العدد 251 - الأربعاء 14 مايو 2003م الموافق 12 ربيع الاول 1424هـ

لماذا لا نعلن مملكة البحرين جزرا أرخبيلية؟

أحمد عباس الخزاعي comments [at] alwasatnews.com

هذا التحليل للجزء الثاني من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار الخاص بالدولة الارخبيلية، هو اجتهاد مني بغرض كشف حقائق منظور الاحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية التابعة للامم المتحدة (انشئت العام 1946م)، وليس نقضا لحيثيات الحكم التاريخي الصادر عن المحكمة لحل الخلاف الحدودي البحريني - القطري الذي دام حوالي 60 عاما. الحكم جاء لصالح البحرين، وثبت حق البحرين في جزر حوار وقطعة جرادة والحدود البحرية، وهذا نصر تاريخي، لكن الامم المتحدة لم تعلن البحرين حتى الآن دولة ارخبيلية، لعدم تقدم البحرين رسميا بطلب اعلانها دولة ارخبيلية. اذا الغرض من هذا الاجتهاد اثبات ان جزر البحرين المترامية الاطراف والمبعثرة في الخليج - بحسب القواعد القانونية المبينة ادناه - مملكة ارخبيلية. وان محكمة العدل الدولية عندما استندت في حيثيات حكمها إلى بعض البنود القانونية لاتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار (الاحكام النهائية)، الموقعة في جاميكا في العام 1994م، استندت إلى مفهوم الدول الجزرية.

عندما شاركت شخصيا في الدورة الثالثة لمؤتمر الامم المتحدة لقانون البحار في جنيف العام 1974م، ممثلا لدولة البحرين، كانت مهمتي الاساسية في لجنتي المعنية بالجزر الارخبيلية والخلجان والمضايق والبحار الضيقة، هي اثبات حق البلدان الجزرية الصغيرة في ان تصبح بلدانا ارخبيلية، بعد ان كانت البلدان الجزرية الكبيرة تشترط ان تقع تلك الجزر في البحار العميقة الكبرى، ولكننا نجحنا في صوغ تعريف للبلدان الارخبيلية، يعترف بحق البلدان الجزرية الصغيرة الواقعة في الخليج والخلجان والمضايق، في ان تصبح دولا ارخبيلية، وتضمينه الاحكام النهائية لاتفاقية قانون البحار كالآتي:

تعريف البلدان الأرخبيلية

البند (46) عرف الدولة الارخبيلية كالآتي:

(أ) الدولة الارخبيلية «هي الدولة التي تتكون كليا من ارخبيل واحد او اكثر وتتضمن جزرا اخرى».

(ب) «الارخبيل» هو مجموعة جزر، تتضمن اجزاء اخرى من الجزر، تربطها مياه وميزات طبيعية اخرى ترتبط بتلك الجزر، والمياه والمميزات الطبيعية الاخرى، تشكلان كيانا اقتصاديا وسياسيا جغرافيا جوهريا، او الذي اعتبر كذلك تاريخيا.

هذا التعريف لا يدع مجالا للشك في ان جزر البحرين جزر ارخبيلية يجب ان يعترف بها المجتمع الدولي لامتلاكها مقومات الدول الارخبيلية، وهي تشكل وحدة متكاملة بين الجزر الممتدة في المياه الضيقة في الخليج العربي. وان الحكم الذي صدر ربما يكون حكما تصالحيا اكثر منه قانونيا.

قاعدة خطوط الأرخبيل

البند (47) حدد قاعدة خطوط الارخبيل التي تنطبق ايضا على ارخبيل البحرين كالآتي:

1- دولة الارخبيل تضع قاعدة لخطوطها برسم خط مستقيم للارخبيل، يربط النقاط الابعد للجزر الابعد من سلسلة الصخور او الكثبان الجافة للارخبيل، بشرط ان تتضمن مثل هذه القاعدة الخطوط الرئيسية للجزر ومساحتها ونسبة مساحة الماء إلى مساحة الارض، بما في ذلك الجزر المرجانية، بين 1 إلى 1 و1 إلى 9.

2- طول قاعدة الخطوط لن تتجاوز 100 ميل بحري، ماعدا ذلك بحدود 3 في المئة من العدد الكلي للخطوط القاعدية قرب اي ارخبيل لربما يتجاوز ذلك الطول، بحدود طول اقصى يصل إلى 125 ميلا بحريا.

3- رسم قاعدة الخطوط لن يبتعد إلى اي مدى مقدّر عن الترتيب العام للارخبيل.

4- قاعدة الخطوط لن ترسم من ارتفاعات المد المنخفضة، ما لم توجد فنارات او تجهيزات مشابهة بشكل دائم فوق مستوى البحر بنيت عليها او حيث ارتفاع مد منخفض يقع كلية او بشكل جزئي في مسافة لا تتجاوز عرض البحر الاقليمي من الجزيرة الاقرب.

5- نظام قاعدة الخطوط لن يطبق من قبل الدولة الارخبيلية بهذا الاسلوب، كقطعها من عرض البحار او المنطقة الاقتصادية الخالصة او البحر الاقليمي للدولة الاخرى.

6- اذا كان جزء مياه الارخبيل يقع بين جزءين من دولة مجاورة مباشرة، فإن الحقوق الموجودة وكل المصالح الشرعية للدولة الاخيرة، قد مورست تقليديا في مثل هذه المياه، وكل الحقوق المتضمنة في الاتفاقية بين تلك الدول ستستمر وتكون محترمة.

7- لغرض حساب نسبة الماء في الارض بموجب الفقرة 1، فإن مساحات الارض ستتضمن المياه القابعة في سلسلة الصخور في الجزر والجزر المرجانية، ويشمل ذلك جزءا من الهضبة المشاركة الشديدة الانحدار القريبة من سلسلة جزر الاحجار الكلسية الجافة التي تمثل سلسلة الصخور على حافة الهضبة.

8- قاعدة الخطوط وضعت طبقا لهذا البند، وبنيت على مخططات ميزان القياس للتأكد من مواقعها، واستعيض عنها بقوائم نقاط التنسيق الجغرافية التي تحدد بيانات التخطيط الجغرافي.

9- على الدولة الارخبيلية ان تعلن المخططات او القوائم الجغرافية التي تودع نسخة منها لدى السكرتير العام للامم المتحدة.

مما تقدم يتضح ان قاعدة الخطوط الجغرافية لمملكة البحرين يجب ان تبين رسما بيانيا لسلسة الصخور المرجانية او الكلسية فوق سطح الارض او تحت الماء لتأكيد ان دولة البحرين ارخبيلية كما تؤكد ذلك الفشوت.

المقياس

البند (48) يوضح المقياس الذي يشمل: عرض البحر الاقليمي، والمنطقة المتاخمة، والمنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري التي تقاس من قاعدة الخطوط الارخبيلية، وفقا للبند (47).

من هنا لابد من توضيح المناطق المذكورة على قاعدة الخطوط الجغرافية البحرينية كونها دولة ارخبيلية.

الوضع الإقليمي للمياه الأرخبيلية

البند (49) حدد الوضع الاقليمي للمياه الارخبيلية، والمجال الجوي فوق المياه الارخبيلية وقعرها وأسفل التربة.

1- سيادة الدولة الارخبيلية، تمتد إلى المياه المتضمنة قاعدة خطوط الارخبيل طبقا للبند (47)، الذي يعرف مياه الارخبيل، بغض النظر عن عمقها او مسافتها من الساحل.

2- هذه السيادة تمتد إلى المجال الجوي فوق المياه الارخبيلية، وايضا إلى عمق المياه وأسفل القعر الذي يحتوي على الموارد.

3- ممارسة السيادة خاضعة لهذا الجزء.

4- ينظم المرور البحري عبر الارخبيلات بواسطة الطرق البحرية المشيدة في هذا الجزء، أما في النواحي الاخرى فإن حركة الملاحة تؤثر عليها حالة المياه، وهذا يشمل ايضا حالة الطرق البحرية، أو ممارسة الدولة الارخبيلية لسيادتها على هذه المياه، ومجالها الجوي وقاع البحر والتربة التحتية والموارد.

إذا اعتراف المجتمع الدولي بالبحرين مملكة ارخبيلية - ولا توجد مشكلة في ذلك الاعتراف - سيتيح لها ممارسة سيادتها الكاملة على جميع اجزاء الارخبيل واستغلال ثرواته لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

تحديد المياه

الداخلية للدولة الأرخبيلية

البند (50) حدد المياه الداخلية للدولة الارخبيلية، برسم خطوط المياه الداخلية طبقا للبنود (9 و10 و11).

ليس هناك مجال للشك في أن دولة البحرين رسمت خطوطها الداخلية ولكن ليس على اساس انها دولة ارخبيلية.

اتفاقية حقوق صيد الأسماك

البند (51) حدد أماكن وضع اسلاك الصيد طبقا للاتفاقية التقليدية لحقوق صيد الاسماك، كما يأتي:

1- من دون إجحاف بالبند (49) الخاص بالدولة الارخبيلية، فإن الدولة الارخبيلية ستحترم وجود الاتفاقات القائمة مع الدول الاخرى المجاورة، في بعض المساحات الواقعة في المياه الاقليمية للدولة الأرخبيلية. انظمة وشروط ممارسة الحقوق والانشطة في حدود المساحات الطبيعية، وذلك بناء على طلب مقدم من الدولة المجاورة، بموجب الاتفاقات الثنائية المبرمة بين الطرفين، مثل هذه الحقوق لن تحول دون مشاركة دولة ثالثة أو مواطنيها.

2- الدول الأرخبيلية ستحترم مناطق الاسلاك التي وضعتها الدول الاخرى، وتحترم حق المرور في مياهها من دون تلاع اليابسة. الدولة الأرخبيلية ستجيز الصيانة، وتبديل مثل هذه الاسلاك، أو وضع اجهزة الانذار في موقعها لاصلاحها أو استبدالها.

تطبيق هذا البند على البحرين باعتبارها دولة ارخبيلية سيتيح لصائدي الاسماك والغواصين الباحثين عن اللؤلؤ الصيد في مناطق ومساحات أوسع في مياه الدولة الأرخبيلية للخطوط الملاحية الوطنية وحرية البر للمرور.

حق المرور البري

البند (52) حدد المرور البري بما يأتي:

1- وفقا للبند (53) ومن دون إجحاف بالبند (50)، فإن بواخر جميع الدول تتمتع بحق المرور البري عبر مياه الدولة الأرخبيلية، طبقا للجزء الثاني، الفقرة 3.

2- الدولة الارخبيلية لا تميز في الشكل أو الواقع بين البواخر الاجنبية، وتغلق بشكل مؤقت مساحات محددة من مياه الدولة الأرخبيلية للمرور البري للبواخر الاجنبية، إذا كان مثل هذا الغلق اساسيا لحماية امنها. مثل هذا الغلق سيبدأ مفعوله فقط فور إعلانه.

حق المرور البري حكمت به محكمة العدل الدولية لصالح الدولتين، ولكن الحق ينطبق على البلدان الجزرية الصغيرة وليس الدولة الأرخبيلية.

حق المرور في الطرق

البحرية للدولة الأرخبيلية

البند (53) حدد حق المرور في الطرق البحرية للدولة الأرخبيلية بما يأتي:

1- الدولة الأرخبيلية ربما تعلم الطرق البحرية والطرق الجوية، لتكون مناسبة للمرور المستمر والعاجل للبواخر الاجنبية والطائرات عبر او فوق مياهها وبحرها الاقليمي المجاور.

2- كل البواخر والطائرات تتمتع بحق المرور في الطرق البحرية والجوية للدولة الارخبيلية.

3- المرور في الطرق البحرية للارخبيل يعني المرور عبر الطرق البحرية وممارسة هذا الحق، طبقا للاتفاقية الخاص بالحقوق الملاحية والتحليق الجوي العادي، فقط لغرض العبور العاجل وغير المعرقل والمستمر، بين جزء واحد من عرض البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة، وجزء آخر من عرض البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة.

4- الطرق البحرية والطرق الجوية لعبور المياه الارخبيلية والبحر الاقليمي المجاور، ستضمّن كل طرق المرور العادية المستعملة طرقا للملاحة الدولية والتحليق العابر للمياه الارخبيلية، وتضمن للبواخر المرور في القنوات الملاحية العادية، كما ان مضاعفة الطرق الملائمة والمتشابهة بين نقطة الدخول ونقطة الخروج لن تكون ضرورية.

5- الطرق البحرية والطرق الجوية ستعلم بسلسلة خطوط محورية مستمرة، من نقاط دخول طرق المرور إلى نقاط الخروج. البواخر والطائرات المارة بالطرق البحرية تنحرف أكثر من 25 ميلا بحريا عن الاطراف عند المرور، بشرط عدم ابحار مثل هذه البواخر والطائرات إلى السواحل اقرب من مسافة 10 في المئة بين النقاط الاقرب المجاورة لجزر الطريق البحري.

6- الدولة الارخبيلية التي تعلم طرقها البحرية بموجب هذا البند، تضع مخططات افتراق المرور ايضا، للمرور الآمن للبواخر عبر القنوات الضيقة والطرق البحرية.

7- الدولة الارخبيلية لديها ظروف تتطلب اعلان تبديل الطرق البحرية الاخرى، أو مخططات افتراق المرور لأي طرق بحرية او مخططات افتراق المرور المعلمة سابقا.

8- الطرق البحرية ومخططات افتراق المرور متوافقتان بمجرد قبول عموم الانظمة الدولية.

9- عند تعيين او تبديل الطرق البحرية او تعليم او استبدال مخططات افتراق المرور، فإن الدولة الارخبيلية ستقدم مقترحات إلى المنظمة الدولية المعنية لتبينها. المنظمة ربما تتبنى فقط مثل هذه الطرق البحرية ومخططات افتراق المرور كما يحتمل ان توافق الدولة الارخبيلية على تعليمها أو استبدالها.

10 - الدولة الارخبيلية ستوضح بجلاء المحور المتخذ للخطوط البحرية ومخطط افتراق المرور المتخذ أو المستبدل.

11- البواخر في طرق المرور البحري ستحترم الطرق البحرية القابلة للتطبيق ومخططات افتراق المرور المطبقة اساسا في هذا البند.

12- اذا لم تعين الدولة الأرخبيلية الطرق البحرية أو الطرق الجوية، فإن حق المرور بالطرق البحرية للدولة الأرخبيلية بحريَّة، يحتمل ان يمارس عبر الطرق المستخدمة في العادة للملاحة الدولية.

اذا حق المرور في الطرق البحرية للدولة الارخبيلية يختلف نسبيا عن حق المرور في الدولة الجزرية. الاختلاف بسيط باعتبار ان محكمة العدل الدولية اعطت الدولتين حق المرور في الطرق البحرية والجوية لكلتا الدولتين.

الواجبات

البند (54) حدد بالتفصيل في الملاحق واجبات البواخر والطائرات خلال مرورها، والبحث وأنشطة المسح وواجبات الدولة الارخبيلية، وقوانين وانظمة الدولة الارخبيلية المتعلقة بأنظمة خطوط المرور البحري.

الواقع ان قبول البحرين بحكم محكمة العدل الدولية، له الكثير من المزايا، ستعود بالنفع والخير على البحرين وقطر اقتصاديا، وخصوصا اذا اتفقت الدولتان على تسمية المنطقة الاقتصادية الخالصة، لتنفيذ مشروعات تنموية مشتركة بين الدولتين، سيكون جسر المحبة اولها.

إلا أن الوضع القانوني للبحرين يجب إعادة النظر فيه ليكون متوافقا مع الجزء الثاني من اتفاقية قانون البحار الخاص بالدولة الارخبيلية لاستغلال مزيد من الاراضي والثروات والمياه لأغراض التنمية والتوسيع الاسكاني.

كاتب بحريني

العدد 251 - الأربعاء 14 مايو 2003م الموافق 12 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً