العدد 2503 - الإثنين 13 يوليو 2009م الموافق 20 رجب 1430هـ

شبابنا والفراغ ... إلى أين المسير؟

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

جميل أن تنطلق وزارة الداخلية في تنفيذ برنامج معسكر صيفي موجه للشباب من أجل تنمية قدراتهم الذهنية والبدنية والنفسية، بعد أن كانت الفكرة العامة التي انطبعت حتى وقت قريب في أذهان الناس، لا تخرج عن صدامات بين الطرفين على وقع حرق إطارات وحاويات، وتصاعد لأدخنة مسيلات الدموع.

فهذا المشهد الذي يأتي بدعم كريم من القيادة السياسية، يعيد شيئا من السلم الأهلي والاجتماعي إلى الأحياء الفقيرة في القرى والمناطق المعدمة التي عاش أهاليها ليال سوداء عصيبة، كادت البحرين أن تدخل من خلالها إلى منعطف أمني خطير، لولا عناية الخالق ثم حكمة عاهل البلاد التي نزعت فتيل الأزمة بتوجيهه الحكيم بإطلاق سراح المتهمين قبل بضعة أشهر مضت.

ما يجري له دلالات ومؤشرات إيجابية، تعبر عن رغبة رسمية في ترميم الهوة وبناء حاجز الثقة الذي انهار منذ فترة بعيدة بين شريحة من أبناء المجتمع ورجال الأمن، وهي مسألة نحتاج إليها بصورة ماسة في هذا الوقت الحساس لمنع الشباب من الانزلاق في هوة الفراغ والبطالة وارتكاب الأفعال التي تضر بمستقبلهم وتعود على وطنهم بالإساءة.

وبموازاة إيجابيات هذه المبادرة الطموحة التي ستساعد في الكشف عن طاقات مختزلة وإبداع مكبوت بين جدران الغرف والممرات الضيقة، نحتاج إلى الاستمرارية، فاقتصار الحدث وحصره في فصل الصيف ضياع لجهد حميد، فهؤلاء الذين سيخضعون لدورات مختلفة من ضمنها الجانب العسكري، من الممكن تهيئتهم كجنود يدخرهم الوطن كعتاد للمستقبل، بدلا من تركهم طوال أيام العام منكبين على الكتب أو تائهين يبحثون عن ترفيه وتسلية في أحضان من يريد بهم شرا.

ويجب أن لا يغيب عن الدولة الالتفات لمعالجة ملف الفقر بالتزامن مع إشغال الشباب في برامج هادفة، وكذلك ملف الإسكان الذي لا يقل أهمية عن غيره من الأحمال التي تثقل كاهل المواطن البحريني، فشاب يعيش وسط أسرة مركبة في بيت محدود المساحة ذي إمكانات بسيطة، ولم يحصل على وظيفة يعيل بها نفسه وينطلق منها لتأسيس أسرة جديدة، لا يمكن إلا أن يكون ناقما على مجتمعه، ومهيأ لارتكاب أفعال غير سوية.

المراكز الشبابية والثقافية والساحات الشعبية والأندية الرياضية هي جزء من حلول مؤقتة، فيما تبرز مسألة ضعف الأجور كمشكلة رئيسية تفصح عنها مراكز التسجيل للدعم المالي (علاوة الغلاء) التي اصطف فيها من تبلغ أجورهم 1500 دينار العام الماضي، فكيف الحال لمن لا يتجاوز دخلهم 200 دينار شهريا.

قضايا الشباب البحريني ليست عصية على الحل، فمهرجان المؤسسة العامة للشباب والرياضة الصيفي، وفعاليات مهرجان «تاء الشباب» الذي تتبناه وزارة الثقافة والإعلام، هي برامج قامت من ألفها إلى يائها على سواعد فتية من هذه الفئة، وبالتالي فإن أبسط ما تقدمه الحكومة إليها هو خلق بيئة ملائمة في المنزل والحي والقرية، عبر تحسين ظروفها المعيشية والاجتماعية، ليتسنى لنا الاستفادة من رحيق عنفوانها بدلا من أن نتركه يتطاير مع ذرات الغبار.

ولا يقل دور مؤسسات المجتمع المدني أهمية عن دور الجهة الرسمية في هذا المجال، فالجمعيات الشبابية والاجتماعية والثقافية والقطاع الأهلي، مدعوون أيضا إلى دعم جهود وزارتي «الداخلية» و»الثقافة والإعلام»، من خلال إعداد الخطط والبرامج التي تكفل توظيف طاقات الشباب وتأصيل القيم النبيلة في نفوسهم وتعزيز التصاقهم ببلدهم، وتنفيذها ضمن فترة زمنية طويلة الأمد، من منطلق واجبها الاجتماعي والوطني.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2503 - الإثنين 13 يوليو 2009م الموافق 20 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً