العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ

بيان كانو: الرواق مؤسسة تنموية تحتوي المواهب

في لقاء على هامش افتتاح المقر الجديد

قد ينتاب الكثيرين تساؤل حول سر إطلاق مسمى «التجربة المثالية» على معرض افتتاح صالة الرواق الجديدة في مجمع العالي التجاري، والذي قد يطرح كثيرا من الأجوبة، إلا أن المشارك في لحظات الافتتاح لا بد أن يكون متيقنا أن التجربة المثالية اسم مختار بعناية لفعالية تم البحث فيها ودراستها بشكل دقيق ولفترة طويلة، وقام عدد من الفنانين الكبار والشباب بطرح رؤاهم ومعالجاتهم لها في هذا المعرض.

الرواق الجديد الذي افتتح الأسبوع الماضي ضمن فعاليات ربيع الثقافة كان جديرا بأن يكون أحد أبرز الفعاليات التي مرت على برنامج ربيع الثقافة خلال موسمه الحالي، وذلك لأنه احتوى الفنانين الشباب وتوجهاتهم المختلفة التي تصب جميعا لمعالجة قضية الاستهلاك، التي انبثقت في قلب مجمع تجاري يعج بالمستهلكين، ويحاورهم في قضية حساسة ومتشعبة، ويفرض نفسه في مكان قريب من الجمهور بجميع مستوياته الثقافية.

وكان لصحيفة الوسط الالتقاء بصاحبة الرواق غاليري بيان البراك كانو للتعرف على ملامح تجربة الافتتاح التي تم تقديمها، وأبرز ملامح رؤية الرواق لنشاطهم القادم ضمن الحلة الجديدة التي برز بها أمام جمهوره.

* هل لنا في البداية أن نتحدث عن افتتاح الرواق في حلته الجديدة ومراحل تكون الفكرة والإعداد لها وتنفيذها؟

- كنت أبحث عن ما قدمته اليوم في مقر الرواق الجديد بمجمع العالي، إذ أمضينا فترة طويلة بعد تغيير الرواق آخر مرة في عام 2004، ونحن نكمل 11 سنة في العمل في هذا المجال، بعد أن أضفنا للرواق في مقره القديم مكتبة، وسعينا لجعله مكانا يستطيع الفنانين أن يجلسوا ويتحاوروا فيه، إلا أن ضيق المكان لم يكن يساعد على تحمل الأفكار التي كنا نحاول تطبيقها، فكنت في بحث مستمر، وخصوصا بعد تحولنا إلى مؤسسة غير ربحية هدفها التنمية والتعبير عن الإبداع والبحث عن الهوية، فكلما تمكن الإنسان من اكتشاف نفسه أكثر، تمكن من التعبير بطريقة أسهل.

كان هذا الهدف العام من الرواق، وبعلاقاتي وبحث المستمر منذ سنين عن حلة جديدة، وصلنا إلى اتفاق بإقامة معرض لنا في مجمع العالي، وهو المكان الذي سمح لنا بتقديم ما هو أكبر مما كنا نقدمه في السابق، وطرحنا فيه التجارب الحداثية أو ما بعد الحداثية مثل الأنستليشن (الأعمال التركيبية) والتصويرية والميدييا التي حاولنا تقديمها بطريقة مختلفة.

كما حاولنا أن تكون الصفة الجديدة في المعارض المقدمة أن يكون لها عنوان وثيم معين ويكون الثيم مغطى من جهات مختلفة.

* وما سر تسمية المعرض بالتجربة المثالية؟

- التجربة المثالية أخذناه كاسم للبحث في موضوع الاستهلاك والهوية والتجربة بما أن موقعنا الجديد فيه كثير من التحدي حينما نأتي بالفن لمركز تجاري، فالسؤال هو حول ما نستفيده من المكان والموقع، فاستخدمنا الاستهلاك لأنه يمثل الشخصية والهوية، وهذا يعني أن الفيلم الذي سنعرضه يبحث في نفس الموضوع وسيصبح هناك نوع من الاشتراك.

وقد قمنا بالتنسيق لاستضافة باحثة في 29 مارس/آذار الجاري في المجتمع والتحولات، وهي عالمة اجتماع وتحولات المجتمعات وتغيرات الهوية لتشاركنا برأيها، إذ إننا وبسبب العولمة نفقد أشياء جديدة ونكتسب أشياء جديدة، وهو ما يجعلنا نبحث عن أنسب الطرق لذلك، إذ إن الإنسان يجب أن يتغير ويتحول، ولكن ذلك يفرض أن يتحول دون أن يصبح ممسوخا من غير شخصية، فالتطور ضروري وكل الحضارات تطورت وتفاعلت، إضافة إلى أن التفاعل جميل إذا لم يفقدنا رأينا وشخصيتنا وهو ما حاولنا طرحه.

* إذا فالهوية تشغل حيزا من اهتمامات صالة الرواق الآن؟

- نعم، فنحن نبحث عن الهوية طوال البرامج القادمة من جوانب مختلفة، نطرح الهوية مع الاستهلاك، الهوية مع التحول العمراني والهوية في عصر العولمة والشخصية المتأثرة بالعولمة، إذ نطرح جميع تلك القضايا من جهات مختلفة حتى نغطي ونشرك المتلقي من خلال الحوار والتداخل بين الفنان والزائر.

وستشمل فعالياتنا بتاريخ 29 مارس استضافة للمهندس معن السلوم، الذي يشتغل في البحرين وله علم بالبحرين، واشترك في بناء مجمعات تجارية منها الستي سنتر الذي شارك في بنائه وعنده فكرة بطريقة بنائه والرسالة التي سيقدمها، وهو ما يتوافق مع بحثنا فيما لو كنا مسيرين بما نقوم به وما هو مفروض علينا أم لا مثل المجمعات التي يراها الكثيرين نتاج الفكر الأميركي وهي شيء مفروض علينا، لكن المجمعات في ذاتها ليست العولمة في ذاتها، فها هو مجمع العالي التجاري مثلا، يتميز بهوية مختلفة عن باقي المجمعات التي تحمل محلاتها طابع التخصص في طرح العلامات التجارية فقط، فيما مجمع العالي محلاته أقرب للطابع الفردي في المحلات.

* هل هذا سر اختيار مجمع العالي كي يقام فيه الرواق؟

- مجمع العالي أعطونا المكان بدعم كامل، وهي خطوة قوية وداعمة لنشاط الرواق وأهدافه، إذ لم تكن الخطة بأن نقيم معرضنا في مجمع العالي، بل كانت الفكرة ببناء الرواق غاليري الأصلي بعد هدمه في أربعة أدوار، فطلبنا من إدارة مجمع العالي إتاحة مكان نستمر فيه خلال فترة البناء، وهو المكان الذي كان في السابق محل ألعاب، وهنا يكمن التحدي في مدى قدرتنا على التفاعل وتغيير أفكار الناس خلال هذه الفترة المؤقتة التي أعطينا فيها هذا المكان كي نثبت ما نحن قادرون على القيام به وما ننجزه في هذه المساحة.

* إذا فالدعم يحملكم مسئولية الاستمرار في النجاح وتطوير أفكار جديدة؟

- حقيقة هذا هو أول دعم لنا، وفعلا أعطانا نوعا من المسئولية كي نخدم الناس الذين دعمونا، والتحدي أننا حينما طرحنا موضوع الاستهلاك هو في أن يؤخذ هذا الموضوع من جانب سلبي، ولكننا لا نهدف لمجرد النقد، وإنما للتحاور، فمضوع الاستهلاك نعرفه جميعا لأننا جميعا مستهلكين، ولكن هل نعي ما نستهلكه، وهل الناس ذوي قابلية لمناقشة فكرة موضوع الاستهلاك والمجمعات على سبيل المثال؟

نحن ضمن برنامجنا سنستضيف أستاذة علم الاجتماع والعلوم الإنسانية منى أباظة بتاريخ 25 مارس، وهي من المضادين لثقافة المجمعات، لكننا سنتمكن من خلال طرحها للبحث في كون المجمعات أمرا موجودا وكيفية الاستفادة منها والتأقلم معها لما يحقق الفائدة للجميع.

* هناك توجه خلال الفترة الأخيرة لتقريب الفن من الجمهور، وذلك لأن الفن طوال فترة طويلة أصبح منطويا على نفسه وعلى جماعة من النخبة، فهل يخدم وجود الرواق في مجمع تجاري وهو مكان قريب من المتفرج البسيط هذا لتوجه؟

- يأتي الجزء الأهم من معارضنا في ورش العمل وبرنامج الفنان الزائر المقيم، الذي استحدثناه مؤخرا، وهو عبارة عن استضافة لفنانين عالميين يبقون في البحرين لفترة مناسبة، ونقوم باختيارهم بخصوصية قدرتهم على الاشتغال مع الفنانين البحرينيين، فمثلا ورشة العمل التي أقمناها مع يانس وفريدة، تمكنوا من خلال التعاون مع ثلاثة شباب من البحث في البحرين وظروفها والمتغيرات التي تطرأ عليها عمرانيا، وهو ما نرجوه من الفنان المقيم، أن يكون متفاعلا مع البحرين وغير منطوي على أعماله.

* إذا فأنتم تضطلعون بدور تعليمي أيضا وتهتمون بزيادة الثقافة الفنية لدى الشباب في رؤيتكم الجديدة؟

- تشكل التنمية 90 في المئة من دور الرواق، فبخلاف العرض الذي هو أمر يخدم التنمية، فإننا نعمل على تنمية تنمية الطاقات وتنمية المواهب، وهو نوع من التحفيز، إذ يقوم كل معرض على ورشة عمل، ويقدم نتاج هذه الورشة ضمن المعرض.

وفي حفل الافتتاح، كان عرض الأزياء تجربة صعبة وجديدة وفيها تحدي كبير، فأشركنا الأسر المنتجة الذين هم في الغالب أناس بسطاء في ورشة العمل التي أقيمت بإشراف المصمم محمد الخفاجي، وكان التحدي في مدى استيعابهم لفكرة المعرض المطروحة، إلا أن ما وجدناه فيهم أمرا مذهلا، وكان ما قدموه هو إبداع متكامل، إذ اشتغلوا بأيديهم في صنع الإكسسوارات والألبسة الرائعة، واستوعبوا الفكرة كاملة وقدموها بشكل متميز.

كما اشترك معنا بعض طلبة المدارس الخاصة، وهي لفتة لإشراك المجتمع بكل فئاته، وكانت النتيجة جميلة حينما اندمج الجميع في فريق.

* يبدوا أن الرواق أيضا يسعى لأن يكون مساحة احتضان للمواهب الشابة أيضا، وهو ما برز في حفل الافتتاح من مشاركة عدد كبير من الشباب في انتاج معروضات الصالة؟

- حاولنا الوصول للجميع فعلا، لكن هذا يحتاج للتعاون مع وزارة التربية وجهات كثيرة كي نتمكن من جمع المواهب الحقيقية، فقد عملت في فترة مع مهرجان الطفل، وأقمنا ورش عمل كانت تتم من غير ظهور أو حضور، فلم تحقق الوضع الذي كنا نرجوه لها، فالجهد كان مبذولا لكنه مشتت، والأفكار كانت موجودة منذ سنين أصبحت لها هذه الفسحة الجديدة كبوتقة صهرت فيها كل التجارب السابقة.

* في حفل الافتتاح تنوعت الأعمال حول فكرة واحدة، كيف تم توليف هذه المجموعة حول هذه القضية؟

- كما سبق وذكرت، فإننا كنا في بحث دائم عما هو جديد، وكانت تجربة التاون هاوس غاليري تجربة مهمة ومميزة وأحدثت فارقا في المجتمع المصري، إذ وصل التاون هاوس غاليري للمجتمع المصري الكبير جدا، وتمكنت من الوصول لطبقات كثيرة من المجتمع من خلال إقامة ورش عمل للناس والاستفادة بما يبدعونه.

ونحن قما بنفس التجربة بالتعاون مع التاون هاوس غاليري، وكانت لدينا الفرصة بوجود منسقة المعارض ميساء فتوح، التي تعاونت مع ويليم ويلز بالبحث عن فنانين يهتمون في نفس الموضوع، حتى توصلنا لهم بحسب الاختيار والنقاش والحوار وتقديم البعض للفنانين الذين يعرفونهم والذين بالإمكان دخولهم في نفس الأجواء.

* هل نفهم أن هناك جهات متعاونة أيضا مع الرواق خلاف ما ذكرتِ سابقا؟

- نحن نلقى دعما من المعهد البريطاني، وهو أحد الداعمين لنا، في وقت كنا نعاني فيه من ندرة الرعاة، لكننا حينما بدأنا في العمل على مشاريعنا فإن الناس تعرفوا على ما نقوم به، وعملنا عرف بنفسه أيضا، إلى جانب رؤيتنا بأن يصبح لنا دورا تنمويا ننتظر أن يستوعبه الناس من حولنا.

يبقى دورنا الآن هو البدء، والاستمرار في البحث عن ممولين في كل الاتجاهات، ووجنا جهات تؤمن بدورنا في البحث عن موارد بشرية جديدة، لأن ذلك بذاته تحدث، وهو ما جعلني اكتشف أن لا حدود للتعاون، إذ أتاحت لنا الورشة التي أقمناها مشاركة طلبة وفنانين ووزارة التنمية والمعهد البريطاني والمصممين المختصين، إذ يتشكل دورنا في الرواق بخلق تعاون بين الجميع.

* وهل تعتزمون تبني مجموعة من الفنانين كي تصبح مجموعة الرواق التي يعمل عليها ويتم تطويرهم للخروج بنتاج خاص بالغاليري؟

- هذا أمر نبحث فيه منذ سنوات، ونذكر على سبيل المثال الفنانة وحيدة مال الله، التي تعد أول مشاركة خرجت للمجتمع الغير بحريني من خلال الرواق.

نحن نؤمن بأن لدينا طاقات في هذا البلد، ووحيدة إحدى تلك الأمثلة، فسعينا لابتعاثها في دورات خارج البحرين، وهي محاولة تكميلية لدور المدرسة الفنية الغائب عن المجتمع البحريني، إذ نسعى لسد فراغ المدرسة في اكتشاف الفنانين وتنميتهم ومساعدتهم على التطور.

ونذكر أيضا من الفنانين الذين دعمهم الرواق الفنانين جعفر العريبي وخالد فرحان الذين نظمنا لهم بعثة لباريس، إضافة للفنانين محمد المهدي وسيد حسن الساري الذين ابتعثناهم لورشة عمل في لبنان مع فنانة آيرلندية تهدف للعمل في المخيمات لمدة أسبوعين.

توجهنا واضح، لكن قلة الدعم هي ما يقلل فرص الوصول لما هو أكبر، لكننا من خلال مشروع الفنان المقيم والفنانن الزائر سنسعى لأن نغطي مانتمكن منه، وسيتم استخدام مقر الرواق القديم في العدلية لكي يصبح واجهة عرض للفنانين وتجاربهم، فيما يشكل معرض مجمع العالي واجهة عرض لفنانين ما بعد الحداثة، كما سيستمر المقر القديم من خلال إعداد أستوديوهات في إتاحة الفرصة للفنانين المقيمين من عمل الدورات، وأستضافة الفنانين والعمل معهم، ما يحقق هدف التنمية.

العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً