العدد 2362 - الأحد 22 فبراير 2009م الموافق 26 صفر 1430هـ

6 شمعات أطفِئت... فمن هو الراحل الجديد؟

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

6 جنازات أودعناها القبور خلال شهرين... 6 من شباب هذا الوطن فارقناهم في غفلة منا لأسباب طبية بحتة لم يكن لهم نصيب في إدارة خيوطها أو التحكم فيها... مر خبر وفاتهم بالحبر الأسود الجاف على صدر صفحات الصحف المحلية كالطيف العابر، بينما ألوان صورهم لاتزال حرارتها لم تبرد بعد في قلوب أمهاتهم اللاتي أصابتهن الغصة واللوعة على فقدهم.

ببساطة وبكل تجرد، هذا هو حال مرضى السكلر (فقر الدم المنجلي) في البحرين، الذين يلاقون المعاناة بمختلف أشكالها وعلى جميع المستويات بلا استثناء، فإذا جئنا إلى حقهم في الحصول على العلاج المجاني، نجد أن مجمع السلمانية الطبي لا يوجد فيه سوى 11 سريرا في قسم العناية المركزة مقابل أكثر من مليون نسمة هو التعداد العام للسكان، فيكون مصيرهم إما المبيت على أسرة الطوارئ أو الاستسلام للموت في أحد الأجنحة.

وانضمامهم إلى المعاهد والجامعات مرهون بالنتائج التي سيحصلون عليها أثناء الفصل الدراسي، وكثير من الهيئات الأكاديمية لا تتفهم نوبات المرض التي يتعرضون إليها بين الحين والآخر، وبالتالي يبقون لسنوات طويلة إلى أن يحين موعد تخرجهم، ما يؤثر كثيرا على معدلهم العام الذي يتذرع به بعض أصحاب الأعمال لرفض توظيفهم.

وبعد انتهائهم من الدراسة الجامعية، يتجهون إلى سوق العمل الذي يستقبلهم بأوسع أبوابه الموصدة، وفي القطاع الخاص من يسوق الحجج والأعذار حتى لا يورط نفسه في تحمل مسئوليته الوطنية تجاههم، لتخوفه من تغيبهم وانتكاستهم صحيا، بينما إدراكه لا يجعله قادرا على فهم أن المرض الذي يعانون منه تتفاوت مستوياته لديهم وليس بالضرورة أن يكون شديدا طوال العام.

ويبدو أن بعض أصحاب الأعمال ليسوا مطلعين بشكل كاف على طبيعة هذا المرض، على رغم أن لديهم موظفين مصابين به، وهو ما يفسر إلحاحهم على فرض وظائف معينة لا تناسب هذه الفئة، كالعمل كسواق أو في محطات البنزين أو في محلات السوبر ماركت التي تتطلب الوقوف لفترات طويلة، وبالتالي تتكون في المجتمع شريحة فقيرة غير قادرة على توفير أبسط مقومات العيش الكريم لنفسها، لأنه لم تتح لها الفرصة لأن تكون ترسا في عجلة التنمية والتطور والازدهار.

ومن بين الشركات والمؤسسات الأهلية من لم يلتزم حتى الآن بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، والذي يقضي بـ»عدم احتساب الإجازات المرضية لمرضى السكلر والفشل الكلوي ضمن رصيد الإجازات السنوية بعد استنفاد رصيد إجازاتهم المرضية، على أن لا يزيد عدد الأيام المستنفدة عن 30 يوما، وفي حال تجاوزها يتم احتساب إجازة بدون راتب»، فأين موقف الجهة الرسمية الحازم من الاستهتار بقراراتها التي تصب في مصلحة المواطنين.

مرضى السكلر منتجين وفاعلين اجتماعيا وعمليا والابتسامة لا تفارق محياهم، إلا أن الظروف السلبية المحيطة بهم، تؤثر على نفسيتهم وتجعل منهم ضيوفا شبه دائمين في أروقة المستشفيات، والكثير من الآباء يرفضون تزويجهم من بناتهم، تحصنا من الأمراض الوراثية، فلا سبيل لهم إلا العيش وحيدين تتقاذفهم أمواج الحياة التي تستنزف ما تبقى من أعمارهم الفتية.

ولا يقل حال المصابات بالسكلر سوءا، فالكثير من الرجال يعرضون عن الارتباط بهن، وهن الغير قادرات على أن يجدن حلا لمشكلة عنوستهن، بينما أعداد الزيجات من أجنبيات في ازدياد، ما يفسر وجود خلل في المنهجية الفكرية التي يتحرك وفق إيقاعها المجتمع.

الحل لا يقتصر على جهة دون أخرى، فالجميع بدءا من الدولة والحكومة ورجال الدين وأصحاب الأعمال وأولياء الأمور، معنيون أساسا بالوقوف إلى جانب هذه الشريحة التي تعاني الكثير بصمت مطبق لا يكاد يلمحه أحد حتى من خلال بريق أعينها، لذلك فإن الأمل معقود على من يمتلك الجرأة للإمساك بزمام المبادرة

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2362 - الأحد 22 فبراير 2009م الموافق 26 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً