله وزير الخارجية القطري في مؤتمره الصحافي في أعقاب قمة غزة بالدوحة حول محادثته مع الرئيس الفلسطيني عار عن الصحة، وأشار إلى تصريحات عريقات حول نفس الموضوع. وكنا نأمل أن يسمح وقت الندوة لنا بالرد على السفير ولكن وصول أحمد جمال قادما من غزة ومصر حال دون ذلك. ونحن نود وبكل المودة والاحترام للسفير أن نوضح ما يلي ونرجو أن يتقبل ما نذكره بقلب يتسع لخلاف الرأي ويتسم بالشفافية وبمستوى القضية التي نحن بصددها:

أولا: القضية الفلسطينية ليست شأنا خاصا بالفصائل الفلسطينية لأنها قضية قومية عربية إسلامية لا يستطيع أي مهتم ومشغول ومهموم بها إلا أن يكون له موقف لما يجري على ساحتها شئنا ذلك أم أبينا.

ثانيا: لنترك تصريحات وزير الخارجية القطري جانبا، لقناعتنا بأن ذلك جاء في سياق مماحكات الأنظمة العربية/ العربية وضمن مزايداتها وهي التي ذهبت في التخلي عن القضية القومية الأساسية بعيدا جدا، وهذا لكي لا نقول أنها تآمرت عليها. وسنعود للمؤتمرات الصحافية لأبومازن وبالذات في القاهرة، ونسأل السفير ألم يقل أبومازن بأن من لم يقبل المبادرة المصرية (والتي بالأساس تحقق وتكرس الأهداف الصهيونية للحرب) فهو المسئول عن هذه الحرب؟ ألم يصرح وبعظمة لسانه متهما حماس بأنها سبب كل هذه الجرائم الصهيونية وهو يعلم علم اليقين بأن فك الحصار كان جزأ لا يتجزأ من اتفاق هدنة الستة أشهر السابقة للحرب؟ كما أنه يعلم علم اليقين بأن الصهاينة لم يلتزموا بتلك الهدنة بل واغتالوا خلالها ما يزيد على أربعة وعشرين مناضلا. ونستطرد ونسأل السفير من الذي مازال يحتفظ بأكثر من 500 مناضل فلسطيني من حماس في سجون السلطة؟ ولماذا لم يتخذ الرئيس أبومازن على الأقل موقف الجبهة الديمقراطية التي استوعبت قيادتها ومنذ اللحظة الأولى لإقدام الصهاينة على تلك المذبحة بأن تلك الحرب ليست على حماس وإنما على المقاومة بكل فصائلها وثقافتها؟ ثم أو ليس الطراوي هو من حاك مؤامرة القبض على الأمين العام للجبهة الشعبية سعدات وأدخله السجن ليسلم بعد ذلك وبكل بساطة وأريحية للعدو الصهيوني؟ ألم يجتمع هو ودحلان بالقيادات الأمنية والعسكرية للصهاينة قبل الحرب بأيام؟ ألم يكن دحلان جاهزا ومعدا للعناصر التي سترافقه لدخول غزة بعد الاجتياح الصهيوني بأيام كما خطط له؟ ألم تعمل هذه السلطة على سحب سلاح مناضلي فتح وشرفائها في الضفة الغربية بعد الاجتياح والجريمة البشعة السابقة للعدو الصهيوني في جنين؟

ثالثا: نحن يا سفير يحدونا الكبير أن تتحقق وحدة الفصائل المقاومة الفلسطينية في جبهة عريضة وتحت قيادة واحدة مقاومة تقود الشعب العربي الفلسطيني لاسترداد حقوقه وأرضه وحريته. ولا يهم لا أيدولوجيات ولا مرجعيات أي فصيل فالثورات الجزائرية واليمنية والفيتنامية انتصرت بفضل انخراط جميع أشكال الطيف السياسي والعقائدي في منضومة مقاومة واحدة لتحقيق أهدافها. لكننا كذلك لا نستطيع أن ندعو الفصائل لوحدة تختلف أجندات وأولويات وعلاقات أطرافها بعدوها الأساسي. ونتساءل عن أي حكومة وحدة وطنية نتحدث وأي سلطة تلك التي سيختلف إخواننا في الفصائل الفلسطينية المقاومة حولها؟ فالضفة كما غزة أراضي ترزح تحت الاحتلال. بل إن الضفة لم يتبق من أصل أراضيها إلا كانتونات معزولة ومتفرقة. فالصهاينة وخصوصا بعد جدار الفصل العنصري لم يبقوا على ما يمكن أن يكون نواة دولة. فهل قدم الشعب الفلسطيني وفصائله كل هذا الدم والتضحيات من أجل دولة كاريكتيرية ينتشر فيها الفساد بينما الشعب الفلسطيني مازال يدفع ضريبة الدم وفاتورة الحرية غاليا؟

وأخيرا، كلنا نريد ونؤمن بالوحدة الوطنية كضرورة، فليس في تاريخ الشعوب في العالم كما ذكر أبومنصور ثورة انتصرت وحققت لشعبها أهدافه بهذا الكم والعدد من الفصائل المقاومة. ولكننا كما الشعب الفلسطيني نريد تأكيدا وإلتزاما واضحا بثوابته الوطنية وحقوقه التاريخية. فلا وحدة مع من ضيع بوصلته وثوابته ومستعد أن يضيع حقوق شعبه. وأعود لبعض ما ذكره الأخوة بمداخلاتهم حول النصر والهزيمة في معركة غزة الأبية، لأقول بأن أي صراع بين طرفين تحسب نتائجه إما على مدى تحقيق أي طرف لأهدافه الإستراتيجية، أو في منع أي طرف للطرف الأّخر من تحقيق تلك الأهداف. وعلى هذا الأساس فإنه لا يمكن التشكيك بأن المقاومة الباسلة في غزة وصمود أهلها وهم يتعرضون للجرائم الصهيونية البشعة قد منعت العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه الإستراتيجية.

نعم قدم الشعب الفلسطيني في غزة الكثير من التضحيات ومارس الجنود الصهاينة ما يتقنونه جيدا، ألا وهو القتل المنظم والمتعمد للأبرياء والمواطنين من أجل الضغط على المقاومين من مقاتلي الفصائل الفلسطينية وهذه ضريبة قد دفع الشعبان الجزائري والفيتنامي ثمنا مماثلا وغاليا لها. أم هل نسى الإخوة المجازر التي ارتكبتها الإمبريالية الأميركية في فيتنام وإبادتهم لقرى بأكملها وباعترافهم، أم نسى البعض مجازر الاستعمار الفرنسي في الجزائر وحرب الإبادة التي مارسها في قرى وجبال الجزائر الأبية.

نعم فالذي يمثل الشرعية الفلسطينية اليوم هو حكومتها المنتخبة ومجلسها التشريعي والفصائل المقاومة التي كرست شرعيتها في قتالها البطولي في معارك غزة، والقيادات التي لم تتخل عن شعبها وعن مقاتليها فقادتهم إلى النصر وعلى أرض المعركة. وأن كان هناك شك حول ذلك فليعمل استفتاء للشعب العربي على امتداد أرضه ليرى كم منهم من يطمئن إلى إن أي مساهمات لدعم شعبنا الفلسطيني وبالذات في غزة ستصل إليهم إذا ما سلمت للسلطة الموجودة في رام الله. بل وليستفتى الشعب الفلسطيني بأكمله بمشاركة فاعلة لكل جماهيره في الأرض المحتلة والشتات لنرى ما هو خياره الوطني وأي قيادة يختار بعد أن سقطت جميع الأقنعة

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً