العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ

مركز البديل للتطوير والجمعيات السياسية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

هناك بعض التطورات التي طرأت في الفترة الأخيرة في إطار تفعيل المواطن، ولم يكن ممكنا غض النظر عنها وسط متابعة وإلحاح التطورات السياسية، التي تسيطر على الأنباء وتستحوذ على الرأي العام.

فقد دأبت في الفترة الأخيرة على رصد السلوكيات السلبية التي تحدد معايير المواطنة والمساواة بين أفراد الوطن الواحد، وفي المقابل قمت أيضا برصد وتسجيل السلوكيات الإيجابية حتى لا أكون من دعاة الإثارة أو محترفي الشكوى.

وهذا التطور تمثل في بعض مراكز الحراك المدني المعنية بشأن تنمية وتطوير الفرد بعيدا عن الجمعيات السياسية والنفعية. ولنأخذ مثالا على ذلك مركز البديل للتدريب والتطوير، حيث هذا المركز متخصص في مجالات التدريب والاستشارات والتعليم، وتنظيم الفعاليات والدراسات والتوثيق، وهذا مؤشر يعطي الأمل بعدم توقف التطور الإيجابي الذي يعنى بالفرد بعيدا عن تجاذبات الجمعيات السياسية.

إن هذا المركز له دورة المقدر في وجهة نظر الكثير لدعمه لمواصلة العطاء والبناء ومساندة الأنشطة الوطنية الهادفة، علاوة على تكريم الشخصيات الوطنية وتوثيق سيرها العطرة تقديرا لدور هذه الشخصيات في بناء الوطن وحماية مكتسباته، لمواصلة العطاء والبناء، على أقل تقدير في حياتهم، حيث بالغالب لا يكرم عندنا المرء إلا في مماته، كما أن الكتاب الذي أصدره هذا المركز (مصلحون في بلادي) ترك الأثر الطيب في نفوس من تناولهم، إذن هناك مصلحون.

إن بناء الإنسان المؤهل القادر على خدمة دينه ووطنه ومجتمعه وهي أحدي رسائل تلك المركز لهو أحدي الركائز التي يعول عليها أي مجتمع، إنني إذ أسلط الضوء علي هذا التطور الإيجابي المعني بالفرد، الخارج عن تجاذبات كل ما هو سياسي وطائفي في اتجاه تفعيل معايير المواطنة، من المؤكد يحدونا الأمل بالتفاؤل أن يكون هذا المركز خصبا لتوثيق الإنجازات على صعيد المواطنة والإصلاحات السياسية والثقافية لنتجاوز كبوة الإحباطات تجاه العمل النيابي أو السياسي، ولكن عندما نتطرق لهذا المركز نحن في صدي المقانة بينة وبين الجمعيات السياسية، وهنا نعني شق الحراك المجتمعي، حيث لدى البعض ولاسيما هؤلاء الذين يطلقون علي أنفسهم حماة مصالح المواطن من الجمعيات السياسية، يتعاملون بانتقائية في دفاعهم عن المواطنين، فهناك من يصور تلك الجهة أقل حضوه والآخر يقوم بنفس العمل.

وتظل الإشكالية لا تكمن في هذا النوع من التجاذبات لتحريك الحراك المجتمعي، ولكن الطامة الكبرى تتمثل في بعض فئات المجتمع التي تعيش علي أسطورة الأبطال والأفكار المسبقة ورفض المساس بهذه الجمعية أو تلك والتعامل معهم بأنهم فوق البشر... وفي الوقت نفسه تطالب هذه الفئات العيش في دولة المؤسسات ولكن بعقلية دولة الجمعيات السياسية أو الفئوية أو الطائفية!

وهي ازدواجية تعاني منها بعض الفئات وبالتالي غير مستغرب أن تنتقل إلى بعض هؤلاء الساسة.

إننا كمواطنين لابد أن نسعى إلى رصد سلبيات أداء الجمعيات السياسية والنفعية تجاهنا كأفراد، وكذلك أن نسعى لرفع الوعي المجتمعي بالممارسات الديمقراطية الحقيقية القائمة على احترام دولة الدستور ولا سيما في ظل ما نعيشه من طروحات فئوية وقبلية بقيظه.

وهنا أقول يجب أن يكون معلوما أن الوعي المجتمعي البعيد عن التسييس هو المدخل الأساس لمعرفة العصر، والعنصر الأهم في نجاح هذا المشروع، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن كثيرا من التداعيات التي تشهدها الساحة وتتعرض لها الجمعيات السياسية أسبابها غياب الوعي المجتمعي، وبالتالي التخلف عن معرفة الواقع المعاش، فإن هذا النوع من المراكز المستقلة تقودنا إلى معرفة الواقع، ورصد الجوانب والقوى المؤثرة فيه، وكذلك ترصد الأحداث الإيجابية وتحللها وتستكشف خلفياتها وأبعادها وآثارها.

وهنا أقول للمركز إذا كانت تلك أهدافه إن المشاركة المجتمعية التطوعية التي تأخذ على عاتقها تطوير الفرد بعيدا عن التجاذبات السياسية أو الطائفية، هي التعبير العملي عن العقد الاجتماعي الطوعي، لا في مفهومه فحسب، بل في واقعة العملي أيضا، إذ تعيد هذه المشاركات إنتاج العقد الاجتماعي وتؤكده كل يوم، أي إنها تعيد إنتاج الوحدة الوطنية وتعزها كل يوم، وهذه أي الوحدة الوطنية من أهم منجزات الحداثة، ولاسيما الاعتراف بالحقوق الناجمة عن الاعتماد المتبادل بين مختلف الفئات الاجتماعية وإسهام كل منها في عملية الإنتاج علي الصعيدين المادي والمعنوي.

نحن هنا لسنا بصدد تقييم عمل الجمعيات السياسية ولكن ما أردنا قوله، إن نشاط أي عمل اجتماعي تطوعي، يشهد لصاحبه أو عليه، فأهداف العمل المجتمعي بمعناها في نفس من يتبناها، لا بمعناها في نفسها، وهو حين يتبناها فإنها تحكم عليه أكثر مما يحكم هو عليها.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً