العدد 2375 - السبت 07 مارس 2009م الموافق 10 ربيع الاول 1430هـ

العدالة الغائبة في التعامل مع الدول العربية والإسلامية

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

لم يعد بوسعنا أن نفهم الحالة الدولية والإقليمية وبالذات العربية وتداعياتها ولا المنطق المعوج والمشوه الذي يريد الغرب الأوروبي والأميركي وحلفاؤه الإقليميون والعرب أن يثبتوا قاموس مفرداتهم الجديدة ونشرها في ثقافة الإنسان العربي ومفرداته.

فها هي المحكمة الدولية تصدر قرارها بتوقيف الرئيس عمر البشير وسيخرج إلينا بعض من يسمون أنفسهم بالليبرالين الجدد ليماحكوا بأن العدالة يجب أن تأخذ مجراها. لكن مشكلتهم ومشكلة النظام العالمي الذي يتشدقون به ليل نهار هو أن مفهومهم للعدالة وحقوق الإنسان تتم مارسته بشكل فج ومشوه ويقاس بأكثر من مقياسين. فإذا كان من حق هذا المجتمع أن يحاسب البشير ويحاكمه فالأولى بهم محاكمة وتجريم أولئك الذين يمارسون القهر والظلم والاستبداد لشعوبهم التي لا تملك قطعة سلاح للدفاع عن نفسها ومقاومتهم كما هو الحال مع الذين يدعمهم الغرب والولايات المتحدة الأميركية بالمال والسلاح لتقطيع أوصال السودان والدول العربية والآسيوية لإضعافها واستمرار السيطرة على مقدراتها وثرواتها عبر إيجاد حكومات عميلة سيتقاضون ويتجاهلون ممارساتها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان ولحرية التعبير وكل المفردات التي يتغنون بها ليل نهار.

وحبذا لو كانت تناقضات الوضع الدولي تقف عند ذلك، فالرئيس الأميركي السابق الذي اعترف باعتماده على معلومات مغلوطة في حربه على العراق وتفكيك دولته وقتل الملايين من شعبه بعيدا كل البعد عن المحاكمة والمساءلة القانونية على ما إرتكبته آلته العسكرية المجرمة. بل إن قادة العدو الصهيوني الذين ارتكبوا أبشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني منذ اغتصابهم لأرضه وبحق الشعب اللبناني، والذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب المصري وأعدموا بدم بارد ضباطه وجنوده بعد حرب 1967 وباعترافهم بعيدون عن أية محاكمة أو مساءلة.

المدعي العام الدولي أصدر الكثير من قرارات التوقيف لكن لو تم استعراضها سنجد أنها تصدر فقط ضد دول أو أفراد أو جماعات في دول العالم الثالث وأغلبها معادية للغرب وممارساته الاستعمارية.

عجبي، أفلم يشهد العالم وبالصوت والصورة اختراقات العدو الصهيوني للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية في حربه على غزة؟ آسف فحربه بالأساس لم تكن على المقاومة وحركة حماس بقدر ما كانت حربا على خيارات الشعب الفلسطيني الديمقراطية التي يتشدقون بها.

ولكي تتم أبعاد المشهد العالمي والإقليمي والعربي يجب أن لا ننسى مؤتمر شرم الشيخ الذي جاء تحت عنوان إعادة إعمار غزة -والتي يجب أن يجرم العدو الصهيوني على دمارها ويفرض عليه تعويض أهلها- فجاء المؤتمر وبمشاركة عربية ليساوم الشعب الفلسطيني على حقوقه ويشترط عليه قبول 6 في المئة من أراضي فلسطين لينشئ دولة مشوهة ويتنازل عن 94 في المئة من أرضه وحقوقه التاريخية، وحقه الذي كفلته الأعراف والقوانين الدولية في مقاومة الاحتلال مقابل خمسة مليارات دولار أميركي. وهل هناك ابتزاز وجريمة أبشع من هذه؟

ثم أين من يدعي الرغبة في وحدة الفصائل والقوى الفلسطينية؟ فلماذا لم تشكل لجنة من تلك الفصائل والقوى لحضور هذا المؤتمر وإيصال الصوت الفلسطيني واضحا ومن دون لبس أو تزوير كما فعل في هذا المؤتمر عرابو أوسلو والذين يجب أن تتبرأ منهم حركة فتح التاريخية والشريفة؟

ثم أي حوار وعملية سلمية تلك التي يدعون إليها الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة؟. فالانتخابات الإسرائيلية الأخيرة تعكس الواقع الصهيوني وتوجهات شراذم المستوطنين الصهاينة.

هم لا يريدون السلام ولا يريدون حتى دويلة فلسطينية، بل ويعملون على طرد الفلسطينين ليس فقط من الضفة والقدس بل وحتى الذين صمدوا داخل الخط الأخضر.

هم يطمعون في الأرض والمياه والثروات العربية إلى جانب كونها قاعدة متقدمة للاستعمار الغربي.

ثم تأتي الطامة الكبرى في مؤتمر وزراء الخارجية العرب فتتحول إيران... نعم إيران الدولة المسلمة وليس دولة العدو الصهيوني إلى العدو الرئيسي لأنظمتنا العربية، وطبعا هنا لا نحاول أن نبرر تجاوز بعض مسئوليها على حق سيادة البحرين وعروبة شعبها.

وتعزف المعزوفة نفسها التي يرددها ليل نهار نيتنياهو بشأن برنامج إيران الذري والسلمي إلى مشكلة عالمنا العربي.

يحصل ذلك والكل يعلم علم اليقين بأن اليورانيوم المخصب في إيران لا يصلح بدرجة التخصيب هذه والتي تراقبها المنظمة الدولية، لإنتاج سلاح ذري.

ويحصل هذا على رغم أن العالم كل العالم يعرف عدد الرؤوس الذرية التي يمتلكها الصهاينة. ويعلم بأن إيران قد وقعت على اتفاقية منع السلاح النووي بينما الكيان الصهيوني يرفض التوقيع عليها.

وأخيرا أية مصالحة يمكن أن تتم بين مشروعين سياسيين متضادين في الاتجاه ومتناقضين في الفحوى والنتائج. فسواءٌ كانت مصالحة بين الأنظمة العربية أو بين القوى والتيارات الشعبية في عالمنا العربي أو في الداخل الفلسطيني، فإنما هي وفي الأساس لا يمكن أن تتعدى المصافحات وبوس اللحى حتى تبدأ الجولة المقبلة. والانتخابات اللبنانية وحجم المال السياسي الموظف فيها أكبر دليل على ذلك

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 2375 - السبت 07 مارس 2009م الموافق 10 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً