العدد 2570 - الجمعة 18 سبتمبر 2009م الموافق 28 رمضان 1430هـ

حركة المدن البطيئة

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

فلسفة التنمية المستدامة تعتمد على 3 ركائز رئيسة هي النمو الاقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، والنمو الاجتماعي. عملية التكامل بين هذه الركائز الأساسية الثلاث ستؤدي حتما إلى تنمية حقيقية بحيث تحقق حاجة الجيل الحاضر من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق حاجاتها.

إحدى الحركات الحديثة والمهتمة بتنمية مفهوم الاستدامة تعرف بالمدن البطيئة «Cittaslow» بالإيطالية أو «Slow City» بالإنجليزية. هذه الحركة نشأت في إيطاليا في العام 1999 ومن ثم انتشرت حتى الآن في نحو 120 مدينة في 16 دولة على وجه المعمورة مثل بريطانيا، تركيا، كوريا الجنوبية، استراليا، سويسرا، وكندا.

فكرة المدينة البطيئة نبعت من فكرة «حركة الطعام البطيء» وهي منظمة أسست في إيطاليا في العام 1986 لمجابهة افتتاح المطاعم السريعة وتهدف الى تثقيف الرأي العام الى الأخطار الضارة والسلبية لهذه النوعية من الأطعمة على صحة وسلامة الإنسان وتشجيع المنتجات الزراعية العضوية والعديد من الخطوات التثقيفية للعادات الاستهلاكية والحملات التطويعية لتغيير السياسات الحكومية في مجال الزراعة.

البطء والسرعة كلمتان متضادتان لكن بالنسبة إلى استخدام هذين الوصفين للتعبير عن حال تطور المدن فهذا لا يعني حالة من التخلف في حال قبول مسئولي التخطيط بالتحكم وكبح وتيرة البناء المتسارعة. حقيقة، قد تكون السرعة في مجال النمو الحضري هي مبتغى معظم القيادات السياسية لأنها تسهم في بعث سمات المدنية في عصر العولمة والرأسمالية المعاصرة. لكن الأمراض الجانبية للحياة السريعة قد تسبب عدم التمتع بنوعية مناسبة من جودة الحياة لسكان هذه المدن بسبب عدم اكتمال البنية التحتية للمجتمعات البشرية مؤدية الى حدوث مشاكل متعددة مثل الاختناقات المرورية والضجيج والتلوث والمشاكل البيئية المصاحبة.

مفهوم المدينة البطيئة هي فلسفة مغايرة لعصر العولمة والحياة السريعة فهي تدعو الى تطبيق السياسات البيئية المناسبة والمصممة للحفاظ وتطوير المحيط المجاور مع تشجيع تدوير المخلفات البلدية، وتطبيق معايير مناسبة لمشاريع البنية التحتية بحيث تدعو الى خفض استخدام الأراضي باستخدام التكنولوجيا المناسبة، وتشجيع استخدام التكنولوجيا في المجال البيئي، وتشجيع المنتجات الزراعية المحلية ودعمها، وتشجيع جودة حسن الضيافة وإصلاح المعوقات الثقافية، وأخيرا، تشجيع الوعي لمواطني المدينة البطيئة وخاصة لجيل الشباب عن أسلوب الحياة الجديد لزيادة المشاركة الشعبية.

من حق أية مدينة أو مجتمع سكاني لا تتعدى نفوسها 50 ألفا أن تتقدم بالترشيح لأن تصبح مدينة بطيئة في حال تنفيذها 55 من الاشتراطات المطلوبة من قبل جمعية المدن البطيئة. هناك العديد من الإيجابيات في حال النجاح والحصول على عضوية هذا المجتمع، فعلى سبيل المثال العديد من المدن العالمية غير المعروفة في عالم السياحة تحاول ترويج نفسها الى فئات مهمة من السياح عن طريق الوعد بتقديم خدمات مميزة تبدأ من توفير البيئة ذات الطبيعة الخلابة والنظيفة واستخدام الطاقة المتجددة والاتصالات اللاسلكية. أما البلديات المشتركة فتقوم بتوفير البرامج التدريبية لسائقي التاكسي لرعاية توفير خدمة مناسبة من حسن الضيافة للسياح.

من الممكن لبعض الجزر الجديدة في المملكة النجاح في الحصول على عضوية هذه العصبة من المدن العالمية فهل سنرى مدينة بطيئة قريبا؟

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2570 - الجمعة 18 سبتمبر 2009م الموافق 28 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً