العدد 2528 - الجمعة 07 أغسطس 2009م الموافق 15 شعبان 1430هـ

ثورة تركية على التدخين (2)

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

يُعتبر المقهى أو «القهوة» جزءا لا يتجزّأ من الثقافة أو الفولكلور التركي؛ فمثلا من المشاع أن مدينة اسطنبول تحتوي على 170,000 مقهى، بل إن الإحصاءات الرسمية تتحدث عن وجود كثافة عالية من المقاهي في بعض المقاطعات التركية؛ فعلى سبيل المثال يوجد مقهى لخدمة كل 203 أشخاص في مقاطعة تيكرداغ.

في مقال الأسبوع الماضي تحدثنا عن قرار الحكومة المركزية لمنع التدخين داخل جميع الأماكن العامة منذ 19 يوليو/ تموز شاملا المقاهي. خلال الفترة الماضية قدمت وسائل الإعلام تقارير خبرية للتدقيق عن مدى التزام أصحاب هذه المقاهي بالقرارات ومن ثم مشاهدة طرائف محاولاتهم للمحافظة على الزبائن؛ فالحاجة أمُّ الإختراع. فعلى سبيل المثال، قام أحد المُلاك بنقل المقهى إلى الدور العلوي المكشوف في البناية ولمساعدة الزبائن لتحمُّل قيظ الحرارة العالية لفصل الصيف فقد قام بمد خرطوم مياه ومن ثم تبليل أقدام الزبائن المُصرِّين على التدخين بالماء الفاتر بين فترة وأخرى. أما من الناحية المأساوية فقد خسر أحد مديري المقاهي حياته بعد جريمة إطلاق النار من أحد الزبائن بعد رفضه تنفيذ أمر عدم التدخين.

لدراسة العشق التركي والآثار الاجتماعية لثقافة المقاهي فقد قام أحد الأكاديميين الأتراك حديثا بإصدار كتاب ممتع بعنوان «Kahvehane Kültürü» أو «ثقافة المقهى» لكشف ستار أغوار هذه العلاقة الحميمة وقد تم دعم هذه الدراسة بالإحصائيات الرياضية بعد استبانة لـ 1000 مقهى/ عيّنة من مناطق متفرقة في الجمهورية التركية.

الدراسة الاجتماعية حملت بعض المفاجآت غير المتوقعة. فعلى سبيل المثال، أوضحت المعطيات البحثية نوعية الشرائح المجتمعية المختلفة التي تنتظم في الذهاب إلى المقهى، وخلافا للمتوقع فقد وجد أن العاطلين عن العمل يمثلون 8 في المئة فقط من الشريحة، أما الشرائح الرئيسية الباقية فيتوزّعون كالتالي: طلاب (16 في المئة)، مستقل بعمله (16 في المئة)، عمّال (15 في المئة)، موظفون في قطاع التجارة (13 في المئة)، ومدرسون (5 في المئة). و قد وجدت الدراسة أن المتزوجين يمثلون نصف زبائن المقاهي وبحسب نتائج الاستبانة فإن أسباب الذهاب إلى المقاهي تنحصر في سببين: اللعب (56 في المئة) والمحادثة مع الأصدقاء (34 في المئة). أما اللعبة المفضلة في قاعات المقاهي فهي لعبة الأوكي (OK) المشهورة في تركيا.

لاشك أننا نحتاج إلى بعض الدراسات الاجتماعية والصحية الموثقة بالأرقام لفهم نفسية المدخنين و «المشيشين» في مقاهي البحرين. ففي هذه الأيام وبسبب حرارة الجو، يجبر زبائن معظم المقاهي الشعبية من الشباب بتدخين الشيشة في قاعات مغلقة مع ضعف ظاهر في معظمها من ناحية التهوية السليمة مسببة أمراضا خطيرة في أجهزة التنفس واحمرارا في العيون و تلوثا غير طبيعي لرائحة الملابس.

التدخين في الأماكن المغلقة يجب أن يُمنع حماية لأرواح وصحة المجتمع، فقد نجحت المملكة في تطبيق سياسة منع التدخين في المجمعات التجارية والمطاعم، وأقترح أن يتم تمديده ليتم تنفيذ هذا الأمر في الأماكن المغلقة في المقاهي؛ حيث العواقب أشد على جيل الشباب، وتستطيع الدولة مشاركة شرطة المجتمع في أمور الرقابة على المخالفين وتحصيل الجزاء المالي. لا أشك قيد أنملة، أن معظم الأمهات والزوجات والرأي العام سيؤيدون قرار المنع؛ فالتدخين و «التشييش» هلاك للعمر والصحة والمال بشهادة العقلاء.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2528 - الجمعة 07 أغسطس 2009م الموافق 15 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً