العدد 2409 - الجمعة 10 أبريل 2009م الموافق 14 ربيع الثاني 1430هـ

التطوير العقاري والمجتمعات الزرقاء

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

عند مشاهدة الخريطة الجغرافية لإمارة دبي في زيارتي الأخيرة في نهاية الأسبوع الماضي، يلاحظ المرء الاستثمارات العقارية الهائلة والمقدرة بمئات المليارات من الدولارات على الشواطئ ومجموعات الجزر الاصطناعية المتعددة فهناك نخلة ديرة، والعالم، والكون، ونخلة جميرا، ونخلة جبل علي، والواجهة المائية، ...إلخ.

لاشك أن هذه المشروعات الاستثمارية العملاقة في القطاع العقاري أدت إلى تغيير الواجهة البحرية وجغرافية الإمارة لكن التوجهات الاستراتيجية من القيادة الدبوية لتسويق المدينة كوجهة سياحية في العالم أدت إلى المضي قدما في قرارات قد تعتبر مؤلمة بيئيا لكن متفقة مع جزء من رؤية قائدها الشيخ محمد بن راشد نحو التطوير المدني والعمراني لنموذج هونغ كونغ الخليج.

لا شك في أن الأزمة المالية العالمية الحالية قد تركت بعض الآثار السلبية على قيمة أصول هذه الاستثمارات العقارية بل امتدت هذه الآثار إلى بورصة دبي لتخفض القيمة السوقية لشركات التطوير العقارية بنسب حادة (50-80 في المئة) وبالتالي هناك علامات استفهام بالنسبة لتقييم آثار التدمير البيئي للبحر وعملية التطور العمراني في ظل الفورة البترودولارية منذ بداية العقد الجاري.

بصورة عامة تعتبر مدينة دبي دائما الرائدة والسباقة في مجال التطوير الحديث في منطقة الخليج لذلك فقد اتجهت الدول الخليجية الأخرى في اتجاه مواز للنموذج الدبوي في مجال التطوير العقاري على السواحل ولكن ليس بنفس الزخم لعدم توافر عوامل اجتماعية، وسكانية واقتصادية مماثلة.

خلال زيارتي القصيرة شاهدت إعلان شركة نخيل وهي إحدى شركات التطوير العقارية الكبرى في دبي عن مبادرتها الرائدة لمشروع «المجتمعات الزرقاء». في البداية تنتاب المرء بعض علامات الدهشة فالبيئيون يعرفون مفاهيم «المجتمع الأخضر» ولكن بعد بعض البحث والتمحيص تبيّن أن «المجتمع الأزرق» يقصد به إدارة المجتمعات الساحلية بل إن فاروق الباز -وهو أحد المستشارين الأوائل للمشروع- صرّح بأن الهدف الرئيسي من المجتمع الأزرق هو «تأمين العيش في وئام مع البحر». فاللون الأزرق هو لون الكرة الأرضية من الفضاء ويطلق على هذا الكوكب في النظام الشمسي بالكوكب الأزرق حيث تغطيه مساحات شاسعة من المسطحات المائية وبحسب إحصاءات وكالات الأمم المتحدة فإن ثلثي سكان المعمورة يعيشون في مناطق قريبة من السواحل.

الشركة المذكورة ستستثمر نحو نصف مليار درهم إماراتي في مشاريعها الساحلية المتعددة على مدى 5 سنوات. فخبراء مشاريع الشركة وشركات الاستشارة يعملون على وضع المعايير الأساسية للتصميمات الدقيقة لكل مخططات البناء وتشمل مجالات متعددة مثل المحافظة على الطاقة وطرق استخدام المياه وإعادة تدوير مياه الصرف وإدارة النفايات واقتراح معايير بحرية للمحافظة على الحياة البيئية في السواحل ونشر الوعي حول القضايا الساحلية وبالتالي محاولة إدخال التنمية المستدامة كأساس ضمن خطط التنمية.

هل سنشاهد هذه المبادرات العلمية في جزرنا وسواحلنا الجديدة، ويتم تطوير «مجتمع أزرق» ومستدام؟

هذا سؤال يوجه لشركات التطوير العقارية الكبرى في المملكة فنحن نريد أن نماثل التجربة الدبوية من حيث بناء الجزر فما المانع من اتخاذ نفس مبادراتها البيئية بل نبتكر ونتفوق ولا ننسى التعاون بين المطورين الرئيسيين في المنطقة وتبادل الخبرات والتجارب.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2409 - الجمعة 10 أبريل 2009م الموافق 14 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً