العدد 2354 - السبت 14 فبراير 2009م الموافق 18 صفر 1430هـ

الثقافة اليابانية والمحافظة على البيئة

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

إحدى المفردات اليابانية التي أصابها نصيب وافر من الشهرة عالميا هي كلمة «Mottainai»، وهذه المفردة اليابانية عبارة عن كلمة مركبة مشتقة من جزئين: الجزء الأول «Mottai» يعني بقدسية الوجود المادي أما الجزء الثاني «Nai» فيعني الافتقار أو الغياب وبالتالي هذه المفردة تستخدم من قبل اليابانيين عند التعبير عن الأسف لإساءة الاستخدام أو التبديد أو الإسراف.

لقد وجد الباحثون أنه من الصعب ترجمة هذه الكلمة بأخرى مرادفة من اللغات الحية المتداولة في العالم وبحسب رؤيتي لأقرب تعبير باللغة العربية فإننا نستطيع إستخدام عبارة «يا له من تبديد» أو «لا تبدد» كأقرب معنيين للكلمة اليابانية.

من خلال تفاصيل الحياة اليومية نرى أن اليابانيين يقومون بتعليم أبنائهم من الصغر بالالتزام بهذا المفهوم وتطبيقه في عادات الأكل والشرب، فالوالدان مثلا يشجعون أولادهما على الانتهاء من أكل جميع حبات الأرز الموجودة في صحونهم بل إنني قرأت أن بعض الآباء لا يسمحون لأبنائهم بالنوم في الليل قبل إفراغ جميع مكونات وجبة العشاء وهذه العادة يتم تناقلها من جيل لآخر وبالحزم نفسه.

الانتشار العالمي لهذه الكلمة تم بمساهمة فاعلة من الناشطة الكينية والداعية البيئية وانغاري ماثاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام (2004) بسبب أنشطتها في مجالات الاستدامة البيئية والديمقراطية والسلام.

ففي زيارتها إلى اليابان في العام 2005 لحضور إحدى المؤتمرات البيئية، تعلمت الناشطة البيئية هذه الكلمة من مضيفيها وتركت في ذهنها إنطباعا شخصيا وإيجابيا بسبب عمق التشابه بين المفردة اليابانية ومفاهيمها المرادفة باللغة الإنجليزية والسواحلية وخاصة مفهموم التقليل، وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير بالنسبة للمخلفات (Reduce, Reuse, Recycle) فتبني هذا المفهوم الأخلاقي سيساهم لا شك في بعث روح المسئولية وخاصة احترام موارد الكرة الأرضية من خلال التوفير والمحافظة على البيئة.

الشركات اليابانية الضخمة ساهمت في دعم حملة على صفحات الشبكة العنكبوتية لنشر مفهوم «موتايني» في العالم للمحافظة على البيئة وخفض البصمة الكربونية.

فعلى الصعيد المحلي فقد تركزت الأنشطة في المجال التعليمي وخاصة في رياض الأطفال والمدارس بالإضافة إلى حملات المجالس البلدية.

هناك العديد من الأنشطة البسيطة والتي بإمكاننا القيام بها على المستوى الشخصي كمساهمة للحفاظ على البيئة للأجيال المقبلة. فمثلا يمكننا القيام بالمشي بديلا لاستخدام السيارة لقطع المسافات القصيرة، وعدم تشغيل المصابيح غير الضرورية في البيت، و استخدام الأجهزة الكهربائية ذات الكفاءة العالية، وتوفير المياه عند القيام بغسل الأسنان، وأخيرا استخدام الأكياس الصديقة للبيئة عند القيام بعملية التسوق.

ديننا الإسلامي يحذر من مظاهر الإسراف والتبذير والهدر في المجتمع وهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ووصايا وأحاديث الأئمة التي تصب في هذا الاتجاه السلوكي والأخلاقي ذي البعد البيئي. لذلك هناك العديد من القواعد المستمدة من الثقافة والوعي الإسلامي التي يمكن استخدامها لزيادة التوعية بترشيد المياه والطاقة وغرس السلوك البيئي لدى أجيال المستقبل.

وأخيرا يمكن للقاريء القيام بزيارة الصفحة الإلكترونية لحملة «موتايني» (http://mottainai.info)

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2354 - السبت 14 فبراير 2009م الموافق 18 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً