العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ

السكن المناطقي

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

السكن المناطقي خيار لم يبتدعه المواطن، بل هو إرث حافظت عليه البحرين منذ قديم الزمان، لذلك نجد أن هناك مناطق لا تزال تحافظ على عاداتها وتقاليدها وصناعاتها التراثية الشعبية حتى الآن، بعد أن توارثها الأبناء عن الأجداد جيلا بعد آخر، ولو كان الأبناء يقيمون في مناطق بعيدة عن آبائهم لما استطاعوا تعلم أية حرفة.

وتتمتع قرى ومناطق البحرين بخصوصية قلما توجد في بلدان أخرى، ومن بينها اختلاف اللهجات، ونمط المعيشة، وأسلوب بناء البيوت، والموروث الاجتماعي، وأمور أخرى حافظت عليها منذ عقود طويلة، وزيارة واحدة إلى قرية صدد تكشف الفرق بينها وبين جزيرة سترة التي يتحدث أهلها بلهجة مغايرة، على رغم أن المنطقتين تقعان في محيط جغرافي محدود صغير المساحة.

والمحرق لا تزال تحتفظ ببيوتها القديمة وممراتها الضيقة التي تروي تاريخا ضارب في الجذور، وتحكي قصة بلد اعتمد سكانه على استخراج اللؤلؤ والصيد البحري، وأهلها ملتصقون بها ويرفضون العيش في مناطق بعيدة، حتى وإن كانت في محافظة العاصمة التي لا تبعد عنهم سوى كيلومترات معدودة.

ومن هذا المنطلق، استوحت وزارة الإسكان فكرة مشروع امتدادات القرى، الذي يستهدف بشكل رئيسي الحفاظ على هوية المناطق وتاريخها التليد، وإبقاء أبنائها الذين تربوا في أزقتها وتنفسوا هواءها بين آبائهم في بيئة اعتادوا على نمطها المعيشي، بدلا من نقلهم إلى مكان يبعدهم عن مواقع عملهم، ويحرمهم من التواصل مع أهلهم وأقربائهم.

وفي أكثر من لقاء شعبي لأهالي المدن والقرى مع عاهل البلاد، شدد جلالته على أهمية الحفاظ على الترابط الاجتماعي والتقارب الأسري، لأن ذلك من شأنه أن يقوي دعامة المجتمع وقدرته على مواجهة الصعاب والشدائد، ويكفل للأبناء الذين أقاموا مع آبائهم في أسر ممتدة في بيت واحد، السكن إلى جوار أهاليهم، فكثير من كبار السن هذه الأيام بحاجة إلى الرعاية والاهتمام.

و«النويدرات» واحدة من القرى التي أيدت القيادة السياسية إنشاء مشروع إسكاني فيها يلبي احتياجات أبنائها وأبناء القرى المجاورة لها، وأدرج ضمن مفهوم «امتدادات القرى» الذي تبنته وزارة الإسكان، فإذا تبين لها في هذا الوقت أن هذه الخطوة تمثل سلبا لحقوق أصحاب الطلبات القديمة ضمن دفعة 1992 وما بعدها، فإن اللوم يقع عليها بالدرجة الأولى لأنها لم تدرس الفكرة من جميع جوانبها السلبية والإيجابية قبل تنفيذها، ومن غير اللائق أن يدفع أهالي القرى الأربع (النويدرات، والمعامير، العكر الشرقي، العكر الغربي) ثمن هذا الخطأ.

أهالي مدينة عيسى والرفاع والمناطق الأخرى الذين استفادوا من توزيع بيوت مشروع «النويدرات الإسكاني»، يستحقون كل خير، ولا نتمنى أن تسترجع منهم مساكنهم بعد أن أنهكهم الانتظار لسنوات طويلة، ولكن من الضرورة الاتفاق على آلية بناء المرحلة الثانية من المشروع بعيدا عن التسميات المشوهة (هورة سند مثالا)، فإذا كانت امتدادا للقرى فيجب أن تحدد منذ الآن وإلا فلتترك مشاعة للجميع، وأن تعامل المشروعات الإسكانية في كل المناطق بهذا الأسلوب، وأن لا يكون هذا المشروع هو كبش الفداء.

التعامل المزدوج مع الملف الإسكاني لا يخدم الوحدة الوطنية، بل يخلق حالة من الصراع والتجاذبات التي لا يتمناها عاقل لأبناء وطنه، فإحدى الصحف المحلية تحارب «امتدادات القرى»، ولكنها بالأمس نشرت خبرا عن مشروع إسكاني سيلبي احتياجات أهالي قرية في المحافظة الجنوبية لمدة 30 عاما، بل والتقت ساكني المنطقة وسجلت فرحتهم وسعادتهم بالمشروع، فلماذا تستميت لانتزاع فرحة الآخرين منهم كما لو أنهم يعيشون في كوكب آخر؟

الدولة مطالبة بقطع الجدل النيابي البلدي الحاصل بشأن «امتدادات القرى» بتوضيح مصير هذا التوجه مستقبلا، إذ إن الصمت المطبق الذي تفرضه وزارة الإسكان، يزيد الوضع سوءا ويترك البلد على مفترق طرق، وهو وضع بلا شك غير مقبول.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • حبيب | 7:11 م

      فعلا أزدواجية في التعامل

      وأنا على يقين ومستعد لتحمل كلامي؟ لن يحصل أصحاب الطلبات القديمة على وحدات سكنية، بل من سيحصل عليها هم حاشية المنبر وبطانتهم لأن هؤلاء العصابة من المحال أن تطالب لغير بطانتهم ولا أعتقد أن أحدا من حاشيتهم طلبه قديم، وإن غد لناظره لقريب، سترون كيف يتم تجاهل أصحاب الطلبات القديمة من الرفاع ومدينة عيسى ممن ليس لهم ناصر ينصرهم، بل ربما يأتون ببطانتهم التي تقطن المحرق والقضيبية والحورة. نعم وأسفاه على بلد وقع في عصبة تدعي الدين والدين منها بريء!!!

    • حبيب | 7:02 م

      فعلا تعامل مزدوج

      المشاريع الإسكانية في البسيتين والحد والرفاع فقط لأهل المنطقة حفاظا على النسيج الإجتماعي والمشاريع الإسكانية في القرى المهملة التي تفتقر لأبسط الخدمات لا يجوز نسيان أصحاب الطلبات القديمة. ما هذا المنطق؟ لماذا تم نسيانهم في مشاريع المناطق الآنفة الذكر؟ الإجابة ببساطة جمعية المنبر الناطق الرسمي بأسم الحكومة والتي لم يجف حليب السلطة عن شفتيها أستطاعت أن تنال حصة لا بأس بها من الكعكة، والمشكلة أن الجمعية تدعي الإسلام وتزعم أنها تريد إنصاف الجميع، لماذا لم تنصفوا أصحاب الطلبات القديمة في البسيتن؟

    • زائر 6 | 5:55 ص

      عدلوا قراراتكم

      ووزعوا على الاقدميه اللي صبرووا سنين وحارسوا موتعطون الطلبات الجديده اللي ماصار ليها شي او ترضون المجنين على حسابنا انصفونا ونبي عدل بالتوزيع ......مدينه عيسى

    • زائر 5 | 5:54 ص

      لمتى بنحارس لمتى

      طلبي 99 من مدينه عيسى لمتى بحارس ترا اناساكن بغرفه ويااولادي وين اروح وراتبي قليل مااقدر اخد شقه ابي بيت ياوزاره الاسكان متى بتعطونا بيووووت ولمتى بنحارس لمتى

    • زائر 4 | 5:51 ص

      الاحقيه للطلبات القديمه

      احنا طلباتنا قديمه ترى ياجماعه يامسئولين نبي بيوووت تعطون الطلبات الجديده الااحنا تقولون ماعندنا اراضي احنا موافقين باي ارض تعطونا ماعننا مانع المهم بيت ياااجماعه ترى ظالمينا احنا اهالي مدينه عيسى لمتى يعني بتحسون فينا لمتى طلبات التسعينات بتم معلقه

    • زائر 3 | 5:49 ص

      مدينه عيسى

      وايد نسمع عن مناطق وقرى يحصلون بيوت الامدينه عيسى ماليها ذكر ولاطاري طلباتنا قديمه من 92 الى 99 مانشوف شي يتغير نبي بيوووت نبي حل لينا ترا ليهال كبروا لمتى يعني

    • زائر 2 | 5:48 ص

      انا ابني معاق وساكن بمكان ضيق

      انا من المينه وعندي معاق وساكن بغر فة ضيقه وكل اجهزته ويانا بالغرفه وماحد يحس ولايشعر بالمعاناه انا من طلبات التسعينات صبرت واي ب وين الانصاف والعدل ناس بعي تحصل الاانا

    • زائر 1 | 4:49 ص

      الحق ان يرجع الحق الى اهله

      لاتعليق

اقرأ ايضاً