العدد 2532 - الثلثاء 11 أغسطس 2009م الموافق 19 شعبان 1430هـ

اتركوا المجال لأوباما ليقود عملية السلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يواجه الرئيس أوباما ببطولة تحديات محلية ودولية على جبهات عدة. ومن الأمور الدولية التي تشكل أولوية كبرى للرئيس تشجيع الأمن الدائم لـ «إسرائيل» من خلال صفقة سلام مع العرب. إلا أنه يواجه عوائق من سياسيين يفسرون السلام المبني على العدالة من خلال الدفاع عن طرف واحد.

يحاول المشرّعون الذين يبالغون بحماية «إسرائيل» دفاعا عنها أن يُبطِئوا من قوة الاندفاع المتزايدة نحو عملية سلام واعدة في الشرق الأوسط. ففي الأسبوع الماضي قام السيناتور إيفان بي (ديمقراطي من إنديانا) والسيناتور جيمس ريش (جمهوري من أيداهو) بتوزيع رسالة على زملائهم أعضاء مجلس الشيوخ لتوقيعها، تطلب من الرئيس أوباما الضغط على الدول العربية لإظهار «إيماءات درامية» تجاه «إسرائيل».

وتطلب الرسالة من القادة العرب فتح حدود جديدة وتوسيع التعاون وتحسين الطرح الكلامي تجاه الدولة الصهيونية. الغريب في الأمر أن هذه الحركة التشريعية لم تحتوِ على أي فرض مقابل لوقف توسع المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية. يتوجب على عضوي مجلس الشيوخ من إنديانا وأيداهو أن يدركا أن الدول العربية ليست في موقع الآن لتقديم وعود جديدة أكثر من مبادرة العام 2002 للسلام، والتي تعتبر بحد ذاتها بعيدة الأثر ودرامية بطبيعتها.

تبدو رسالة عضوي مجلس الشيوخ من منظور سطحي عادلة ومتزنة، فهي تطالب أن تعمل جميع الأطراف باتجاه السلام. إلا أن الرسالة المحورية فيها هي أن الدول العربية لا تفعل كل ما بوسعها من أجل السلام، بينما تعمل «إسرائيل» جاهدة في هذا الاتجاه.

كما تعطي الرسالة التي يجري توزيعها الانطباع الزائف أن أوباما يسرع باتجاه صفقة سلام قبل أن يطلب من الدول العربية الالتزام بتطبيع العلاقات وهذا ليس صحيحا، فالرسالة إضافة إلى ذلك تهدد بإفشال عمل الفريق المنظم المتناسق في مجال عملية السلام، والذي يتم الآن على مستوى سري لجعل جميع الأطراف على أقصى حد من المرونة في الإعداد لمفاوضات اللعبة النهائية.

واقع الأمر أن رسالة بي - ريش تعمل بشكل غير بنّاء على تقوية موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتشدّد.

يَعتَبِر رئيس الوزراء عملية تجميد توسيع الإسكان غير القانوني على أنه اعتراف بالذنب. يستاء نتنياهو من تحدي معتقداته بأن الاستيطان موجود من أجل أمن «إسرائيل»، وينظر إلى الاستعداد لتجميد المستوطنات على أنه تنازل من طرف واحد. تعتبر المستوطنات بالنسبة له بطاقات للمساومة.

يتوجب على عضوي مجلس الشيوخ من إنديانا وأيداهو أن يتذكرا أن عرض السلام الذي قدمه العرب العام 2002، والذي مازال ساري المفعول اليوم يشترط سيناريو الدولتين، الذي يُخصص فيه لـ «إسرائيل» 78 في المئة من الأراضي الواقعة بين الضفة الشرقية لنهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بينما يُخصص للدولة الفلسطينية 22 في المئة هي الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. وقد تعهدت 22 دولة عربية بتطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، وهو تعهد يعني ضمنيا الاستعداد لاستيعاب ملايين اللاجئين الفلسطينيين من سورية ولبنان والأردن. ما هي «الخطوات الدرامية» الإضافية التي يتوجب على الدول العربية تقديمها تجاوبا مع الرسالة؟

يتطلب تطبيق خطة السلام العربية لعام 2002 عملا مضنيا وتسامحا ومغفرة من كل من الطرفين، ومن المفترض أن يولّد التقدم على طاولة المفاوضات نيّة حسنة وأن يعمل على تحسين العلاقات العربية اليهودية.

ويُتوقَّع من عملية السلام، لدى انكشاف تفاصيلها أن تولّد «سمات درامية» إضافية. ستبرز علاقات محسّنة بشكل درامي عندما يقبل اللاجئون بالتعويض عن خسارة أراضيهم وعندما تقبل «إسرائيل» قدسا مشتركة.

هل هناك توقعات بمزيد من الدراما؟ تهدف حدود عملية السلام هذه إلى جعل حماس تقبل بدولة «إسرائيل»، وتجعل «إسرائيل» تغيّر لهجتها في التواصل مع العرب.

هل هناك حاجة لمزيد من التسوية؟ يتوقع أن يجعل التقدم في المفاوضات العرب يدركون معاناة جميع اليهود، بمن فيهم هؤلاء الذين هاجروا تحت الضغط من العالم العربي. سيُؤدّي التحرك في المفاوضات بالإسرائيليين إلى الاعتراف بالمعاناة التي تسببوا بها عندما أخرجوا الفلسطينيين من ديارهم.

تطلب الرسالة تحقيق نتائج السلام بصورة مبكرة سابقة لأوانها. لن يتوقف العرب والإسرائيليون عن إضفاء الشيطانية على بعضهم إلا من خلال المفاوضات. سيأتي الاختراق باتجاه السلام عندما يلتزم العرب واليهود بالعمل معا للتعامل مع الفقر ونقص المياه والتهديدات البيئية والمخاطر الصحية وحقوق الأقليات.

قد يحسن الكونغرس الأميركي صنعا إذا أرسل وبشكل منفصل رسالة رعوية تمتدح عملية السلام وتطلب من المجتمعين العربي واليهودي المساعدة على الإعداد للسلام من خلال وسائط إعلامهم ومدارسهم ومؤسساتهم الدينية.

ترتكز رسالة بي - ريش على سوء فهم مفاده أنه من خلال الإسراع لإسكات العرب وإشباع رغباتهم، يتجاهل الرئيس أوباما احتياجات «إسرائيل» الأمنية الأساسية. إلا أن أعضاء مجلس الشيوخ الذين يوقعون هذه الرسالة لا يخدمون مصالح «إسرائيل» على المدى البعيد. يتوجب عليهم أن يدركوا أن كلا الشعبين مستعد تقريبا لبدء محادثات جادة حول منتج سلام تغيّر اللعبة.

*الأمين العام السابق لمجلس الكنائس العالمي ومركزه جنيف، ويساهم بشكل مستمر من خلال العمود الذي يكتبه حول قضايا السلام والعدالة الاجتماعية والعلاقات العربية الأميركية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2532 - الثلثاء 11 أغسطس 2009م الموافق 19 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً