العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ

مخيم عين الحلوة مخيم خريطة الطريق

منى سكريه comments [at] alwasatnews.com

.

تتباين التفسيرات السياسية سيما الفلسطينية بشأن الاشتباكات المسلحة التي دارت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين والذي يقع بالقرب من مدينة صيدا في جنوب لبنان (تبعد حوالي 50 كلم عن العاصمة بيروت).

والسبب في عدم الامساك بتفسير واضح كي لا يقال محدد، هو هذا التشابك السياسي المحلي الفلسطيني، والمحلي اللبناني، والعامل الاقليمي بتطوراته المعقدة بعد الاحتلال الأميركي للعراق وتداعياته السياسية، وخريطة الطريق ونتائجها التي لم تحسم لجهة التمثيل السياسي الفلسطيني في الاراضي المحتلة والمتمثلة بمحاولات إقصاء زعامة ياسر عرفات وتكريس نفوذ أبو مازن، وهي في قلب المشكل الرئيس المتعلق بالتوطين أو حق العودة ومصير اللاجئين في لبنان. كما أنها ليست بعيدة عن مسالة تخص نزع أو عدم نزع سلاح «الاسلام السياسي».

لهذه الأسباب مجتمعة، من دون أن ننسى الجوانب المعيشية القاهرة التي يعيشها ابناء المخيمات الفلسطينية من تصاعد نسبة البطالة الى عدم القدرة على تامين لقمة العيش الى الشعور بالمصير المجهول بسبب تعقيدات الوضع العربي والعالمي الخ... إضافة الى كل ذلك يبقى مخيم عين الحلوة عرضة للصراعات المسلحة التي تهدأ أحيانا وتتجدد أحيانا اخرى.

ولكن لماذا هذا المخيم بالذات هو من يشهد هذا الاقتتال وهذه التصارعات ؟

- إن مخيم عين الحلوة وتبلغ مساحته كلم مربع واحد توجد فيه مختلف القوى الفلسطينية المسلحة (يبلغ عدد سكان المخيم حوالي 40 ألف نسمة وهناك من يقول إنهم 70 ألفا) وهو لم يخضع إلى الآن الى السيطرة الأمنية اللبنانية أو نفوذ الأمن السوري كما باقي مخيمات لبنان المنتشرة على أراضيه. كما أن المخيمات الواقعة الى الجنوب من مخيم عين الحلوة تخضع لسيطرة حركة فتح بالدرجة الاولى.

- لأن المخيم ساحة للتجاذبات السياسية لمختلف القوى تحركت حركة فتح في لبنان بقيادة سلطان أبو العينين وبالاستناد كما يؤكد أكثر من مصدر إلى قرار من قيادة فتح في الأراضي المحتلة بزعامة عرفات لمواجهة القوى الاسلامية في المخيم للإمساك بورقة اللاجئين والتفاوض المستقبلي بشأنها.

- هناك من يقول إن للسلطة اللبنانية مصلحة في عدم انتصار فريق على آخر داخل المخيم وأيضا في عدم الدخول إليه في الوقت الراهن. فالدولة اللبنانية تصر على التعاطي مع مشكلة اللاجئين على أنها حق بالعودة وليس بالتوطين نظرا للمخاطر الديموغرافية التي ستترتب على هذا الأمر في حال حصوله.

- إمساك عرفات بورقة اللاجئين في لبنان لمواجهة نفوذ ابو مازن في الداخل.

ولكن هل نجحت محاولات «فتح» بتأكيد نفوذها في مخيم «عين الحلوة» الاستثنائي في الصراع الفلسطيني - الفلسطيني، والفلسطيني - العالمي؟

مصدر سياسي مطلع أكد لـ «الوسط» أن فتح أخفقت في ترسيم نفوذها في المخيم والسبب يعود الى أن:

- جميع المقاتلين من التنظيمات الاسلامية الفلسطينية في المخيم وأولئك اللبنانيين المختبئين والمطلوبين للعدالة اللبنانية قاتلوا وبشراسة ضد عناصر حركة فتح ما شكّل عامل المفاجأة لهؤلاء، وأوقع عددا من القتلى في صفوفهم مما لم يكن متوقعا.

- أن المجموعة الأصولية الاسلامية تعيش في المخيم وظهرها الى الحائط، بمعنى أن عناصرها مطلوبة للعدالة (حوالي 200 مطلوب) وجميعهم يدرك أنه إذا خرج من المخيم سيكون في قبضة العدالة.

- إن هؤلاء الاصوليين قاتلوا نيابة عن تجربة عدم السماح بنزع أسلحة التنظيمات الاسلامية في غزة مثلا.

لا يوجد أي امتداد عسكري أو سياسي لجماعة عصبة الأنصار وجمعية النور خارج مخيم عين الحلوة، لكنهم يتقاطعون مع قوى أصولية إسلامية لبنانية. كما أن لا وجود لهم داخل فلسطين المحتلة.

ولكن يبقى ان سلاح «الاسلام السياسي هنا كما سلاح الاسلام السياسي هناك».

إشارة لابد منها هو أن حركة حماس والجهاد الاسلامي داخل المخيم لعبتا دور التهدئة السعي إلى منع الاقتتال ورعاية الحوار لقناعتهم ان مشروعاتهم هي داخل فلسطين وليس في لبنان. وكذلك فعلت القوى الديمقراطية الفلسطينية الأخرى.

هل هدأت في مخيم عين الحلوة، أو بالأصح متى ستتجدد الاشتباكات بين فتح والقوى الأصولية؟

هناك أسباب أدت الى إيقاف الاقتتال الحالي وأبرزها:

- الشعور بالقرف لدى أبناء المخيمات، وعدم قناعتهم بجدوى هذا الاقتتال الذي لم ولن يخدم الانتفاضة.

- عدم قدرة أي من الطرفين على الحسم.

القناعة لدى القوى الاصولية بعدم السماح لها في السيطرة لان فتح ستحول الاشتباكات إلى حرب مفتوحة.

- القدرة المالية لدى حركة فتح بما يسمح لها بتمديد نفوذها.

أن مخيم عين الحلوة سيبقى صورة عن كل الأوضاع: تأكل من الداخل وصدى للمسرح السياسي العالمي بتطوراته كافة.

يقول عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية المحامي سهيل الناطور بشيء من المرارة إن مراسل شبكة سي ان ان الاميركية سأله كيف يمكن لي أن اشرح لمواطن فلسطيني واخر لبناني يعيشان في أميركا عن الذي يجري داخل عين الحلوة؟

ويجيب قائلا لنفسه: إن الجواب المتكرر دائما هو في القدرة على الإحساس بالمسئولية لدى الجميع

العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً