العدد 2573 - الثلثاء 22 سبتمبر 2009م الموافق 03 شوال 1430هـ

العيد... فرح وعطاء

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

اليوم هو يوم الثلثاء... واليوم هو ثالث أيام عيد الفطر المبارك. واليوم يحتفل كل المسلمين بهذا العيد... واليوم يحتفل كل مسلم على طريقته... واليوم يجمع فرحة المسلمين، رجالا ونساء وأطفالا.

نفرح اليوم - جميعا - لأن الله - سبحانه - أكرمنا بشهر الصيام، وهو خير الشهور، وأكرمنا بليلة القدر فيه، وهي أفضل ليلة في العام، ونفرح لأننا نأمل من الله أن يتقبل صيامنا وطاعتنا لنفوز برضاه وجنته... وحري بالله - سبحانه - أن يفعل ذلك!

ونفرح بالعيد لأننا مررنا بأيام عبادة سابقة يجب أن نفرح اليوم لأن الله أعاننا على قضائها فلابد من شكره، والفرح جزء من هذا الشكر... وأيامنا يجب أن فرحا كلها مهما كان ظاهرها!

ومن تأمل قول رسولنا الكريم: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير... إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له... وليس ذلك لأحد إلا المؤمن».

المؤمن يجب أن تكون لديه القدرة لكي يجعل حياته خيرا كلها... والفرح مع الخير متلازمان.

أما الحزين البائس فهو الذي يضيف إلى بؤسه وحزنه أشياء مثلها من دون ما يبرر ذلك، فيزيد همه هموما أخرى، ولا يحقق شيئا من الخير له، ولا لمن حوله.

صناعة الفرح متعة، وإضفاؤها على من حولك سعادة، وهي قبل هذا وبعده عبادة، فأي شيء أحسن من هذا وأمتع منه!

الأب يفرح عندما يرى أبناءه وزوجته سعداء من حوله أيام العيد... والزوجة تفرح عندما تدخل السعادة على زوجها وأبنائها أيام العيد... والجار يفرح عندما يشاهد مظاهر السعادة على جيرانه أيام العيد... والمسئول يفرح عندما يشاهد الناس سعداء فرحين أيام العيد... وهكذا يتحول المجتمع كله إلى مجتمع سعيد ينبض بالحياة السعيدة... وهكذا يتعلم المجتمع كله كيف يفرح طول العام، وكيف يجعل أيامه كلها سعادة.

وعوامل الفرح كثيرة... منها لبس الثياب الجديدة، والمظهر الخلاب البهيج... لكن الأكثر والأهم... أن يكون ما في داخلنا أبيض نقيا مثل مظاهرنا الخارجية... نفرح لكل أحد... نحب الناس، نسعد معهم وبهم... العيد كله فرح... لكنه - أيضا - كله عطاء... هكذا أفهمه... وهكذا أتمناه.

زيارة المرضى وإدخال السرور على أنفسهم عطاء مهم أيام العيد... إدخال الفرحة على نفوسهم يجب أن يفرحنا - أيضا - كما يفرحهم زيارة الفقراء والمحتاجين... تفقد حاجاتهم... إدخال البهجة على قلوبهم يجب أن لا ننساه أيام العيد.

كم دعوة من فقير أو محتاج نكون أحوج ما نكون إليها هذه الأيام، وديننا يحثنا على الوقوف مع كل محتاج، هذه الأيام وكل الأيام.

زيارة المساجين، وتفقد أحوالهم، وتقديم العون لهم، فرصة يجب أن لا تضيع.

لا أريد التحدث عن زيارة الأقارب لأنها - في ظني - لا تحتاج إلى من يذكر بها، لكني أقول: إن من أهداف العيد، وبعد صيام رمضان، أن لا نجعل في قلوبنا غلا على أحد، وخاصة ذوي القربى.

العيد فرصة نادرة لكي تصفو نفوسنا مع الجميع... ورسولنا الكريم يتحدث عن المتقاطعين ويقول: إن خيرهما من يبدأ بالسلام على أخيه! أفلا نحب أن نستمتع بالحصول على ذلك الوصف الجميل من رسولنا الكريم فنكون الأفضل؟

العيد فرح وعطاء، نفرح ونعطي من يستحق لكي يفرح هو أيضا، نفرح عندما نبني أنفسنا، ونفرح عندما نبني مجتمعنا، ونفرح حينما نسهم في بناء أمتنا، ونفرح عندما نعمل لنكون مجتمعا قويا متماسكا.

هذا هو العيد الذي أتمناه... وهذا هو العيد الذي أفهمه، وفي العيد يجب أن لا ننسى إخواننا في غزة، فمنهم المريض، ومنهم المحتاج، ومنهم الأطفال الذي لا يجدون ما يفرحون له، يجب أن نواسيهم بكل ما نملك، نتذكر أنهم محاصرون، ونعرف أن من فرّج عنهم في الدنيا فرج الله عنه في الآخرة.

والمسجد الأقصى، هو الآخر محاصر، يمنع عنه المصلون، تهدم أركانه، يعمل الصهاينة على هدمه.

ألا يستحق هذا المسجد الطاهر أن نعمل من أجله شيئا!

نعم، العيد فرح، لكنه أيضا عطاء، والعطاء الطيب سعادة وفرح، والمسلم الطيب خير كله، أينما حل أو أرتحلل، ولنعمل - جميعا - لنجعل من عيدنا بداية لعطاء نقطف ثماره عما قريب، فلنكن مع الله، ليكون الله معنا، ومن كان الله معه فلن يخيب.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2573 - الثلثاء 22 سبتمبر 2009م الموافق 03 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً