العدد 2447 - الإثنين 18 مايو 2009م الموافق 23 جمادى الأولى 1430هـ

آباء مع وقف التنفيذ

كنت أعارض دائما مقولة «آباء مع وقف التنفيذ» لقناعتي الخاصة بأنه لا توجد في الدنيا قوة تنتزع حنان الوالدين عن أبنائهم، فهم مصدر الحنان والعطف، ومصدر التعاليم والقيم، وهم الروح والمنبع الذي ينهل منه الأطفال وهم المدرسة كقوله «الأم مدرسة إذ أعددتها أعددت شعبا طيبَ الأعراق».

فقد استوقفني موقف آلمني كثيرا في الأيام الماضية، إذ كنت في مستشفى السلمانية الطبي لزيارة أحد المرضى من الأطفال، فاستوقفني ذلك الطفل ببكائه ونحيبه وهو ينادي «أريد أمي، أريد أبي، اتصلوا بهم ليأتوا إلي»، فتساءلت ما هي قصة هذا الطفل البالغ من العمر 3 أعوام ونصف؟! فأبلوغني بأنه كما ترين يريد والديه وتساءلت أين والداه وهو طفل صغير! أخبروني بأن والدته تزوره خلال فترة الزيارة ولا تمكث إلا نصف ساعة أو ساعة فقط وتتحجج بانشغالاتها مع إخوانه وأخواته الذين يكبرونه سنا! وتتركه إلى رحمة ملائكة الرحمة والزائرين!

أي قلب ذاك الذي يترك هذا الطفل وحيدا في أروقة المستشفيات؟! أيعقل أن يكون قلب الممرضة أرحم من قلب أمه وأبيه؟! أيعقل أن يتجرد الأب والأم من تأنيب الضمير تجاه هذا الطفل الصغير ليواجه مصير عجزه البدني ويتركانه ليتلقى الرحمة والرأفة وتلبية حاجاته من قبل الممرضات؟! تساؤلات كثيرة دارت في مخيلتي وأنا أرى المرضى الآخرين من الأطفال يحيطهم والوالدان وهم يتهافتون لخدمة وتلبية طلبات ابنهما المريض. أين هي حقوق الأبناء على آبائهم؟! ما هو إحساس هذا الطفل عند رؤيته لمشاهد الحنان الدفاقة لإخوانه المرضى الآخرين من الأطفال! أليس من حقوق الآباء على أبنائهم رعايتهم و»أنك أيها الأب مسئول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه».

في حقيقة الأمر فإن ملائكة الرحمة يستحقون الشكر والتقدير لرعاية هذا الطفل كثير البكاء وتحملهم إياه وتلبية كل متطلباته وحاجاته ولكنهم في الوقت ذاته لا يستطيعون تلبية حاجاته النفسية والعاطفية، وفقدان تواجد والديه ومشكورون هم أهالي الأطفال الموجودين في الغرفة نفسها بزيارة الطفل والجلوس للعب والتحدث معه وإهدائة هدايا بسيطة «كالحلاوة أو الشيبس...وغيرها من الهدايا»وذلك لزرع البسمة ورسم الضحكة على محيا الطفل تأسيا بالمقولة المشهورة «من فرح طفل فرح نبي». فالأطفال هم هبة الله إلينا فيجب أن نصون هذه الهبة التي وهبنا الباري عزوجل إياها.

العدد 2447 - الإثنين 18 مايو 2009م الموافق 23 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً